كتب قبل أسبوع مقالة تتحدث عن أيام حكومة البعث الشوفيني، التي لم يسلم منها إلا من كان ضمن المنظومة الأمنية والحزبية، والمقربين سواء كان من العائلة الحاكمة، أو من صلاح الدين ومقترباتها، ويأتي بالدرجة الثانية المحافظات الغربية، وهؤلاء لديهم مناصب تؤهلهم لاحتقار أي شخص من الجنوب، أو من الطائفة الشيعية حصراً، وهذا ولد إختلاف عقائدي خصوصاً، عندما تبني عزة الدوري ملف السلفية بعد إنتهاء حرب الخليج .
بمحض الصدفة التقيت بأحد من أفلت من مثرامة الرضوانية، أيام تسعينات القرن الماضي، وجرى الحديث حتى وصلنا لنقطة، أخذ السارد برهة من السرحان في أفكارهِ وقال : اسمع كنت ضمن من تم جمعهم بمحافظة الديوانية، وتم إعتقالنا من الشارع أيام الإنتفاضة الشعبانية، وجمعونا بمكان ومن ثم إقتيادنا الى بغداد، بمكان لم أشاهدهُ في حياتي، ويخلوا من الشواهد التي تدل على المكان .
وبعد كيل من الإهانات والسباب وكيل الإتهامات جزافاً، ولم نكن سوى مواطنين عاديين، صحيح اننا لم نكن للنظام أي إنتماء، لكن كنّا نعيش على قد الحال، وحالنا حال الأكثرية مغلوب على أمرنا، والذي لم يسلم اي عراقي من السوق للخدمة العسكرية، أو الجيش الشعبي أيام ثمانينات القرن المنصرم، وبعد إنتهاء سيل السباب والشتائم أدخلونا لبوابة من فوق! وليس بوابة ارضية عادية، بحيث أذا دخلت يستحيل عليك الخروج، إلا بحالة خاصة وأنا كنت منها .
كانت الجموع تأتي كل يوم، ويتم انزالها وكان هنالك جدار يدفعك الى فوهة، تدخل بها لتخرج من الجهة المقابلة مقطع الى قطع يصعب جمعها، وتلك التي يطلق عليها “المثرامة” وأنا كنت حين يتم تشغيلها، أذهب ناحية الجدار اتقي الوصول للفوهة، التي إذا دخلت فيها فتتحول الى عصارة يتم تصريفها بالنهر وينتهي الأمر، بقيت على هذه الحالة الى أن أنهكني الجوع والعطش، وفي برهة سمعت صوتا ينادي، من منكم يعرف بميكانيك السيارات، وان الذي أجهل كيف تعمل السيارة ونوع الوقود إضافة للقيادة .