التطور السريع لتقنيات الذكاء الاصطناعي؛ أدى إلى ظهور تحديات قانونية معقدة، أبرزها مسألة مسؤولية الذكاء الاصطناعي عند ارتكاب جريمة، لم يعد الذكاء الاصطناعي مجرد أداة تُستخدم تحت سيطرة الإنسان؛ ففي بعض الحالات، يتخذ قرارات مستقلة بناءً على بيانات وخوارزميات معقدة؛ وهذا يثير تساؤلات حول مدى إمكانية مساءلة هذه الأنظمة أو مبرمجيها أو مستخدميها عن ارتكاب أفعال تُعتبر إجرامية.
تستند التشريعات الجنائية التقليدية، بما في ذلك القانون العراقي، إلى فرضية أن المسؤولية الجنائية لا تُفرض إلا على الشخص “الطبيعي” أو “الاعتباري” الذي يمتلك الوعي والإرادة؛ ومع ذلك، يبقى الذكاء الاصطناعي كياناً غير قانوني، يفتقر إلى الشخصية القانونية، وبالتالي لا يمكن مساءلته بشكل مباشر بموجب النصوص القانونية التقليدية، وهذا يؤكد الحاجة إلى تعديلات قانونية لسدّ هذا الفراغ التشريعي.
في بعض البلدان، ظهرت اتجاهات تشريعية حديثة تقترح تحميل المسؤولية لمبتكري أو مطوري أنظمة الذكاء الاصطناعي إذا ثبت علمهم بإمكانية حدوث ضرر ناجم عن هذه الأنظمة دون اتخاذ تدابير وقائية، يُقترح أيضاً تطوير مفهوم “السيطرة المفترضة” ليشمل من يستخدمون هذه الأنظمة دون ضمان سلامة قراراتهم، في العراق، لا يزال النظام القانوني يفتقر إلى أحكام واضحة بشأن هذه المسألة، وهذا يستدعي مراجعة شاملة لقانون العقوبات، ووضع صيغ مساءلة جديدة تراعي خصوصية الجرائم المتعلقة بالتكنولوجيا.
في الختام، يفرض الذكاء الاصطناعي واقعاً قانونياً جديداً يتطلب تعديلات جنائية مرنة وعميقة، تستند إلى فهم تقني دقيق لطبيعة هذه الأنظمة، وتوازناً بين حماية المجتمع وضمان عدم إفلات المسؤولين من العقاب.