في أعقاب المؤتمر الثاني عشر لحزب العمال الكردستاني (PKK) ، الذي أعلن فيه الحزب حل نفسه رسميًا وإنهاء نضاله المسلح، برزت تفسيرات متباينة حول معنى هذا القرار. بينما يصف قادة الحزب هذه الخطوة بأنها “انطلاقة جديدة” تعتمد على العمل السياسي والمجتمعي، تبدو تركيا مصممة على استكمال عملية نزع السلاح وملاحقة عناصر المنظمة حتى في المناطق الجغرافية التي كانت معاقلهم التقليدية، مثل منطقة قنديل . التباين بين الروايتين يعكس الفجوة بين الطرفين بشأن مستقبل القضية الكردية.
رؤية PKK: انطلاقة جديدة بناءً على فكر أوجلان
حيث أكد دوران كالكان ، عضو اللجنة التنفيذية للحزب، أن قرارات المؤتمر لا تمثل نهاية لحزب العمال الكردستاني بل انطلاقة جديدة تستند إلى فكر القائد المسجون عبد الله أوجلان . قال كالكان إن هذا التحول هو استجابة لدعوة أوجلان لتحقيق السلام والمجتمع الديمقراطي، مشيرًا إلى أن المرحلة المقبلة ستركز على النضال المدني والسياسي بدلاً من الكفاح المسلح.
وفقًا لكلام كالكان، فإن الحزب يستعد لمرحلة جديدة تعتمد على العمل السياسي والمجتمعي، بهدف بناء نموذج تحرري جديد في الشرق الأوسط. و يرى الحزب أن هذه النقلة ستكون أكثر عمقًا وفعالية، حيث سيتم التركيز على تحقيق السلام والاستقرار عبر الوسائل الديمقراطية.
استمرارية الفكر: و رغم حل الحزب بشكل رسمي، يبدو أن الأيديولوجيا التي يقوم عليها لن تتغير، بل سيتم إعادة صياغتها لتتناسب مع السياق السياسي الجديد.
رؤية تركيا: إنهاء التهديد بالكامل و اتسقرار الجيش التركي في أقليم كوردستان
من جهة أخرى، تبدو تركيا مصممة على ضمان القضاء بشكل كامل على حتى الكهوف التي أستخدمتها حزب العمال الكوردستاني و ليس فقط على الذين شاركوا في الحرب بشكل فعلي.
إغلاق معسكرات حزب العمال:
تخطط تركيا لإغلاق جميع المعسكرات التي كانت تستخدمها المنظمة للسكن والتدريب والتخزين، وذلك بعد اكتمال تسليم الأسلحة.
هذه الخطوة تهدف إلى القضاء على البنية التحتية العسكرية للحزب ومنع أي محاولات لإعادة تشكيله. اما بصدد قوات حزب العمال فسيتم تصنيف عناصر الحزب بناءً على سجلاتهم القضائية اي سيتم محاكمة البعض منهم، وسيعاد أولئك الذين لم يشاركوا في أعمال “إرهابية” حسب تركيا الى داخل تركيا عبر فرق مشتركة من الجيش التركي والاستخبارات.
و بسبب التوزع الجغرافي للمسلحين، فلن يتم إنشاء مراكز استسلام داخل تركيا، مما يشير إلى أن العملية ستكون مركزية ومنظمة.
مرحلة انتقالية مدتها 5 سنوات: تركيا تخطط لمرحلة انتقالية مدتها خمس سنوات، سيحتفظ خلالها الجيش التركي بوجوده في أقليم كوردستان لضمان عدم تجدد أي تهديدات حسب الحجة التركية.
مناطق أمنية خاصة:
محافظة شرناق التركية أعلنت تحديد مناطق أمنية خاصة مؤقتة، في خطوة لافتة بعد قرار حل الحزب. هذه الخطوة قد تكون جزءًا من استراتيجية تركيا لضمان السيطرة الكاملة على المناطق الحدودية ومنع أي تحركات.
عملية نزع السلاح: التعاون مع إقليم كردستان
سيتم تسليم الأسلحة في المناطق الخاضعة لسيطرة إقليم كردستان، مثل دهوك والعمادية وكويسنجاق. هذا التعاون يعكس تنسيقًا بين تركيا وإدارة إقليم كردستان، التي تسعى أيضًا إلى استقرار المنطقة. ستتولى الاستخبارات التركية توثيق عملية تسليم الأسلحة ومتابعة العناصر الذين لن يعودوا إلى تركيا.
التباين بين الرؤيتين: هل هناك طريق للتفاهم؟ رؤية PKK:
حزب العمال يرى أن قرار الحل هو بداية لمرحلة جديدة تعتمد على العمل السياسي والمجتمعي، ويأمل في تحقيق السلام عبر الوسائل الديمقراطية. لكنه لم يتخلى عن الأيديولوجية التي يقوم عليها، بل يعيد صياغتها لتتناسب مع السياق الجديد.
رؤية تركيا:
تركيا ترى أن التهديد لم ينتهِ تمامًا، وأنه يجب مواصلة العمليات الأمنية حتى يتم القضاء على كل بقايا الحزب. موقفها يعكس احتمال عودة النشاط المسلح أو تشكيل تنظيمات جديدة.
غياب الثقة بين الطرفين يجعل من الصعب تحقيق تقدم حقيقي. تصاعد العنف الطائفي في سوريا والعراق قد يؤثر على الجهود الرامية لتحقيق السلام في تركيا.
من الخطأ أن يتصور أي عاقل أن الحكومة التركية، التي تحتل كردستان تحت قيادة الطاغية أردوغان، قد تتخلى عن عنصريتها ونهجها القائم على التفرقة العرقية (Aparthied)، وتقبل بالمساواة مع الشعب الكردي، أصحاب الأرض الأصليين.
فلا أرى فرقًا بين أردوغان والمجرم المدان نتن ياهو، ويجب محاكمته في المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي كما حكم على نتن ياهو.
أنصح الشعب الكردي بتكثيف حملاتهم الإعلامية في الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا، وكذلك في جنوب أفريقيا ودول أمريكا اللاتينية، لكشف جرائم النظام التركي المحتل، الذي يسيطر على الأناضول منذ 29 أكتوبر 1923، وتوضيح أن الدولة التركية الحالية قامت على أكاذيب مصطفى كمال أتاتورك، الذي زعم في مؤتمر لوزان تمثيله للشعب الكردي في الدولة المستحدثة المسماة “تركيا”.