صوت كوردستان:
بينما تتصاعد التصريحات حول نية “التحالف الدولي” تقليص وجوده العسكري في شمال وشرق سوريا، تشير الوقائع الميدانية إلى مشهد مختلف تماماً. ففي الوقت الذي يتم فيه الإعلان عن تقليص القوات الأميركية وتركيز وجودها على عدد محدود من القواعد، تستمر قوات التحالف بإرسال تعزيزات نوعية إلى المناطق الخاضعة لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية (قسد) ، مما يثير تساؤلات حول طبيعة المرحلة المقبلة من التواجد العسكري الأميركي وأهدافه الحقيقية.
التصريحات حول تقليص الوجود العسكري
وفقًا للمصادر، فإن الولايات المتحدة تعتزم تقليص وجودها العسكري في سوريا، بحيث يقتصر على:
- قاعدة الشدادي وقاعدة قسرك في مناطق سيطرة “قوات سوريا الديمقراطية” شمال شرقي البلاد.
- قاعدة واحدة فقط في ريف حلب الشمالي الشرقي والرقة.
هذا القرار يبدو جزءاً من استراتيجية أوسع تهدف إلى إعادة تنظيم القوات الأميركية في المنطقة، مع التركيز على الحفاظ على وجود رمزي يضمن تحقيق الأهداف الاستراتيجية الأساسية للتحالف، مثل محاربة بقايا تنظيم “داعش” وضمان استقرار المناطق ذات الأهمية الجيوسياسية.
تعزيزات عسكرية نوعية
على الرغم من هذه التصريحات، شهد شهر أبريل الجاري وصول تعزيزات عسكرية كبيرة إلى القواعد الأميركية المنتشرة في محافظتي الحسكة وحلب . ومن أبرز هذه التعزيزات:
- 7 طائرات شحن عسكرية : تحمل أنظمة رادار ومعدات عسكرية متطورة.
- 279 شاحنة : محملة بمعدات لوجستية ومنظومات دفاعية متقدمة.
هذه التعزيزات تشير إلى أن الولايات المتحدة لا تزال ملتزمة بتعزيز قدراتها العسكرية في سوريا، بدلاً من تقليصها كما هو معلن. ويبدو أن هذا التناقض بين الأقوال والأفعال يعكس استراتيجية أكثر تعقيداً، حيث يتم تقليص بعض القوات بينما يتم تعزيز أخرى بشكل نوعي.
تفسيرات التناقض
1. التوازن بين التقليص والتعزيز
- قد تكون الولايات المتحدة تسعى إلى تقليص عدد القوات البرية بينما تعزز قدراتها التكنولوجية والاستخباراتية. وهذا يعني تركيز الجهود على استخدام أنظمة متطورة مثل الرادارات والطائرات المسيّرة بدلاً من الاعتماد على القوات البشرية.
2. مواجهة التحديات الأمنية
- استمرار التهديدات الأمنية من قبل خلايا تنظيم “داعش” وبقاياه يتطلب تعزيز القدرات الدفاعية والاستخباراتية. وقد تكون التعزيزات الجديدة جزءاً من جهود لضمان استمرار الضغط على التنظيم.
3. الحفاظ على النفوذ الإقليمي
- رغم الحديث عن تقليص الوجود العسكري، فإن الولايات المتحدة قد تسعى إلى الحفاظ على نفوذها في سوريا من خلال تعزيز قواعدها الرئيسية. هذا النهج يمكن أن يكون رسالة واضحة للقوى الإقليمية والدولية بأن واشنطن لا تزال لاعباً رئيسياً في المشهد السوري.
أهداف المرحلة المقبلة
1. محاربة الإرهاب
- لا يزال هدف محاربة تنظيم “داعش” في صلب الاستراتيجية الأميركية، خاصة مع استمرار التهديدات الأمنية في المناطق الصحراوية والحدودية.
2. ضمان استقرار مناطق شمال شرق سوريا
- الولايات المتحدة تسعى إلى ضمان استقرار المناطق التي تسيطر عليها “قوات سوريا الديمقراطية”، باعتبارها حليفاً استراتيجياً في المنطقة.
3. مواجهة النفوذ الإيراني والروسي
- وجود القوات الأميركية في سوريا يُعتبر أيضاً وسيلة لمجابهة النفوذ الإيراني والروسي في المنطقة، خاصة في ظل التوترات الجيوسياسية المستمرة.
الخلاصة
التناقض بين التصريحات حول تقليص الوجود العسكري الأميركي في سوريا وبين واقع التعزيزات النوعية التي تصل إلى القواعد الأميركية يعكس استراتيجية مزدوجة. فمن جهة، تعمل واشنطن على تقليص تواجدها العسكري المباشر، ومن جهة أخرى، تعزز قدراتها التكنولوجية والعسكرية لضمان تحقيق أهدافها الاستراتيجية.