تربطني بالمخرج والممثل فيصل جابر أشياء كثيرة لكني أذكر منها مايخص الموت هذا المارد العاشق لسيفه العابثِ بالوجود.في نهاية التسعينيات كنت موفداً الى بغداد وأثناء تجوالي لفت نظري صورتين لصديقين عزيزين في مسرح الزيونة واحدة للمسرحي ناجي كاشي وأخرى للممخرج والممثل فيصل جابر عوض . فقلت لآدخل وأرى . وبالفعل وجدت مسرحية من إخراج وتمثيل فيصل جابر وسيناريو ناجي كاشي.دخلت وإذا بهم في باب المسرح وبعد الترحيب الجميل دخلت دون أن ادفع ثمن التذكرة وفاءً للصداقة بيننا.جلست وإذا بالمطربة العراقية (غزلان) تغني أغنية عن الحب في غاية الحزن والألم والموت وقد حفظتها عن ظهر قلب حتى هذا اليوم فتقول بها :
أوصيك بيّ لو متت / بين الضلوع إدفنّي
ماريد غيرك بالغسل/ بدموعك إتغسلني
بيدك تحل ليّ الجفن / تنيمني وتحبني
مسوح الك ذاك الوكت / تعاشر وليف بدالي
صدكني مودايم ألك / باجر وشد إرحالي
تّرى ياصديقي وأنت تموت وتودع أحبائك وأهلك هل كنت توصي أن يضعوك بين الضلوع حتى تنهال الدموع مدراراً على الجدث المسجى وفقا لهذه الأغنية التي غنّتها غزلان لأول مرة في مسرحيةٍ من إخراجك وتمثيلك ثم إنطلقت وأصبح لها صدىّ حزينا في الذاكرة العراقية التي تعشق الألم والحزن .
وفي سابقةٍ أخرى للمخرج والممثل فيصل جابر،حينها كنت قادما من الدنمارك بعد سقوط المجرم صدام حسين وأقيمت لي أمسية شعرية وما كان من فيصل جابر والممثل الجميل ماجد ورورار أراهم واقفين أمام الجمهور ويمثلون وصلة شعرية من قصائدي تتحدث عن الموت أيضا وبعنوان ( سجائر) والتي أقول بها :
وحدكْ..
لاشيء ، غير أريكةٍ
ودخان ٍيعلو من رئتيك
الى آخر صومعةٍ ..
يقبعُ فيها ، إلهٌ يتعطرُ في كل ثانيةٍ
بكافورِ موتاه ..
الى أخر القصيد ، وكان كلٌ من فيصل وماجد يمثلون بالتتابع هذا القصيد الحزين عن الموت . وهنا أقف وأقول : كلنا ياصديقي على عتبة هذا الواثق الفخور و الموسوم بالموت ، فالحياة كذبةٌ خجولة بأفعالها وسلوكها ولابد من الرحيل عاجلا أم آجلاً ، وها نحن نراك تلحق بصديقك ناجي كاشي الذي وافاه الأجل في عام 2008 . فانتظرنا هناك تحت العميق بعد ان نشبع من ذكراك وقراءة إبداعك الذي سيظل بحوزتنا مازال في الأوصالٍ نبضٌ ودم . رحمك الله فيصل وما علينا سوى أن نودعك وأنت بهدأة روحك وطبعك الجميل الذي ألفناهُ جميعنا .
هاتف بشبوش / شاعر وناقد عراقي