هل يستطيع العراق إجراء الإنتخابات البرلمانية في موعدها؟ – الكاتب/سمير داود حنوش

كثُر الحديث هذه الأيام عن حكومة طوارئ وإمكانية تأجيل الإنتخابات البرلمانية في العراق بسبب الظروف الإقليمية وإحتمالية إنزلاق العراق في الصراع الدائر بين أمريكا وإيران، لكن تحديد مجلس الوزراء يوم الحادي عشر من تشرين الثاني/نوفمبر 2025 موعداً لإجراء الإنتخابات التشريعية بدد تلك المخاوف خصوصاً بعد إصرار رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي بضرورة إجراء الإنتخابات في موعدها وعدم السماح لأي جهة بتأجيلها أو تمديد عمل حكومة محمد شياع السوداني.

ليس المالكي الوحيد الذي طالب بتحديد موعد الإنتخابات، بل شاركه في ذلك القرار الكثير من زعامات الإطار التنسيقي في خطوة إستباقية لمنع حكومة السوداني من التمدد في العمر الزمني بعملها.

يُعتقد إن تحديد موعد الإنتخابات الذي أُقر جاء بضغوط سياسية على السوداني الذي كانت فرصة التمديد ستوفر له إمكانية تثبيت أركان سلطته وتزيد من نفوذه السياسي، لكن حجة الإطار التنسيقي كانت جاهزة وهي الخوف من أن يقع العراق في فراغ دستوري تستغله بعض الأطراف الخارجية في إحداث تغيير في النظام السياسي العراقي.

رافق ذلك السيناريو إمكانية تشكيل حكومة طوارئ يديرها السوداني بسبب الظروف الراهنة التي قد تعيق إجراء الإنتخابات في موعدها أو محاولات ضرب الإستقرار الداخلي بسبب ما تمر به الدول المحيطة بالعراق.

يبدو أن إيران كان لها رأي أو رغبة لتأجيل تلك الإنتخابات إلى حين إتضاح إستراتيجية ترامب تجاه ترسانتها النووية، وكيف ستغدو العلاقة المستقبلية بين أمريكا وطهران.

فكرة تأجيل الإنتخابات كانت ستلاقي ترحيباً من قبل زعيم التيار الوطني الشيعي مقتدى الصدر كمبادرة تهدف إلى إعطاءه مهلة كافية لحسم موقفه من المشاركة أو المقاطعة، إضافة إلى مراقبة تطورات المشهد الإقليمي وتوازنات القوى في المنطقة، وقد يكون أكبر المستفيدين من تأجيل الإنتخابات هو رئيس الوزراء محمد شياع السوداني الذي أيقن إن الإطار التنسيقي لن يمنحه ولاية ثانية لرئاسة الوزراء بسبب الصراع الذي بات يتصاعد بينه وبين قوى الإطار التنسيقي وفي مقدمتهم نوري المالكي.

لايوجد في الدستور العراقي ما تسمى “حكومة طوارئ” حسب إعتقاد بعض القانونيين، بل حالة طوارئ ويكون ذلك من إختصاص مجلس النواب العراقي.

حكومة طوارئ سمعناها من مقربين في دائرة صنع القرار السياسي بحكومة السوداني، ربما هي محاولات لجس نبض القيادات السياسية ومن بعدهم الشارع العراقي من فكرة تقبل السيناريو، لكن تصريح المالكي بأن العراق مُقبل على التقسيم فيما إذا طُبّق هذا السيناريو جعل الفكرة توحي بأن وراء السيناريو تهديد بفوضى وإرباك في العملية السياسية قد يطيح بالنظام السياسي.

هل يستطيع العراق إجراء إنتخاباته التشريعية بموعدها الذي أقره مجلس الوزراء في ظل تداعيات تهديد أمنه الوطني وإستقراره السياسي وهو الذي بات اليوم الأقرب في الصراع الأمريكي الإيراني من خلال إستعمال أراضيه لأي عملية عسكرية أمريكية ضد إيران، فقاعدة عين الأسد في صحراء الأنبار لازالت تستقبل التحشيدات والمعدات العسكرية وطائرات لشحن الأسلحة في إنتظار ما ستؤول إليه مباحثات الجانب الأمريكي مع طهران في عُمان، وهو ما يخشاه المواطن العراقي بان ينقاد إلى حرب قد تحرق الأخضر واليابس في بلاده.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *