إيران تحت الحصار: دبلوماسية حازمة في مواجهة التحديات – نجاح محمد علي 

تواصل الجمهورية الإسلامية الإيرانية تمسكها بحقها السيادي في تطوير برنامج نووي سلمي، مؤكدة التزامها الكامل بالقانون الدولي وبروتوكولات الوكالة الدولية للطاقة الذرية. ورغم التحديات المتصاعدة، من عقوبات جائرة وابتزاز سياسي إلى هجمات تخريبية مُمنهجة، تظل إيران ثابتة في موقفها الدبلوماسي، مدافعة عن سلمية برنامجها النووي ومصالح شعبها. ويأتي انفجار ميناء الشهيد رجائي في 26 أبريل 2025 ليكشف عن حلقة جديدة في سلسلة المؤامرات الصهيونية التي تستغل عوامل داخلية لزعزعة استقرار البلاد في لحظة دبلوماسية حاسمة، بالتزامن مع معطيات جديدة حول المفاوضات النووية المرتقبة يوم 3 مايو، والتي تؤكد التزام إيران بالشفافية وسط الضغوط الأمريكية-الصهيونية.

في الجولة الأخيرة من المفاوضات النووية، التي عُقدت في مسقط يوم 26 أبريل، أُحرز تقدم ملحوظ بحسب ما أعلنه وزير الخارجية عباس عراقجي، واصفًا المحادثات بأنها “جادة وبناءة”. وبحسب تقرير “نيويورك تايمز”، تركزت المناقشات على مستويات التخصيب ومخزونات اليورانيوم، وأكدت إيران استعدادها لتقديم ضمانات تتعلق بالشفافية. الجولة المقبلة في مسقط، والمقررة في 3 مايو، تهدف إلى وضع إطار لاتفاق نهائي يضمن رفع العقوبات الاقتصادية مع الإبقاء على حق إيران في التخصيب السلمي.

إيران من جانبها أكدت على شروط واضحة، تشمل رفعًا كاملاً للعقوبات، والاعتراف بحق التخصيب داخل البلاد، وتقديم ضمانات دولية لتنفيذ أي اتفاق يتم التوصل إليه. وأشار عراقجي في تصريحاته يوم 30 أبريل إلى تراجع الدور الأوروبي (بريطانيا، فرنسا، ألمانيا) نتيجة “سياساتهم المنحازة”، لكنه عبّر عن استعداد بلاده للقاء ممثليهم قبل الجولة القادمة، في إطار نهج دبلوماسي متوازن رغم التهديدات الأوروبية بتفعيل “آلية الزناد”، التي وصفها بأنها “ابتزاز سياسي” لن تنصاع له إيران.

في موازاة ذلك، يواصل الكيان الصهيوني محاولاته لإفشال مسار التفاوض من خلال ممارسة ضغوط على إدارة ترامب. ووفقًا لما نشرته “جيروزاليم بوست” في 15 أبريل، فإن نتنياهو يطالب بتفكيك البرنامج النووي الإيراني بالكامل، وهو مطلب غير واقعي يهدف لإفشال أي اتفاق. عراقجي بدوره اتهم نتنياهو بـ”التدخل السافر” في السياسة الأمريكية، ومع ذلك، فإن تصريحات ترامب الإيجابية في 30 أبريل تشير إلى أن إيران نجحت في إقناع واشنطن بجدوى الحل الدبلوماسي، وهو ما يُضعف من تأثير الضغوط الصهيونية.

التزام إيران بسلمية برنامجها النووي يظل راسخًا، حيث تؤكد أن هدفه تلبية احتياجات الطاقة والبحث العلمي والتطبيقات الطبية، دون أي طموح لتطوير أسلحة نووية. زيارة مدير الوكالة الدولية رافائيل غروسي إلى طهران في 28 أبريل عززت هذا الموقف، حيث عبّر عن ارتياحه الكبير لمستوى التعاون الإيراني. ومن الجدير بالذكر أن إيران قدمت عينات نظيفة للوكالة منذ عام 2002، لكن تصريحات الرئيس الأسبق حسن روحاني في 28 أبريل كشفت عن مؤامرة أمريكية-صهيونية تم فيها استبدال هذه العينات بأخرى ملوثة عمدًا لاتهام إيران زورًا، فضلًا عن إدخال أجهزة طرد مركزي مستوردة ملوثة بنسبة تخصيب عالية تجاوزت 80%، ما تسبب في خلق سوء فهم دولي.

هذه المؤامرات التي تقف وراءها حكومة الاحتلال ووسائل إعلامها تهدف إلى تشويه سمعة إيران وتبرير فرض العقوبات، بينما يُتجاهل السلاح النووي غير الخاضع للرقابة الذي يمتلكه الكيان. وقد أكد القائد الأعلى السيد علي خامنئي في 18 مارس أن إيران لا تسعى إلى امتلاك أسلحة نووية، منتقدًا ازدواجية المعايير الغربية في التعامل مع التزامات الاتفاق النووي.

