الجدل حول مستقبل حزب العمال الكردستاني وقضية أوجلان يبرز تباينات داخل تركيا

في ظل التطورات الأخيرة المتعلقة بـ حزب العمال الكردستاني (PKK) ، برزت تباينات واضحة بين مؤسسات الدولة التركية وأحزاب المعارضة حول جدوى الإعلان عن حل الحزب ومصير زعيمه التاريخي المسجون عبد الله أوجلان . هذه التطورات، التي جاءت بعد إعلان الحزب اتخاذ “قرارات تاريخية” خلال مؤتمره في الفترة بين 5 و7 مايو 2025، فتحت الباب أمام نقاشات مكثفة حول مستقبل القضية الكردية في تركيا.

تصريحات الرئيس التركي: “أخبار جدية في أي وقت”

في أول تعليق له على بيان حزب العمال الكردستاني، الذي أعلن عن قرارات تاريخية، قال الرئيس رجب طيب أردوغان :
“يمكن أن نتلقّى أخباراً جدية في أي وقت.”

هذا التصريح يعكس تفاؤلاً حذراً من قبل الحكومة التركية بشأن إمكانية تحقيق تقدم في ملف السلام مع الأكراد. ومع ذلك، فإن الجدل لا يزال قائماً حول ما إذا كانت هذه الخطوة ستؤدي إلى حل دائم أم أنها مجرد محاولة لتحسين صورة الحزب دون تفكيك بنيته التنظيمية بالكامل.

أوزغور أوزيل: دعم الحل وإطلاق سراح السجناء السياسيين

زعيم المعارضة التركية ورئيس حزب “الشعب الجمهوري” ، أوزغور أوزيل ، أكد دعمه لحل مشكلة الإرهاب والقضية الكردية، قائلاً:
“نعم لتركيا خالية من الإرهاب.”

وأضاف أوزيل أن حزبه يؤيد تماماً خطوة إلقاء حزب العمال الكردستاني سلاحه، لكنه انتقد الحكومة بشدة بسبب عدم اعترافها بوجود “مشكلة كردية”، قائلاً:
“حتى لو فشلت هذه العملية ولم يفِ النظام الحالي بوعوده للأكراد، فإننا في نهاية المطاف سنصل إلى السلطة، وسنعمل بالتأكيد على إرساء الأخوة بين الأتراك والأكراد.”

أوزيل ربط بين قضية الأكراد والقضايا السياسية الأخرى، مثل إطلاق سراح رئيس بلدية إسطنبول المعتقل أكرم إمام أوغلو وبقية السجناء السياسيين، مؤكداً أن “تصحيح الممارسات الخاطئة” في البرلمان يجب أن يكون على رأس الأولويات.

حزب “الجيد”: الاتهامات بالخيانة

على الجانب الآخر، وصف حزب “الجيد” القومي المعارض العملية الجارية بأنها “عملية خيانة” جديدة ومشروع خداع. وأكد نائب رئيس المجموعة البرلمانية للحزب، تورهان تشوميز ، ضرورة مكافحة الإرهاب، لكنه شكك في نوايا أردوغان وحكومته، قائلاً:
“لماذا لم يأخذوا خطوة واحدة خلال 23 عاماً من وجودهم في السلطة للقضاء على مشكلة حزب العمال الكردستاني وحل المشكلة الكردية؟”

تشوميز أشار إلى أن الهدف الحقيقي لهذه العملية قد يكون وضع دستور جديد يسمح لأردوغان بالترشح مرة أخرى للرئاسة، معتمداً على دعم حزب “الديمقراطية والمساواة للشعوب” المؤيد للأكراد.

الجدل حول “تفكيك الحزب من الجذور”

برزت تساؤلات حول مدى جدوى الإعلان عن حل حزب العمال الكردستاني إذا لم يتم تفكيك بنيته التنظيمية بشكل كامل. بعض الأطراف تعتبر أن مجرد إعلان الحزب حل نفسه قد لا يكون كافياً إذا استمرت شبكاته المسلحة وتنظيماته الموازية في العمل. هذا التناقض في وجهات النظر يعكس تعقيد المشهد السياسي الداخلي في تركيا.

مصير عبد الله أوجلان: محور النقاش

مصير الزعيم التاريخي للحزب، عبد الله أوجلان ، لا يزال أحد المحاور الرئيسية في النقاش. بينما يرى البعض أن إطلاق سراحه أو تحسين ظروف اعتقاله يمكن أن يكون خطوة بناءة نحو السلام، يعتقد آخرون أن هذا قد يؤدي إلى تصعيد التوترات داخل البلاد، خاصة بين التيارات القومية.

التحديات المقبلة

رغم التفاؤل الذي تثيره هذه التطورات، لا تزال هناك تحديات كبيرة:

بناء الثقة:
إعادة بناء الثقة بين الحكومة التركية والكورد يتطلب خطوات عملية وضمانات واضحة.

تفكيك البنية التنظيمية:
مجرد إعلان الحزب حل نفسه قد لا يكون كافياً إذا استمرت شبكاته المسلحة في العمل.

إطلاق سراح السجناء:
مسألة إطلاق سراح عبد الله أوجلان والسجناء السياسيين ستكون اختباراً حقيقياً لجدية العملية.

إعلان حزب العمال الكردستاني اتخاذ قرارات تاريخية وخطوات نحو السلام يمثل بداية مهمة، لكنها تحتاج إلى ترجمة فعلية على الأرض. الجدل الدائر داخل تركيا حول هذه الخطوة يعكس تعقيد المشهد السياسي وضرورة التعامل مع القضية الكردية بحذر وشفافية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *