أعلنت عدد من القوى الكردية السورية، اليوم، رفضها التام المشاركة في الحكومة الجديدة التي أعلن عنها الجولاني، زعيم هيئة تحرير الشام السابق، مشيرة إلى أن هذا القرار يأتي كرد فعل طبيعي على سياسات الإقصاء والتهميش التي يتبعها النظام الجديد. ومع ذلك، يبرز تساؤل حول مدى صدقية هذه المواقف، إذ لم يتم دعوة الأطراف الكردية للمشاركة في الحكومة أصلاً، مما يعكس حالة من التجاهل الكامل لوجودهم السياسي والاجتماعي.
إقصاء متعمد أم رفض متبادل؟
في بيان رسمي، أكدت “المجلس الوطني الكردي”، أحد أبرز التمثيلات السياسية للأكراد في سوريا، أن “رفض المشاركة في حكومة الجولاني يأتي بسبب عدم توافقها مع مبادئ الديمقراطية والتعددية، بالإضافة إلى سياساتها التي تستهدف إقصاء كافة المكونات غير السنية”. وأضاف البيان أن “الأكراد لن يكونوا جزءاً من نظام يستخدم الدين كغطاء لتبرير الاستبداد والإقصاء”.
من جهة أخرى، يشير مراقبون إلى أن الجولاني لم يقم أساساً بدعوة أي من القوى الكردية أو غيرها من المكونات السورية للمشاركة في تشكيل الحكومة الجديدة. بدلاً من ذلك، اختار بنفسه 22 وزيراً دون أي استشارة أو تمثيل للتنوع السوري. هذا النهج يعزز الاتهامات بأن الجولاني يتعمد تجاهل الكورد وغيرهم من المكونات، مستفيداً من الدعم الاوربي و الامريكي و التركي و العربي.
الجولاني وسياسة “الهيمنة الواحدة”
منذ تسلمه السلطة، اتبع الجولاني استراتيجية واضحة تهدف إلى تعزيز سيطرته المطلقة على البلاد، مستنداً إلى أيديولوجية دينية سنية متطرفة لا تعترف بالتعددية الثقافية أو السياسية. هذا النهج أثار قلق العديد من المكونات السورية، وعلى رأسهم الكورد الذين شكلوا قوات سوريا الديمقراطية (قسد) وساهموا في محاربة تنظيم “داعش” بدعم من التحالف الدولي.
خبير في الشأن السوري، تحدث لـ”وكالة الأنباء الدولية”، قال: “الجولاني ليس فقط يتجاهل الكورد، بل ينظر إليهم كتهديد محتمل لسلطته. من خلال تجاهلهم تماماً وعدم دعوتهم للمشاركة، يحاول تقليل دورهم السياسي والاجتماعي في سوريا المستقبل”.
ردود فعل دولية
الخطوة جاءت في وقت تزايدت فيه التساؤلات حول دور المجتمع الدولي في التعامل مع الوضع السوري. الولايات المتحدة، التي كانت داعماً رئيسياً للكورد عبر قوات سوريا الديمقراطية، أعربت عن قلقها من سياسات الجولاني، لكنها لم تتخذ خطوات عملية واضحة حتى الآن. من جانبها، ترى تركيا أن أي تمثيل للكورد في الحكومة السورية قد يؤدي إلى تعزيز نفوذهم، وهو ما تعتبره تهديداً لأمنها القومي.
هل ستؤدي التوترات إلى تصعيد جديد؟
مع استمرار الجولاني في سياساته الإقصائية، يخشى البعض من أن يؤدي ذلك إلى تصعيد جديد في المناطق التي يسيطر عليها الكورد، خاصة في شمال شرق سوريا. الكورد الذين يتمتعون بدعم أمريكي وتحالفات محلية، قد يلجأون إلى خيارات عسكرية إذا شعروا بأن وجودهم مهدد بشكل كامل.