صوت كوردستان:
في تطور مثير للجدل والتوترات الطائفية، أقدم مسلحون على نبش قبر الرئيس السوري السابق حافظ الأسد في مدينة القرداحة بمحافظة اللاذقية، في خطوة وصفت بأنها تحمل طابعًا رمزيًا وسياسيًا أكثر من كونها مجرد عمل عشوائي. جاء ذلك بعد أشهر من فرار بشار الأسد من سوريا في كانون الأول 2024، وإشعال مسلحين النار في ضريحه الذي يحمل رمزيته التاريخية.
تفاصيل الحادثة
وفقًا لمصادر محلية وتأكيدات المرصد السوري لحقوق الإنسان ، تم نبش القبر على دفعات خلال زيارات متكررة للمسلحين والمدنيين إلى الموقع. وأظهرت صور ومقاطع مصورة تم تداولها خلال الساعات الماضية أن الرفات قد أُخرج من القبر، فيما بدا الضريح وقد تعرض لأضرار كبيرة.
يأتي هذا التصرف في سياق تصاعد التوترات الطائفية والمجتمعية في منطقة الساحل السوري، حيث كانت القرداحة، مسقط رأس عائلة الأسد، مركزًا لنفوذ النظام على مدى عقود. ومع انهيار السلطة المركزية التي كانت تحكم البلاد، برزت أعمال انتقامية استهدفت رموز النظام السابق.
خلفية الحادثة
حادثة نبش القبر ليست الأولى من نوعها، حيث شهدت المنطقة تصعيدًا كبيرًا منذ إسقاط نظام بشار الأسد في أواخر عام 2024. وبعد فرار الأسد، تعرضت العديد من المواقع المرتبطة بالعائلة للتخريب أو الإحراق، بما في ذلك ضريح حافظ الأسد الذي أُضرمت فيه النيران من قبل مسلحين غاضبين.
وتشير المصادر إلى أن هذه الأعمال جاءت ردًا على سنوات طويلة من الحكم الاستبدادي والسياسات التي تُتهم بتجذير الانقسامات الطائفية واستهداف المجتمعات المحلية. كما أنها تعكس حالة من الغضب الشعبي العارم ضد رموز النظام السابق، الذين يعتبرهم الكثيرون مسؤولين عن الدمار والمعاناة التي لحقت بالبلاد.
اجتماع وجهاء القرداحة
قبل الحادثة الأخيرة، عُقد اجتماع بين قيادات في إدارة العمليات العسكرية الجديدة مع وجهاء القرداحة ، في محاولة لتهدئة الأوضاع ومنع تصعيد أكبر. لكن يبدو أن الاجتماع لم يحقق أهدافه، حيث استمرت الهجمات على المواقع المرتبطة بعائلة الأسد.
ووفقًا لبعض التقارير، فإن الهدف من الاجتماع كان البحث في كيفية حماية المدينة من الانتقام الجماعي، وكذلك تقديم ضمانات للأهالي المحليين بأنهم لن يتحملوا تبعات سياسات النظام السابق. ومع ذلك، يبدو أن الغضب الشعبي تجاوز هذه الجهود.
الرسائل والتداعيات
عملية نبش قبر حافظ الأسد تحمل رسائل متعددة:
- رمزية القصاص : يُنظر إلى هذا العمل كشكل من أشكال الانتقام الرمزي من عائلة الأسد التي حكمت سوريا بقبضة حديدية لعقود.
- تصعيد طائفي : يأتي هذا التصرف في ظل تصاعد الخطاب الطائفي في منطقة الساحل، مما يزيد من مخاطر انزلاق البلاد نحو صراعات جديدة.
- فقدان هيبة الدولة : تدمير رموز النظام السابق يعكس غياب أي هيبة للدولة المركزية أو المؤسسات التي كانت تحمي مثل هذه المواقع.
نداءات للتهدئة
أثارت الحادثة مخاوف من تصاعد العنف الطائفي في المنطقة، خاصة مع وجود تقارير عن هجمات مشابهة استهدفت مواقع أخرى مرتبطة بالنظام السابق. دعا ناشطون ومراقبون إلى ضرورة:
- التهدئة المجتمعية : لمنع تفاقم الأوضاع وتوجيه الغضب الشعبي نحو مسار بناء.
- حماية المدنيين : لضمان عدم استهداف أهالي القرداحة أو غيرهم من المناطق بسبب انتماءاتهم السياسية أو الطائفية.
- التدخل الدولي : لدعم جهود تحقيق العدالة الانتقالية وضمان عدم تكرار مثل هذه الحوادث.
الخلاصة
حادثة نبش قبر حافظ الأسد في القرداحة تسلط الضوء على الانقسامات العميقة التي لا تزال تعصف بالمجتمع السوري، حتى بعد سقوط النظام. وعلى الرغم من أن هذه الأعمال قد تكون مدفوعة بالغضب والانتقام، إلا أنها تحمل في طياتها خطر تأجيج المزيد من الكراهية والصراعات.