“انتهاكات متواصلة بحق المدنيين في ريف عفرين: غياب العدالة يعمّق الأزمات الإنسانية”

 

صوت كوردستان: 

تتواصل الانتهاكات بحق ممتلكات المدنيين في ريف عفرين ، شمال غرب سوريا، وسط اتهامات متزايدة بتقاعس الجهات المعنية عن اتخاذ إجراءات رادعة لوقف هذه الممارسات. وبينما تتزايد الشكاوى من عمليات السطو على المنازل والأراضي الزراعية، تستمر الفصائل المسلحة في المنطقة بارتكاب انتهاكات جديدة دون محاسبة، مما يعمّق حالة الاحتقان بين السكان المحليين ويهدد الاستقرار في المنطقة.

اعتداء على طبيب وسرقة منزله

في ناحية راجو ، تعرض طبيب من قرية كاوندا ومقيم في مدينة عفرين لاعتداء وحشي من قبل القيادي في فصيل فيلق الشام ، الملقب بـ”أبو حيان”. جاء ذلك بعد مطالبته باستعادة منزله الذي سيطر عليه الفصيل منذ نحو سبع سنوات. ووفقًا لتقارير، وجه “أبو حيان” عبارات نابية ومهينة للطبيب، بالإضافة إلى الضرب المبرح، رغم تقديم الأخير شكاوى متكررة دون أي استجابة.

هذه الحادثة ليست الأولى من نوعها، حيث يشتكي العديد من النازحين والسكان الأصليين من صعوبة استعادة ممتلكاتهم التي تم الاستيلاء عليها خلال السنوات الماضية. ويبدو أن غياب آليات قضائية فعالة يشجع على استمرار هذه الانتهاكات.

قطع أشجار الزيتون والمزارع: تدمير البيئة والاقتصاد المحلي

في حادثة أخرى، أقدمت مجموعة من مسلحي فرقة السلطان مراد ، بالتنسيق مع أفراد من عشيرة الموالي ، على قطع حوالي 550 شجرة زيتون وأشجار معمرة أخرى تعود ملكيتها لخمسة مواطنين كرد في ناحية بلبل بريف عفرين. وتم تنفيذ العملية في موقع يُعرف باسم “وادي عكا” باستخدام مناشير كهربائية، حيث تم استغلال الحطب الناتج لصناعة الفحم وبيعه في الأسواق المحلية.

وفي منطقة أخرى جنوب بلدة بلبل، تم قطع 65 شجرة مثمرة ، منها 50 شجرة كرز و15 شجرة لوز، تعود لمواطن من قرية مزار تكنه . وتسببت عمليات التجريف هذه في تحويل مساحات واسعة من الأراضي الزراعية إلى أراضٍ قاحلة، حيث تم استخدام بعضها كمراعٍ للماشية، بينما خُصصت أجزاء أخرى لصناعة الفحم.

غياب الإجراءات القضائية

تبرز مشكلة غياب الإجراءات القضائية الفعالة كأحد الأسباب الرئيسية وراء استمرار هذه الانتهاكات. وعلى الرغم من تقديم السكان المتضررين شكاوى متكررة، إلا أن عدم وجود آليات تنفيذية أو قضائية قادرة على محاسبة مرتكبي هذه الجرائم يترك المجال مفتوحًا أمام المزيد من الانتهاكات.

وتؤدي هذه السياسة إلى تفاقم حالة الاحتقان بين السكان المحليين، خاصةً وأن معظم المتضررين هم من المدنيين الذين فقدوا مصادر دخلهم الأساسية نتيجة تدمير أراضيهم وممتلكاتهم. كما أن استمرار هذه الممارسات يهدد بتقويض أي جهود مستقبلية لإعادة الاستقرار إلى المنطقة.

تأثير الانتهاكات على الاستقرار

تعد هذه الانتهاكات جزءًا من نمط أوسع من الممارسات التي تستهدف السكان الأصليين في عفرين، والتي تشمل السطو على المنازل، والاستيلاء على الأراضي الزراعية، وتجريف المزارع. هذه الممارسات لا تؤثر فقط على الاقتصاد المحلي، بل تساهم أيضًا في تدمير النسيج الاجتماعي والثقافي للمنطقة.

ويشير مراقبون إلى أن استمرار هذه الانتهاكات دون محاسبة قد يؤدي إلى تصعيد التوترات بين السكان المحليين والفصائل المسلحة، مما يزيد من تعقيد المشهد الأمني والإنساني في المنطقة.

نداءات للمجتمع الدولي

في ظل غياب أي تحرك جدي من الجهات المحلية لوقف هذه الانتهاكات، يدعو السكان المتضررون المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان إلى التدخل لحماية حقوق المدنيين وضمان تحقيق العدالة. كما يطالبون بإعادة النظر في سياسات الفصائل المسلحة التي تسيطر على المنطقة، وتطبيق قوانين صارمة لمحاسبة مرتكبي هذه الجرائم.

الخلاصة

الانتهاكات المستمرة بحق المدنيين في ريف عفرين تعكس حالة من الفوضى وعدم الاستقرار في المنطقة، حيث يبدو أن غياب العدالة والمساءلة يشجع على استمرار هذه الممارسات. وإذا لم يتم اتخاذ خطوات فورية لوقف هذه الانتهاكات، فإنها ستؤدي إلى تفاقم الأزمات الإنسانية والاجتماعية، مما يهدد بتحويل عفرين إلى منطقة غير صالحة للحياة والاستقرار.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *