“هل يُكتب السلام لتركيا وألكورد؟: اين وصلت دعوة أوجلان لحل حزب العمال و البدء بمسار جديد”

 

مع تصاعد الجهود الرامية لإنهاء واحدة من أطول الصراعات في المنطقة، تتجدد الأسئلة حول مسار تنفيذ دعوة زعيم حزب العمال الكردستاني (PKK) السجين، عبد الله أوجلان، إلى حل الحزب وإلقاء أسلحته. وتأتي هذه الخطوة بعد سنوات طويلة من النزاع المسلح بين تركيا والحزب، الذي تعتبره أنقرة وعدد من الدول الأخرى “منظمة إرهابية”، بينما يعتبره أنصاره رمزًا لنضال الشعب الكردي.

مبادرة أوجلان ومطالب الأطراف

في فبراير 2023، أطلق أوجلان، المحتجز في سجن إيمرالي منذ عام 1999، دعوة للسلام، دعا فيها إلى حل حزب العمال الكردستاني وإنهاء العنف. وقد أثارت هذه الدعوة اهتمامًا واسعًا، حيث تم تقديمها كفرصة تاريخية لإنهاء الصراع المستمر منذ عقود. ومع ذلك، فإن تنفيذ هذه الدعوة يواجه تحديات كبيرة، لا سيما فيما يتعلق بظروف عمل أوجلان وصحته، وكذلك مصير عناصر الحزب بعد حلّه.

مطالب حزب الديمقراطية والمساواة للشعوب

طرح نواب من حزب الديمقراطية والمساواة للشعوب (DEM) المؤيد للأكراد، خلال اجتماع مع وزير العدل التركي يلماظ تونتش، حزمة مطالب واسعة، في مقدمتها:

  • إنهاء عزلة أوجلان.
  • منحه حرية الحركة واللقاء مع السياسيين والصحفيين وغيرهم.
  • ضمان حقوقه الأساسية مثل الوصول إلى الهواء النقي واستخدام الهاتف.
  • تعديل قوانين مكافحة الإرهاب والسجون بشكل يتيح الإفراج عن المحكومين بالسجن المؤبد المشدد بعد 25 عامًا (“الحق في الأمل”).

وأشارت النائبة جولستان كيليتش كوتشيغيت إلى أن الاجتماع ركز على ظروف عمل وصحة أوجلان، دون الدخول في تفاصيل حول كيفية التعامل مع عناصر الحزب حال إلقائه السلاح وحلّه.

دعم إردوغان للعملية

في خطوة لافتة، أعرب الرئيس التركي رجب طيب إردوغان عن دعمه لهذه الجهود، وأكد خلال اجتماع اللجنة التنفيذية لحزب العدالة والتنمية (AKP) أن الحكومة ملتزمة بتحقيق السلام. وقال المتحدث باسم الحزب، عمر تشيليك، إن هناك توقعات بإعلان “أخبار جيدة” بحلول نهاية أبريل الحالي.

المؤتمر العام المنتظر

من المتوقع أن يعقد حزب العمال الكردستاني مؤتمره العام قريبًا، والذي سيقرر فيه رسميًا حل نفسه وإلقاء أسلحته. وبحسب التقارير، قد يتم عقد المؤتمر في مدينة السليمانية بشمال العراق، لكن لم يتم الإعلان عن الموعد أو مكان انعقاده بشكل رسمي. وتقول مصادر حزب الديمقراطية والمساواة للشعوب إن الفترة القادمة (أسبوع إلى أسبوعين) ستكون حاسمة لتحديد مسار العملية.

مصير عناصر الحزب

على الرغم من التفاؤل الحذر، تبقى أسئلة كبرى حول مصير آلاف المقاتلين التابعين لحزب العمال الكردستاني بعد حلّه. وزير الدفاع التركي، يشار غولر، أكد أن الشروط الثلاثة التي حددها الجانب التركي لا تزال سارية:

  1. إعلان حل المنظمة.
  2. تسليم الأسلحة.
  3. تسليم أنفسهم.

لكن بالنسبة لقادة الحزب، مثل جميل باييك، فإن العودة إلى تركيا تعني “الذهاب إلى السجن”، وهو ما يجعل مستقبلهم غير واضح. وشدد باييك على أن شرطهم الوحيد لتحقيق السلام هو “رفع العزلة عن أوجلان وتمكينه من العمل بحرية”.

تحديات وفرص

التحديات:

  1. الثقة المفقودة: بعد عقود من الصراع، يصعب بناء الثقة بين الأطراف.
  2. الخلافات الداخلية: داخل صفوف حزب العمال الكردستاني، قد تكون هناك مقاومة ضد فكرة الحل الكامل.
  3. المطالب الأمنية التركية: أنقرة تريد ضمانات قوية بأن النزاع لن يعود بأي شكل.

الفرص:

  1. إنهاء الصراع: إذا نجحت المفاوضات، فقد تؤدي إلى استقرار طويل الأمد في المنطقة.
  2. تعزيز الديمقراطية: قد تفتح هذه العملية الباب أمام إصلاحات أوسع في تركيا بشأن حقوق الأكراد.
  3. الدعم الدولي: المجتمع الدولي، بما في ذلك الاتحاد الأوروبي، قد يدعم هذه الجهود إذا أظهرت الأطراف التزامًا حقيقيًا.

الخلاصة

دعوة أوجلان لحل حزب العمال الكردستاني وإلقاء أسلحته تمثل فرصة تاريخية لإنهاء صراع دامٍ استمر لأكثر من 40 عامًا. ومع ذلك، فإن نجاح هذه العملية يعتمد على مدى استعداد الأطراف المعنية للتفاوض بجدية وتقديم تنازلات متبادلة. وبينما يبدو أن هناك توافقًا سياسيًا على أهمية تحقيق السلام، فإن التحديات الكبيرة المتعلقة بمصير عناصر الحزب وضمان الحقوق الأساسية لأوجلان قد تشكل عقبات أمام هذا المسار.

يبقى السؤال: هل ستتمكن تركيا والأكراد من تجاوز هذه العقبات والوصول إلى تسوية دائمة؟ أم أن الصراع سيستمر تحت مسميات جديدة؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *