العدّ التنازلي للعدالة: هل نصل في الوقت المناسب؟- أمير كريم محمد 

 

 

الوقت الذي يمرّ… هو الحقيقة التي تفرّ

قراءة قانونية وإجرائية في التعامل مع الأخبار عن الجرائم خارج أوقات الدوام الرسمي

امير كريم النائلي الشمري

من المبادئ الجوهرية في التحقيق الجنائي أن السرعة في الوصول إلى مسرح الجريمة تُمثل عنصرًا حاسمًا في الحفاظ على الأدلة، خاصة الآثار التي يتركها الجاني، والتي قد تكون عرضة للضياع بفعل الظروف الطبيعية أو تدخل الإنسان، المتعمد أو غير المتعمد. وتُعدّ “نظرية لوكارد” واحدة من أهم النظريات في هذا المجال، حيث تؤكد أن كل من يمرّ بمسرح الجريمة يترك أثرًا. لكن هذه الآثار لا تبقى إلى الأبد، ولذلك فإن الوقت الذي يمرّ هو الحقيقة التي تفرّ.

إجراء متكرر لكنه غير دقيق

من المُلاحَظ أن بعض المُشتَكِينَ ، بعد تعرضهم لحوادث كالسرقة خارج أوقات الدوام الرسمي، يتوجهون مباشرة إلى محكمة التحقيق الخافرة، للحصول على قرار من السيد قاضي التحقيق الخفر  بتحويلهم إلى مكتب مكافحة الإجرام أو مركز الشرطة اذا كان من أختصاصه، ليبدأ التحقيق لاحقًا. هذا الإجراء قد يبدو قانونيًا، لكنه غير دقيق من الناحية الفنية والقانونية.

الإجراء الصحيح قانونًا وفنيًا

وفقًا للمادة (1) من قانون أصول المحاكمات الجزائية العراقي، تُحرّك الدعوى الجزائية بشكوى تُقدّم إلى قاضي التحقيق، أو المحقق، أوأي مسؤول في مركز الشرطة. أما المادة (43) فتُلزم عضو الضبط القضائي، عند وقوع جريمة مشهودة، أن يُخبر الجهات المختصة وينتقل فورًا إلى محل الحادثة ،  وغير ذلك من النصوص.

وهنا تتجلى أهمية المستجيب الأول — أي  من أعضاء الضبط القضائي او افرد القوات الامنية الموجود لحظة التبليغ الذي يتحرك بدون قرار قضائي تحريري — في اتخاذ الإجراءات الأولية التي تحفظ مسرح الجريمة وتمكن لاحقًا من جمع الأدلة بفعالية.

أن التوجه مباشرة إلى قاضي التحقيق خارج أوقات الدوام، بدلاً من إبلاغ مركز الشرطة، يُعدّ خللاً في سير التحقيق، وقد يؤدي إلى ضياع الأدلة أو تشويه مسرح الجريمة. من هنا، فإن احترام التسلسل الإجرائي السليم، والاستعانة الفورية بالجهات المختصة، يُعدّ السبيل الأفضل لضمان العدالة وكشف الحقيقة، و ماعلى المسؤول في مركز الشرطة عند ورود أخبار عن جريمة ألا أن يباشر بفتح المحضر وأتخاذ باقي الاجراءات القانونية ،هذا وقد سجلت مفارز مسرح الجريمة في مديرية تحقيق الادلة الجنائية وقتاً قياسياً في سرعة الوصول إلى مسرح الجريمة  .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *