إذا كنت تعتقد أن السياسة الاقتصادية العالمية هي عملية جدية تقوم على التخطيط، الحكمة، والتنمية المستدامة، فربما لم تسمع بعد عن “عبقرية ترامب الاقتصادية”. نعم، ذلك الرجل الذي حوّل الاقتصاد العالمي إلى ما يشبه مسرح عبثي حيث الرسوم الجمركية ترتفع وتنخفض كأرجوحة في حديقة ألعاب للأطفال. إنه الرئيس الذي لا يكتفي بقلب الطاولة على الجميع، بل يبدو وكأنه يستمتع بمشاهدة الجميع وهم يحاولون التقاط القطع المتناثرة من الشطرنج الاقتصادي.
“اليوم رسم، غداً لا رسم!”
ترى كيف يمكن لشخص واحد أن يجعل الأسواق العالمية ترقص كما لو كانت في حلبة سيرك؟ الجواب بسيط: قرارات غير متوقعة، تصريحات متناقضة، وأسلوب إدارة يعتمد على “الضرب والهروب”. ترامب يرفع الرسوم الجمركية يومًا، ثم يتراجع عنها في اليوم التالي، وكأنه يلعب لعبة “حجر ورقة مقص” مع العالم. لكن المشكلة أن هذه اللعبة ليست مجرد مزحة؛ إنها تؤثر على مليارات البشر الذين يعتمدون على استقرار الأسواق لضمان لقمة عيشهم.
تخيل أنك صاحب شركة صغيرة تعتمد على استيراد المواد الخام من الصين. تأتي صباحًا لتكتشف أن ترامب قد أعلن زيادة جديدة في الرسوم الجمركية بنسبة 25%. تصرخ، تنظم اجتماع طوارئ، وتبدأ بإعادة حساباتك المالية. ولكن قبل أن تنتهي من أول فنجان قهوة، يظهر ترامب في تغريدة يقول فيها: “لا تقلقوا، كل شيء سيكون على ما يرام!”. وهكذا، يتحول السوق إلى حالة من الفوضى، بينما يجلس ترامب في البيت الأبيض يشاهد الأخبار ويضحك قائلاً: “هذا هو الفن يا سادة!”
ترامب وماسك: ثنائي الفوضى الاقتصادية
لكن ترامب ليس وحده في هذا الجنون. هناك شريكه المفضل في العبث الاقتصادي – إيلون ماسك. عندما يتعلق الأمر بالعملات الرقمية مثل البيتكوين أو الدوجكوين، فإن الفريق يكون جاهزًا لإشعال النار. تصريح من ترامب هنا، تغريدة من ماسك هناك، وفجأة يرتفع سعر العملة بنسبة 30% فقط لأن أحدهما قال شيئًا مضحكًا. وفي اليوم التالي، ينزل السعر كالصخرة لأن أحدهما قرر أن يقول عكس ما قاله بالأمس.
هذه اللعبة ليست بعيدة عن سياسة الرسوم الجمركية التي يتبعها ترامب. فهو يرفع الرسوم على الصلب والألمنيوم، ثم يقرر خفضها إذا تلقى مكالمة هاتفية من زعيم دولة أخرى. الأمر أشبه بتجار العملات الرقمية الذين يغيرون القواعد بناءً على مزاجهم الشخصي. النتيجة؟ أرباح ضخمة لهؤلاء اللعبين الكبار، وخسائر فادحة للدول الفقيرة والشركات الصغيرة التي لا تستطيع مواكبة هذا الجنون.
الضحية الكبرى: الدول الفقيرة
قد يبدو الأمر مسلٍ للبعض، لكن الواقع أن هذه السياسات لها تأثير مدمر على الدول الفقيرة. تخيل دولة تعتمد بشكل كبير على استيراد المنتجات الزراعية أو الصناعية. عندما ترتفع الرسوم الجمركية فجأة، تجد نفسها أمام أزمة اقتصادية حقيقية. أسعار الغذاء ترتفع، البطالة تتزايد، والاقتصاد المحلي ينهار. بينما يجلس ترامب في واشنطن يضحك قائلاً: “أنظروا كيف أجعل العالم يتحرك!”
الأمر نفسه ينطبق على العملات الرقمية. عندما يغير ترامب أو ماسك موقفهما بشأن عملة معينة، تنهار الأسواق الناشئة التي تعتمد على تلك العملات كوسيلة للتبادل أو الاستثمار. الناس البسطاء يخسرون مدخراتهم، بينما يكسب ترامب وماسك المليارات دون أن يرف لهم جفن.
عالم بلا قواعد
في النهاية، يبدو أن ترامب وماسك يعاملان الاقتصاد العالمي كأنه لعبة فيديو يمكن إعادة تشغيلها إذا حدث خطأ. لكن للأسف، الواقع مختلف. القرارات الاقتصادية لها تداعيات طويلة الأمد، ولا يمكن إصلاحها بمجرد الضغط على زر “إعادة المحاولة”.
لذلك، ربما حان الوقت لأن يدرك العالم أن عليه وضع قواعد صارمة لمنع هذا النوع من العبث. لأننا بصراحة، إذا استمرت الأمور بهذه الطريقة، فإن الاقتصاد العالمي سيتحول قريبًا إلى مهرجان فوضى دائم، حيث الكل ينتظر التغريدة القادمة من ترامب أو ماسك ليعرف ماذا سيفعلون بحياتهم اليوم!
** من ألأخر { عزيزي ألأخ هشام من المؤسف أن ما ذكرته هو الحقيقة بعينها ولكن ، قبل إدانة الرجلين (وهذا ليس دفاعا عنهما بقدر ما هو دفاع عن الحق والحقيقة الغائبة عن أنظار الكثيرين) وهو ليس فقط الفهم الخاطئ للتسهيلات الكمركية والمساعدات الأمريكية لمعظم هذه الدول ومنها الصين التي أقامتها الولايات المتحدة من قعر الهاوية والتي أخذ ذيل تنينها مع ألاسف يلف حوله معظم الدول الواقعة تحت مظلتها وألأخطر حتى الواقعة على حدودها ، لأبل ولانكى إستهتار بعضها بقوة وقدرة الولايات المتحدة ليس فقط على ردعها بل وعلى إزالتها من على الخارطة كدولة (ولنا في العراق وليبيا وسوريا ولبنان واليمن خير دليل) وهذه الدول ليست ضحايا ترامب وماسك بقدر ما هى ضحاياحكامها الطغاتها وشعوبها المغيبة (والذين ما أن إشتد ساعدهم حتى أنقلبو عليها) متناسين أن الشيطان ألأكبر قد يغفى بعض الوقت ولكن ليس كل الوقت ومن ينقلبون عليه سيكون مصيرهم الدمار والهلاك (فليس في كل مرة تسلم الجرة واللبيب من يتعض) سلام ؟