صوت كوردستان:
ما يجري في سوريا اليوم هو مأساة إنسانية بكل معنى الكلمة، حيث يواصل تنظيم الجولاني (هيئة تحرير الشام) نشر الرعب والدمار في صفوف المدنيين الأبرياء، مستهدفاً بشكل خاص الطوائف التي ترفض الخضوع لسلطته المتطرفة، مثل العلويين والدروز . هؤلاء الإرهابيون الذين يتحركون تحت شعارات دينية زائفة، يستخدمون الدين كغطاء لأعمالهم الوحشية، ويبررون قتل الأطفال والنساء والمسنين بحجة “الجهاد”، بينما الواقع يكشف أنهم لا يمثلون سوى مشروع تطرف وإرهاب يهدف إلى فرض سيطرتهم الطائفية على البلاد.
من هم “المجرمون” في سوريا؟
في ظل الفوضى التي تعيشها سوريا، يحاول الجولاني وجماعته تقديم أنفسهم كـ”حماة للقانون والنظام”، بينما الحقيقة تقول إنهم أبعد ما يكونون عن القانون.
- قوانين البعث الأسدي : نظام الأسد نفسه لم يكن يومًا نموذجًا للعدالة أو الديمقراطية، بل كان نظامًا استبداديًا قمعيًا.
- قوانين التطرف الإسلامي : الجولاني وجماعته لا يعتمدون على أي قوانين إنسانية أو دولية، بل يتبعون “قانون الغابة”، حيث القتل والذبح وأعمال العنف هي القاعدة.
وبالتالي، عندما يتحدث الجولاني عن “محاربة الخارجين عن القانون”، فإنه يعني كل من يعارضه، سواء كانوا مدنيين عزل أو مقاتلين يسعون لتحقيق الحرية. وهنا نجد أنفسنا أمام حالة من الانفصام الأخلاقي والسياسي، حيث يتم تصنيف الضحايا كـ”أعداء” فقط لأنهم رفضوا الخضوع لسلطة التطرف.
جرائم الجولاني: المسؤولية القانونية والدولية
لا يمكن تبرئة الجولاني من الجرائم التي ارتكبها تنظيمه ضد الشعب السوري. فهو القائد العسكري والسياسي لهذه الجماعة، وبالتالي يتحمل المسؤولية الكاملة عن كل قطرة دم سُفكت باسمه أو بأوامره.
- إذا كان العالم قد حمل صدام حسين المسؤولية القانونية عن جرائم الجيش العراقي، رغم أنه لم يقتل بنفسه أحدًا، فكيف يمكن أن يُعفى الجولاني من المسؤولية وهو الذي يقود تنظيمًا يمارس الإبادة الجماعية؟
- لماذا يبقى المجتمع الدولي صامتًا أمام هذه الجرائم؟ ولماذا يتم استقبال الجولاني في العواصم الغربية، مثل باريس وواشنطن، وكأنه “زعيم شرعي”؟
صمت أوروبا وازدواجية المعايير
أوروبا، التي تدعي الدفاع عن حقوق الإنسان وحماية القيم الإنسانية، تسقط في اختبار سوريا بشكل كامل.
- كيف يمكن لدول مثل فرنسا والولايات المتحدة أن تستقبل الجولاني وتتعامل معه كـ”شريك محتمل” في الحل السياسي، بينما يديه ملطختان بدماء المدنيين الأبرياء؟
- هذه الازدواجية في المعايير تعكس استخفافًا بالقيم الإنسانية، حيث يتم التضحية بمبدأ العدالة من أجل تحقيق مصالح سياسية ضيقة.
الدروز والعلويون: ضحايا التطرف والإرهاب
الطائفتان الدرزية والعلوية تحملان العبء الأكبر من جرائم الجولاني وجماعته.
- الدروز : تعرضوا للمذابح والتهجير في مناطق مثل السويداء وجرمانا، حيث تم استهدافهم بسبب رفضهم الخضوع للتطرف.
- العلويون : يواجهون حملات إبادة ممنهجة، حيث يتم تصويرهم كـ”رموز لنظام الأسد”، رغم أن غالبيتهم مدنيون لا علاقة لهم بالصراع السياسي.
هذه الجرائم ليست مجرد “انتهاكات”، بل هي إبادة جماعية تستهدف التنوع الثقافي والديني في سوريا.
إلى متى سيستمر الصمت الدولي؟
إن ما يحدث في سوريا اليوم ليس مجرد صراع داخلي، بل هو جريمة دولية تتطلب موقفًا واضحًا من المجتمع الدولي.
- يجب أن يُحاسب الجولاني وجماعته على جرائمهم، سواء عبر المحكمة الجنائية الدولية أو عبر آليات أخرى.
- الدول التي تدعي الديمقراطية عليها أن تقطع علاقاتها مع الجولاني وجماعته، وأن توقف دعمها السياسي أو العسكري لهم.
- كما يجب أن يتم فضح هذا النفاق الدولي الذي يتعامل مع الإرهابيين كـ”شركاء” في الوقت الذي يدين فيه ضحاياهم.
سوريا تحتاج إلى عدالة حقيقية
سوريا اليوم تعيش في ظل نظامين قمعيين: نظام الأسد من جهة، ونظام الجولاني من جهة أخرى. كلاهما مسؤول عن دماء السوريين الأبرياء، وكلاهما يجب أن يُحاسب. لكن ما يثير الاستغراب هو الصمت الدولي تجاه جرائم الجولاني، بل واستقباله كـ”شريك محتمل”.
هل ستتحرك الدول التي تدعي الدفاع عن حقوق الإنسان لوضع حد لهذه الجرائم؟ أم أن سوريا ستظل مسرحًا لتجارب سياسية وعسكرية على حساب دماء المدنيين؟