في مقابلة حصرية مع مجلة تايم ، أثار الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب جدلاً واسعًا بعد سلسلة من التصريحات التي شملت قضايا دولية كبرى مثل الحرب في أوكرانيا، العلاقات التجارية مع الصين، وأفكاره غير التقليدية حول كندا. هذه التصريحات جاءت في سياق حديثه عن سياساته الخارجية المحتملة إذا ما عاد إلى البيت الأبيض.
شبه جزيرة القرم: “ستبقى تحت السيادة الروسية”
أكد ترامب أن الولايات المتحدة تعمل على اقتراح شامل لإنهاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا، مشيرًا إلى أن شبه جزيرة القرم ستبقى تحت السيادة الروسية كجزء من الحل النهائي للصراع. وقال ترامب: “زيلينسكي يدرك ذلك، والجميع يدرك أن شبه الجزيرة كانت ملكًا لروسيا منذ زمن طويل”، مضيفًا أن ضم روسيا للقرم عام 2014 كان نتيجة “أوضاع معقدة”.
كما ألقى ترامب باللوم جزئيًا على أوكرانيا في بدء الحرب، قائلاً: “لا أعتقد أن أوكرانيا قادرة على الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي، وأعتقد أن السبب وراء اندلاع الحرب هو أنهم (أوكرانيا) بدأوا الحديث عن الانضمام إلى الناتو”. تصريحاته هذه تأتي رغم المعارضة القوية التي يبديها الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بشأن التخلي عن القرم.
الحرب التجارية مع الصين: “مفاوضات جارية”
كشف ترامب لأول مرة عن وجود محادثات بين الولايات المتحدة والصين لإنهاء الحرب التجارية المستمرة بين البلدين. وأكد أن الرئيس الصيني شي جين بينج هو الذي اتخذ خطوة المبادرة نحو التفاوض، نافيًا أن يكون ذلك دليلًا على ضعف الجانب الصيني. وقال ترامب: “هذا ليس ضعفًا من جانبه، بل هو قرار استراتيجي”.
وفيما يتعلق بالتعريفات الجمركية، أوضح ترامب أن هناك أرقامًا معينة قد يتم الاتفاق عليها، لكنه أكد أن الولايات المتحدة لن تسمح للصين بـ”الثراء على حسابنا”. وأوضح: “هناك رقم سوف يشعرون بالارتياح معه، ولكنهم لا يستطيعون الاستمرار في استغلالنا بمليارات الدولارات”.
تصريحات ترامب تشير إلى توجه محتمل نحو تهدئة التوترات الاقتصادية مع بكين، لكنها تعكس أيضًا موقفه الحازم في الدفاع عن المصالح الأمريكية.
كندا: “يجب أن تكون الولاية رقم 51”
في واحدة من أكثر تصريحاته إثارة للجدل، أعاد ترامب التأكيد على فكرة أن كندا يجب أن تصبح الولاية رقم 51 في الولايات المتحدة. وقال ترامب إن هذا الاقتراح “ليس استفزازًا”، بل هو حل عملي لمشكلة اقتصادية مستمرة. وأوضح: “نحن نخسر ما بين 200 و250 مليون دولار سنويًا بسبب الدعم المقدم لكندا. سألتُ ترودو (رئيس الوزراء الكندي): لماذا تعتقد أننا نخسر كل هذا المال؟ لم يستطع إعطائي إجابة”.
ترامب أضاف: “لسنا بحاجة لأي شيء منهم، لذا أعتقد أن الحل الوحيد هو أن يصبحوا الولاية رقم 51”. هذه الفكرة، التي طرحها ترامب مرارًا خلال حملته الانتخابية وبداية ولايته الثانية، تبدو وكأنها تحدٍّ واضح للسيادة الكندية، وقد تسبب تصريحاته في ردود فعل غاضبة من قبل المسؤولين الكنديين سابقًا.
ردود الفعل والتبعات المحتملة
تصريحات ترامب أثارت تساؤلات حول السياسات المستقبلية التي قد يتبعها إذا ما عاد إلى الرئاسة. فيما يتعلق بالقرم، يبدو أن ترامب يسعى إلى تقديم حلول عملية لإنهاء الحرب في أوكرانيا، لكن موقفه قد يثير غضب الحلفاء الغربيين الذين يعتبرون ضم القرم غير شرعي. أما بالنسبة للصين، فإن توجهه نحو التفاوض قد يكون مؤشرًا على رغبة في تهدئة التوترات، لكنه لا يزال يحافظ على موقفه الحازم بشأن التجارة.
أما تصريحاته حول كندا، فتعكس نهجًا غير تقليدي قد يكون له تداعيات كبيرة على العلاقات الثنائية بين البلدين. وعلى الرغم من أن هذه الفكرة قد تبدو مستحيلة من الناحية السياسية، إلا أنها تظهر مدى استعداد ترامب لتحدي الأعراف الدبلوماسية.
الخلاصة
تصريحات ترامب في مقابلته مع مجلة تايم تعكس نهجه المميز في السياسة الخارجية، حيث يجمع بين الواقعية البراغماتية وأفكار جدلية وغير تقليدية. سواء كان الحديث عن القرم، الصين، أو كندا، فإن ترامب يواصل إثارة الجدل ويضع نفسه في قلب النقاشات الدولية الكبرى. ومع ذلك، فإن هذه التصريحات قد تؤدي إلى تداعيات كبيرة إذا ما تم تنفيذها، خاصة في ظل التحديات الجيوسياسية والاقتصادية العالمية.