ماذا أظهرت التكنلوجيا لنا ؟ التكنولوجيا أظهرت لنا أموراً لم نكن لندركها ولو بعد ألف عام ، فقد أظهرت التكنلوجيا هناك بون شاسع بين الدول الحقيقية والدول الكارتونية ، الدول القائمة على أساس علمي والدول القائمة على أساس خرافي ، الدول التي تسعى لحجز مكانة لها بين الأمم من أجل مستقبل أبناءها والدول التي تسعى لقتل و وأد أبناءها تقليداً بما كان يفعله الأولون بأبنائهم ، التكنلوجيا أظهرت لنا بأن شعوب المنطقة مازالت تعيش أجواء قصص ألف ليلة وليلة وعلاء الدين والمصباح السحري والسندباد وبنت السلطان وتعيش يومها غير مبالية ليوم غد لأن الثروات والخيرات المخزونة في أراضيها كفيلة بإطعامها وتغذيتها وكسوتها وتسليتها لأجل غير مسمى ، وهي تدري بأن نهاية وجودها مع نهاية ثرواتها لذلك فقد أكتفت أن تكون في آخر الركب وخرجت من سباق التنافس مع الأمم لأنها لا تمتلك شيء لتنافس به ، التكنولوجيا أظهرت لنا بأن غالبية مجتمعاتنا يمكن خداعها والضحك على ذقونها بالخطب الثورية الدينية العاطفية ويمكن خداعها بالروايات التي تعج بها مكتباتنا ( بالمناسبة تأريخنا عبارة عن روايات مروية عن طريق سلسلة من الناس ، فإذا حذفنا الروايات من تأريخنا ينتهي تأريخنا ) التكنولوجيا أظهرت لنا بأن بعض الشعوب فيها الإنسان حقيقي فعال كما قرأنا عنه في كتب التأريخ وكتب الأحياء وكتب علم الأجتماع وبعض الشعوب فيها الإنسان نصف حقيقي والنصف الأخر جماد أو حيوان أو موات وشعوب أخرى فيها الإنسان الحقيقي أنقرض ولم يعد له وجود والموجود مجرد كائن يمشي على الأرض هو استنساخ مزيف للتداول فقط . التكنولوجيا أظهرت لنا بأن الفضاء الخارجي والكواكب والمجرات أصبحت ملكاً لبعض المجتمعات ونحن نائمون ، غالبيتنا لا يملكون شبراً واحداً من الأرض ليسكنوا فيها ، وبعضهم ينام بالعراء لكنهم يجيدون الصراخ ب ( لبيك يافلان أو أرواحنا له الفداء ) .. هذه الفوارق لم نكن نعرفها لولا فضل التكنولوجيا التي تكفلت بإيصال الحقائق بلا رتوش وكشفت ما كان بعيداً عن الأنظار . سبعون عاماً كانوا يقنعوننا بأن إسرائيل سيتم رميها بالبحر وإزالتها من الوجود ، وإذا بالتكنلوجيا تظهر لنا بأن هذا البحر الذي كانوا يتحدثون عنه موجود في مخيلاتهم ولولا رحمة الله لكانت إسرائيل هي التي رمتهم في الجحيم وليس في البحر . التكنلوجيا فضحت ما كان مستوراً لمئات السنين ، أمور كثيرة لا تعد ولا تحصى أظهرته لنا التكنلوجيا وأعطت لنا تفاصيله دون عناء سواء في البحار والمحيطات أو في الفضاء أو في عالم الكائنات الحية أو في أنفسنا ، وهذا الكم الهائل من المعارف السهلة التداول جعلت بعض المجتمعات تنتقل إلى مستوى ملائكي وكأنهم خرجوا من خانة البشر ، لكن الصدمة أن تتحول مجتمعات أخرى إلى الحضيض بعكس إتجاه التطور لكي يعودوا إلى الماضي في خفي حنين بعد أن وجدوا أنفسهم ليسوا بمقاس الحاضر . التكنولوجيا أظهرت لنا بأن الذي يفكر بشكل صحيح ويعمل بشكل صحيح يحصد ثمار عمله ويتسيد الحياة وتركع له الدنيا ذليلة ، فالدنيا لم تعد تركع لمن كان يغدر ويقتل ويسرق كما كان في السابق فاليوم كل شيء أصبح بالمكشوف ، فمن لا يكون أهلاً لها لن تكون الدنيا أهلاً له . فهؤلاء الذين سعوا في الحياة الدنيا وكانوا صادقين في مسعاهم نالوا ثمرة سعيهم وكان سعيهم مشكورا كما يعبر عنه القرآن الكريم .