تتجلى سياسة الجولاني ، زعيم هيئة تحرير الشام (HTS) ورئيس الحكومة السورية المؤقتة التي يقودها تهدف إلى إعادة تشكيل المشهد السياسي والعسكري في سوريا. ومع ذلك فإن محاولات الجولاني للتحايل على القضية الكوردية تكشف عن نوايا مبطنة لاستخدام هذه القضية كوسيلة لتحقيق أهدافه وأجندات أنقرة، مع الحفاظ على قدرته على المناورة في العلاقات الدولية. هذا التحليل يركز على ثلاثة مسارات رئيسية لسياسات الجولاني هي: علاقته بتركيا، تعامله مع الغرب وأمريكا، وتعامله مع الداخل السوري، وخاصة مع القضية الكوردية.
المسار الأول: الانصياع الكامل للسياسة التركية
الجولاني يظهر بشكل واضح كأداة تنفيذية للسياسة التركية في سوريا. يتم ذلك من خلال:
- تشكيل حكومة موالية لتركيا :
- وزارة الدفاع والاستخبارات في الحكومة السورية الجديدة تحت إشراف شخصيات مرتبطة مباشرة بتركيا، مثل قادة الفصائل المسلحة الموالية لأنقرة.
- هذا التوجه يعكس رغبة الجولاني في ضمان دعم تركيا، وهو ما يمثل العمود الفقري لسلطته واستمراره في الحكم.
- التطبيع مع النفوذ التركي :
- الجولاني يتبع سياسة تقوم على تنفيذ المطالب التركية حرفياً، سواء من خلال تعيين قيادات عسكرية ذات خلفية تركية أو من خلال استبعاد القوى غير المقبولة لدى أنقرة، خاصة الكورد.
- الهدف النهائي هو بناء نظام سياسي وعسكري في سوريا يخدم المصالح التركية، بما في ذلك تحييد التهديدات التي تراها أنقرة من القوى الكوردية.
- التلاعب بالقضية الكوردية :
- الجولاني يسعى إلى تقليص نفوذ الكورد من خلال مطالبتهم بتسليم المناطق العربية كالرقة ودير الزور، مما يعني تقسيم الإدارة الذاتية وإضعافها اقتصاديًا وسياسيًا.
- في الوقت نفسه، يرفض الجولاني الاعتراف بالكورد كقومية مستقلة أو بلغتهم، مما يعكس عدم جديته في تحقيق أي نوع من التعايش الحقيقي بين المكونات السورية.
المسار الثاني: المناورة مع الغرب وأمريكا
على الرغم من ولائه الواضح لتركيا، يحاول الجولاني تقديم صورة “معتدلة” أمام الغرب وأمريكا، لكنه يفشل في تحقيق ثقتهم بسبب:
- عدم الاعتراف الدولي :
- أمريكا لم تعترف بحكومة الجولاني ولا بسوريا كدولة دائمة العضوية في الأمم المتحدة، مما يعكس عدم ثقتها بالنظام الجديد.
- واشنطن لا تزال تفرض العقوبات على سوريا وتصر على طرد المتطرفين الأجانب، وهي رسالة واضحة بأنها لا تعتبر الجولاني شريكًا موثوقًا.
- المصالح الإسرائيلية :
- أمريكا تدعم المصالح الإسرائيلية في سوريا، كما أكد ترامب لأردوغان أثناء زيارة نتنياهو لواشنطن. هذا يشير إلى أن أي تحرك تركي-جولاني ضد المصالح الإسرائيلية لن يكون مقبولًا.
- الجولاني يحاول التظاهر بأنه يطبق مطالب الدول الغربية من خلال خطوات شكلية، مثل الحديث عن محاربة الإرهاب، لكنه في الواقع يحتفظ بقيادات متطرفة داخل الجيش والحكومة.
- الدور الأمريكي في سوريا :
- زيادة الوجود العسكري الأمريكي في سوريا ومشاركتها في المفاوضات بين قوات سوريا الديمقراطية (قسد) وحكومة الجولاني يعكسان التزام واشنطن بحماية المصالح الكوردية ومنع أي هجوم تركي أو جولاني على مناطق الإدارة الذاتية.
- هذا الدعم الأمريكي يشكل حاجزًا أمام أي محاولات تركية-جولانية للسيطرة على شمال شرق سوريا.
المسار الثالث: السياسة الداخلية والتلاعب بالقضية الكوردية
داخل سوريا، يعتمد الجولاني على سياسة “فرق تسد” لتقويض حقوق المكونات غير السنية، خاصة الكورد والعلويين والدروز:
- سن دستور عربي سني :
- الجولاني أصدر دستورًا يستبعد الكورد والدروز والعلويين من المشاركة الفعلية في الحكومة، مما يعزز الطابع الطائفي والعرقي للنظام الجديد.
