وكأن مصائب العراق قد ذابت وإختفت معها كل مشاكل هذا البلد المهموم، ولم تبق سوى دعوة الرئيس السوري أحمد الشرع لحضور مؤتمر القمة في بغداد.
حكاية بدأت تُشغل ساسة العراق ويتنافس عليها المتنافسون في صراعهم السياسي، حتى أصبحت دعوة الشرع إلى بغداد حكاية من حكايات التحشيد الإنتخابي بين فريقين، يسعى الأول إلى دعوته للحضور فيما يهدد الفريق الثاني بالإعتراض على الزيارة حتى لو أُغلقت الشوارع بالتظاهرات.
لم تمض أيام على البيان التحذيري الذي أصدره حزب الدعوة بزعامة نوري المالكي بخصوص زيارة الشرع لبغداد حتى بات واضحاً أن صدى ذلك البيان أصبح يتعالى في الفراغ بعد أن تشتت أصدائه وسط أروقة الحكومة.
على عكس بيان حزب الدعوة الذي خرج السوداني من عبائته فقد بادر رئيس الحكومة بإرسال وفداً ممثلاً بوزير الثقافة العراقي لتسليم الشرع دعوة الحكومة العراقية لحضور مؤتمر القمة العربي الذي سيُعقد في بغداد في السابع عشر من آيار.
لم تكتف الحكومة بدعوة الشرع بل بادرت بإهداء الجانب السوري 220 ألف طن من القمح كهدية للشعب السوري.
أكثر من دعوة أو تأكيد وجّهت إلى الشرع من الحكومة العراقية بدأت عن طريق رئيس جهاز المخابرات العراقي حميد الشطري تبعها تأكيد أو رسالة بيد وزير الثقافة والسياحة العراقي أحمد البدراني سُلّمت بيد الشرع.
تعوّل حكومة السوداني الأمل الكبير على هذه القمة في حضور أغلب الرؤساء والقادة العرب وهو ما يعتبره خصوم السوداني دعاية إنتخابية مبكرة يستفيد منها رئيس الحكومة في حملته التي بدأت مبكراً.
دخول مجلس النواب على خط الرفض لحضور الشرع من خلال جمع أكثر من 50 توقيعاً تحت قبته لإتخاذ الإجراءات اللازمة لمنعه من دخول الأراضي العراقية عزز حقيقة وجود رفض من جهات حزبية تمتلك أصوات برلمانية تسعى لتنفيذ مذكرة إعتقال الشرع.
موعد إنعقاد القمة العربية يتزامن مع زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لدول خليجية وهو ما يثير أكثر من سؤال حول علاقة الزيارة بالقرارات التي ستخرج من هذه القمة.
خصصت الحكومة العراقية مبلغ 260 مليار دينار أي ما يقارب 200 مليون دولار تكلفة مؤتمر القمة، وهو ما يعده بعض المختصين بوجود مبالغة في التقديرات، في وقت يشهد العراق أزمة مالية خانقة قد تمتد إلى رواتب الموظفين في الأشهر القادمة.
من المؤكد إن حكاية القمة العربية ستصبح مادة دسمة لصراع سياسي بين جهة تريد إنجاحها لمنافع متعددة الأغراض، وأخرى ترغب بإفشالها حتى لاتُحسب إنجازاً للحكومة.
من المؤكد إن الحكومة وحسب ما تتحدث به دهاليز السياسة ستلجأ إلى تشديد الإجراءات الأمنية في موعد إنعقاد المؤتمر ولايُستبعد أن تكون من ضمن الإجراءات منع التجوال والحركة في شوارع العاصمة.
إنتهت كل مشاكل العراق السياسية والإقتصادية ولم يعد يشغل برلمانه وحكومته سوى سؤال يردده نواب للبرلمان وساسة السلطة وهو هل يحضر الشرع إلى مؤتمر القمة أم لا؟.
كل مصائب العراق ضاعت في متاهة ذلك السؤال الذي لايحتاج إلى إجابة مطولة، فمتى كانت مؤتمرات القمة حلاً لمشاكل العرب؟
مؤتمر القمة المنعقد في بغداد قد لا يحضره الشرع وهو ما تتوقعه مصادر سياسية في بغداد، لتتحول إلى حلبة سباق سياسي وكلٌ يريد أن يستبق خصمه بالضربة القاضية وما على الجمهور إلا المشاهدة والإستمتاع بالنزال بإنتظار الإعلان عن نهاية الجولة.