منذ أن بدأت المخاوف الدولية تتزايد من البرنامج النووي الايراني ولاسيما بعد أن قامت منظمة مجاهدي خلق خلال مٶتمر صحفي عقدته في بروکسل في عام 2002، بالکشف عن المساعي السرية التي يقوم النظام الايراني ببذلها من أجل إنتاج القنبلة النووية، فإن النظام الايراني إتبع ولازال اسلوب تفاوضي يقوم على أساس المراوغة والکذب والخداع والتمويه والمماطلة والتسويف.
خلال إتفاقين نوويين في عام 2004 و2015، تم عقدهما مع النظام الايراني، فإن الاخير لم يلتزم ببنودهما وظل يواصل مساعيه السرية على قدم وساق، وقد صار واضحا بأن هذا النظام لا ينوي في کل الاحوال التخلي عن مساعيه المشبوهة وهو مصر على إنتاج السلاح النووي، وهو أمر أکدت عليه منظمة مجاهدي خلق مرارا وتکرارا وحذرت من إن النظام لا يسعى من وراء طاولة التفاوض إلا لکسب الوقت وإنه لن ينصاع للمطلب الدولي بالتخلي عن مساعيه السرية المشبوهة ولذلك فإن المطلوب هو إتباع سياسة تتسم بالحزم والصرامة معه وليس محاولة إسترضائه لأن ذلك في غير صالح السلام والامن في المنطقة والعالم.
حالة الشد والجذب الحالية الجارية بين واشنطن وطهران على خلفية التفاوض بخصوص البرنامج النووي الايراني، تميط اللثام عن فصل جديد من فصول المراوغة والخداع والتمويه من أجل کسب الوقت وخداع العالم، وإن إصرار النظام الايراني على رفض التفاوض المباشر هو بداية هذا الفصل الجديد، في وقت يبدو إن الولايات المتحدة بشکل خاص والمجتمع الدولي بشکل عام، صاروا يدرکون جدية المخاوف من النوايا المشبوهة لطهران من حيث سعيها سرا لإمتلاك القنبلة النووي.
الملاحظة المهمة هنا والتي يجب أخذها بنظر الاهمية والاعتبار إن ظروف وأوضاع النظام الايراني ليست کما کانت خلال العقود السابقة التي کانت تقوم خلالها بإبتزاز المجتمع الدولي وترهيبه بورقة تدخلاته السافرة في المنطقة إذ أن إنتهاء حزب الله عسکريا وسقوط نظام الاسد وما حل بحرکة حماس ويجري للحوثيين، جعلت هذا النظام يفقد هذه الورقة وبالتالي يصبح موقفه التفاوضي أضعف من السابق بکثير ناهيك عن أوضاعه الداخلية الآيلة للإنفجار وتزايد العمليات الثورية لوحدات الانتفاضة في سائر أرجاء إيران، من هنا فإنه ومع الاخذ بنظر الاعتبار جدية وحدية الموقف الامريکي بضرورة إجراء التفاوض وحسم موضوع المساعي السرية للنظام لإنتاج السلاح النووي وکذلك حسم موضوع تدخلاته في بلدان المنطقة وبرامجه الصاروخية، فإن النظام الايراني ومن خلال مراوغته ومماطلته وتسويفه يبدو کمن يلعب بنار سوف تحرقه في النتيجة ولاسيما وإنه يبدو کالذي حوصر في زاوية ضيقة ولا يوجد أي مجال له بالفرار.