- الاعتراف بالكورد فقط كـ”مكون من مكونات الشعب السوري” دون أي حقوق دستورية أو قانونية يُظهر نيته في تهميشهم.
- محاولات تقسيم الإدارة الذاتية :
- طلب الجولاني من مظلوم عبدي تسليم الرقة ودير الزور، اللتين تتمتعان بأغلبية عربية، يهدف إلى عزل المناطق الكوردية وتحويلها إلى شريط حدودي ضيق.
- هذا التحرك يهدف أيضًا إلى فصل المناطق النفطية عن الإدارة الذاتية، مما يضعف قدرتها الاقتصادية والسياسية.
- بقاء القوات العربية ضمن قسد :
- رغم مطالبته بتسليم المناطق العربية، يقبل الجولاني ببقاء القوات العربية ضمن قوات سوريا الديمقراطية، بهدف تجنب إعطاء طابع كوردي حصري لهذه القوات.
- هذه الخطوة تُظهر نفاق الجولاني، حيث يسعى إلى تقليص نفوذ الكورد دون الظهور كمن يستهدفهم مباشرة.
الأهداف الخفية للجولاني
- السيطرة على المكونات الأخرى :
الجولاني يسعى إلى تأجيل التعامل مع القوى الكوردية حتى ينجح في تثبيت نفوذه على المناطق العلوية والدرزية. بعد تحقيق ذلك، قد يلجأ إلى فرض شروطه على قسد والقوى الكوردية. - بناء جيش قوي بالتعاون مع تركيا :
من الواضح أن الجولاني يعمل على بناء جيش سوري جديد تحت الإشراف التركي، ليكون أداة ضغط على قسد والكورد في المستقبل. - التلاعب بالقضية الكوردية :
الجولاني يتعامل مع القضية الكوردية كورقة يمكن استخدامها عند الحاجة، سواء للتقارب مع الغرب أو للضغط على الكورد لتحقيق مكاسب سياسية.
الخلاصة
سياسات الجولاني تجاه القضية الكوردية تكشف عن نهج يقوم على التحايل والمماطلة لتحقيق أهدافه وأجندات تركيا. من خلال تقسيم الإدارة الذاتية، استبعاد الكورد من القرار السياسي، وبناء جيش موالٍ لأنقرة، يحاول الجولاني تأمين موقعه كلاعب رئيسي في سوريا. ومع ذلك، فإن دعم أمريكا المستمر للإدارة الذاتية وقوات سوريا الديمقراطية يشكل عائقًا أمام طموحاته، مما يجعل مستقبل سوريا مرهونًا بموازين القوى الإقليمية والدولية. و لكن المتتبع لردود الافعال الدولية و الوضع الداخلي السوري و تحركات جولاني العسكرية و السياسية يرى بأن الجولاني هو في طريقة الى التحايل حتى على الدول الغربية و أمريكا و بالتالي فأنه يقترب يوما بعد اخر من تنفيذ طموحاته و سياساته حيال الكورد. هذا الامر يذكرنا بما فعلة صدام حسين مع القائد مصطفى البارزاني سنة 1970 عندما أعترف بالحكم الذاتي للكورد عند استلامه للسلطة في العراق و عندما كان ضعيفا و بعدها بأربعة سنوات تراجع عن وعودة و عن أتفاقية أذار و أقام الحرب ضد الكورد و استطاع أفشال الثورة الكوردية في جنوب كوردستان بالتعاون مع شاه ايران و التخاذل الامريكي. نعم نهض الكورد بعد ذلك و خسر صدام على المدى الطويل و لكن ذلك الدرس لا يفقهه الجولاني و يريد لعب نفس الدور مع الكورد بالتعاون مع تركيا. و نحن متأكدون من أنه على المدى البعيد فأن الجولاني سيخسر حتى لو نجح على المدى القصير.
** عزيزي ألاخ هشام عقراوي المحترم {قال لي الجنرال ج ثق بأن مصير الجولاني وصعاليكه سيكون أسوأ من مصير الزرقاوي والبغدادي وإبن لادن ، فكل شئ في أوانه جميل كما الصبر ولا تستعجلو الأحداث لأن أفلام الشرق الأوسط كثيرة ودامية ومملة ، بل قل مصيره كمصير حسن الإيراني وعصابته أما ولي نعمته الملا المزيف أردوغان فسيكون مفاجأة الجميع التي لا تصدق ، سلام ؟