أما انفجار ميناء الشهيد رجائي، الذي وقع بالتزامن مع المفاوضات، فهو يشير بوضوح إلى عمل تخريبي مدعوم من الكيان الصهيوني، حيث كشفت مصادر مطلعة في 30 أبريل عن رصد شفرات اتصال بين عملاء معادين، توحي بتخطيط لتكرار هذا النوع من الهجمات في منشآت حيوية تشمل موانئ ومصانع بتروكيميائية ومختبرات في أصفهان. وقد أوردت صحيفة “هآرتس” في 20 أبريل أن الكيان الصهيوني يستخدم أدوات التجسس الإلكتروني وتجنيد عملاء محليين لاستهداف البنية الصناعية الإيرانية، بينما أشارت “نيويورك تايمز” في 13 أبريل إلى أن هذا الاستهداف يتم عبر استغلال التذمر الداخلي في بعض القطاعات.

احتمال تورط عناصر داخلية مدفوعة من الخارج وارد بقوة، خاصة في ظل الأزمة الاقتصادية التي قد تدفع بعض الأفراد إلى العمالة. وهذا الحادث التخريبي لا يهدف فقط إلى إحداث خسائر، بل إلى زعزعة الموقف الإيراني عشية المفاوضات، مما يستوجب تحقيقًا فوريًا لكشف المتورطين، مع تعزيز الحماية الأمنية للمنشآت الحيوية.

وعلى الرغم من تصريحات ترامب الإيجابية بشأن التوصل إلى اتفاق، إلا أن فرض عقوبات جديدة في 29 أبريل على كيانات إيرانية وصينية يكشف عن تناقض واضح في سياسة واشنطن. عراقجي وصف هذه العقوبات بأنها “استفزازية” وتثير الشكوك حول مدى جدية الولايات المتحدة. وتأتي هذه العقوبات بالتوازي مع تصريحات سناتورات جمهوريين مثل تام كوتن وجوني إرنست، التي دعت إلى تفكيك كامل للبرنامج النووي الإيراني، وهددت باستخدام القوة، وهي تصريحات تعكس بوضوح تأثير اللوبي الصهيوني في دوائر صنع القرار الأمريكية. غير أن هذه التهديدات لا تجد ما يدعمها، لا من جهة الحقائق التقنية ولا من ناحية القانون الدولي، حيث واصلت الوكالة الدولية للطاقة الذرية تأكيدها على سلمية البرنامج الإيراني.

في هذا السياق، تمضي إيران في نهجها الدبلوماسي المتوازن، كما يتجلى من خلال تعاونها المثمر مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وتحضيرها للجولة المقبلة من المفاوضات التي تمثل فرصة استراتيجية لرفع العقوبات وتثبيت حقوقها السيادية في التخصيب السلمي، بدعم حلفاء مثل روسيا والصين. وفي مواجهة المؤامرات التخريبية، أصدرت السلطات الإيرانية في 30 أبريل توجيهات عاجلة تتضمن تكثيف المراقبة باستخدام تقنيات متقدمة في الموانئ والمنشآت الصناعية، ومراجعة أنظمة الأمان في المختبرات ومصانع البتروكيميائيات، إلى جانب تعزيز التنسيق الأمني بين الأجهزة المعنية، وتفعيل حملات التوعية الوطنية لقطع الطريق على محاولات الاستقطاب الداخلي.

وأمام كل هذه التحديات، يظل البرنامج النووي السلمي الإيراني عنوانًا للسيادة والاستقلال، في مواجهة حصار أمريكي-صهيوني متعدد الأوجه. ما كشفه روحاني من تفاصيل خطيرة عن المؤامرات السابقة يعزز رواية إيران، ويعطي دفعة إضافية لموقفها في المفاوضات المقبلة. أما انفجار ميناء الشهيد رجائي، فيؤكد أن العدو الصهيوني ماضٍ في مساعيه التخريبية، إلا أن يقظة إيران الأمنية، إلى جانب وحدتها الوطنية، كفيلة بإفشال تلك المؤامرات وضمان انتصارها على الصعيدين الدبلوماسي والأمني.

One Comment on “إيران تحت الحصار: دبلوماسية حازمة في مواجهة التحديات – نجاح محمد علي ”

  1. ها هي إيران، رغم كل تصريحاتها البالونية الفارغة بأنها لن تجلس على طاولة المفاوضات مع الامريكان الا بعد رفع الحصار عنها بشكل كامل، تجلس مرغمة مع الشيطان الأكبر في مفاوضات فرضها الرئيس الأمريكي ترامب على إيران فرضا وبدون اية شروط ايرانية مسبقة. وقد يقول البوق الإيراني كاتب هذه المقالة بأنها مفاوضات غير مباشرة (لحفظ ماء الوجه ليس الا)، اقول له سواء كانت مباشرة على نفس الطاولة، او غير مباشرة في غرفتين متجاورتين، المهم ان النظام الإيراني رضخت ان تتفاوض مع الامريكان متخلية عن شرطها برفع العقوبات الاقتصادية عنها أولا. لكن لماذا اصلا وافقت إيران التفاوض مع الشيطان الأكبر الذي لم يكتف فقط بعدم رفع الحصار الاقتصادي عنها فحسب بل زاد في ذلك وفرض عقوبات جديدة عليها في أثناء هذه المفاوضات الجارية نفسها!! فهل هنالك اهانة واذلال أمريكي للنظام الإيراني اكثر من ذلك؟ ان شعوب المنطقة، ومنها الشعوب الإيرانية ذاتها، تنتظر مزيدا من الاذلال لهذا النظام المجرم الذي عاث في المنطقة خرابا ودمارا وفتنة وفوضى وعنجهية قبل أن توارى تحت التراب تلاحقه اللعنات مرة والى الأبد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *