في خطوة مثيرة رحبت وزارة الخارجية السعودية بالإعلان عن تشكيل الحكومة السورية الجديدة، معربة عن “تطلعها للتعاون والعمل” مع النظام الذي يقوده الجولاني، زعيم هيئة تحرير الشام (المعروفة سابقاً بكونها فرعاً من تنظيم القاعدة). يبدو أن المملكة قررت أن الوقت قد حان لتضع جانباً تلك “التفاصيل الصغيرة”، مثل المجازر ضد الأقليات، وأسلمة التعليم المتطرفة، وتشجيع الكراهية والعنف في المناهج الدراسية.
“معتدلون جدد في سوريا حسب السعودية… و لكنهم أكثر تطرفاً من الأسد؟”
على الرغم من أن النظام الجديد يُظهر مؤشرات واضحة على أنه يتجه نحو تحويل سوريا إلى دولة إسلامية متطرفة، حيث يتم تعليم الأطفال كراهية الغرب ومعاداة السامية، إلا أن هذا لم يمنع الرياض من مد يد “الصداقة”. يبدو أن السعودية ترى في الجولاني شريكاً محتملاً في بناء مستقبل مشرق لسوريا، رغم أن التقارير الأخيرة تشير إلى أن المناهج الجديدة تحتفل بـ”الإرهابيين” مثل دلال المغربي، التي تم تقديمها كـ”بطلة فلسطينية”، بينما يتم محو الشخصيات النسائية وإزالة رموز النظام القديم.
“المجازر؟ مجرد تفصيل صغير!”
يبدو أن آلاف الضحايا من الأقليات الذين سقطوا في مذابح نفذها النظام الجديد لا تشكل عائقاً أمام التعاون السعودي-السوري. ربما قررت الرياض أن هذه الأمور ليست ذات أهمية كبيرة إذا ما قورنت بالفرصة الذهبية للعمل مع نظام “معتدل” جديد. بعد كل شيء، من يحتاج إلى حقوق الإنسان أو التعايش السلمي عندما يمكننا التركيز على “التعاون”؟
السعودية تعيد تعريف الدبلوماسية: “التطرف هو الجديد المعتدل”
إذا كنت تتساءل كيف يمكن للسعودية أن تصف نظاماً يقوم على الأيديولوجية المتطرفة بأنه “معتدل”، فالجواب بسيط: كل ما تحتاجه هو قليل من الخيال الدبلوماسي! النظام السوري الجديد قد يكون يمهد الطريق لمستقبل أكثر ظلاماً من عهد الأسد، لكن هذا لا يعني أنه لا يمكن اعتباره “شريكاً استراتيجياً”. في النهاية، من يهتم بالتفاصيل طالما أن هناك احتمالاً لتحسين العلاقات الدولية؟
من الواضح أن السعودية اختارت أن تغض الطرف عن كل ما يشير إلى التطرف والإرهاب في سوريا الجديدة، ربما لأنها ترى أن هذه الأمور مجرد “تفاصيل جانبية”. ولكن إذا كان هذا هو تعريف “المعتدلين” اليوم، فلا عجب أن العالم يعيش في حالة من الفوضى المستمرة. يبدو أننا بحاجة إلى إعادة النظر في قواميسنا السياسية، لأن كلمة “معتدل” لم تعد تعني ما كانت تعنيه من قبل!