الزيارة لكنوز العرب زائرة 3من3- القصر الكبير : مصطفى منيغ

لن توقف عدوانها على غزة ، ولن تنسحب من لبنان ، ولن تترك سوريا تقيم دولتها على أنقاض ما أفسده عميد الإفساد بشار ، ولن تهدأ حتى تجر جمهورية مصر العربية إلي حرب ، و لن  يرتاح لها بال حتى تضرب إيران في أعز ما تملك ، ولن تنسي ما فعلت يمن الأحرار بها ، ولن تعبأ لا بقانون محلي ولا دولي ، ولن تعترف بحق عقيدة غير اليهودية ، ولن تقيم للإنسانية شرقاً وغرباً شمالاً وجنوباً أي قيمة أو أهمية تّذكر ، ولن تغير رغبتها في إقامة دولة  عبرية تمتد من الفرات إلي النيل ، ومَن أراد أن يشرب من البحر فليتفضل ، فإسرائيل ملكت المال والقوة ولن تنحني أرضاً حتى تفقدَ أحد الاثنين أو كلاهما معاً ، الولايات المتحدة الأمريكية ما دامت تجني من غطرسة مثل الكيان الصهيوني ما يكفيها من غنائم مادية أو معنوية ، ستعمل بكل الطرق الممكنة وغيرها  على إبقائه مدفعاً محشواً بالتهديد صوب مَن تريد  ، إن لم تغذيه بالمزيد من التأييد المُطلق من بعيد ، فبالمشاركة المباشرة وعن قُرب ،  لتنفيذ كل مخططاته المبتدئة بطرد الفلسطينيين ممَّا تبقَّى لهم من أرض ، أو إبادتهم على مراحل قادمة ، الزيارة التي قيل عنها الكثير من لدن ثلاثي الخليج العربي ستتلاشى أبعادها بمجرد عودة الرئيس ترامب لوطنه ، لمباشرة ما قد يغنمه أيضاً من ملف إيران ، الذي فطنت سلطة  المرشد العام في “ٌقُم” ، أن النظام العالمي الجديد المبتكر من طرف الرئيس ترامب ، ملخَّصه ” افعل ما تُريد مقابل ثمن ، وتمتَّع بزعامة منطقةٍ ما دمتَ قادراً على تزويد الثمن بأثمنةٍ مُستَدامة أفضل” ، وإيران غنية بثروات أرضها النفطية خاصة والمعدنية عامة  ، تستطيع الدَّفع لتقي آفة الدَّفع إلى ما لا يُحمد عقباه بواسطة إسرائيل المهيأة لمثل الانتقامات .

… لم تعد القضية مرتبطة بعد الزيارة المفصلية لرئيس أمريكا لدول ثلاث لم تكتف ببيع العروبة ، بل اشترت ما يمكِّنها من هذا البيع ببيع آخر ، استقلالها الحقيقي وخضوعها للمنطق الإسرائيلي ، التي نجحت إسرائيل في تلقين بعض أسراره للإدارة الأمريكية وستظل هذه الإدارة على هديه حتى تتبدد ما بقى للعرب المشرقيين من كرامة وعزة نفس ، وبالتالي تلك الهوية التي ميزت منهم البارحة ورثة المجد عن صناع الانحطاط حاضراً والاندماج مع السراب مستقبلاً . الزيارة استخرجت الكنوز ممّن احتفظوا بلقب العرب وما كانوا منهم بشهادة تصرفات ما هي بشيمة ذاك الأصل الأصيل ، ولا من اعتنقوا ذاك الدين العادل بين الناس ، الجاعل الحرام بيِّن والحلال بيِّن  وما تركَ أي ثغرة يتسرب منها نفاق المنافقين أو ظلم الظالمين أو تبذير المبذرين ، فأدخلَ المؤمنين الصادقين في إيمانهم ، سبل النور ليروا المحتاج منهم في وضوح تام ، فيتسارعون لنجدته ومساعدته وإعطائه ما يكفل له النهوض على أحسن ما يرام . فأي عائق حتمَّ على تلك الدول الثلاث التخلي الكلي عن مسلمي غزة  وهم يُذبحون أمام أعينهم صباح مساء لأزيد من سنة ونصف ، بل ليموتوا جوعاً وعطشاً ، كان بإمكانهم التدخُّل الفوري ، فلهم من الإمكانات المالية ما يشترون به مجموع إسرائيل ، لكنهم فضلوا الصمت وإتقان مسرحية ذرف الدموع أمام كاميرات الإعلام المرئي ، مدفوعين بالخوف الشديد من فقدان كراسي حكمهم إن غضبت عنهم الولايات المتحدة الأمريكية ، وبدل محاسبة هذه الأخيرة أغرقوها بمبالغ لا يملكون منها إلا السيطرة على ارزاق شعوبهم بالاستبداد.

… تلك أجزاء من حقيقة مرة أضفت على الحدث ما يُبقى سيطرة الوهم الخفي ينخر ذاكرة مَن صدقوا أن الولايات المتحدة الأمريكية ستفرض على إسرائيل تغيير سياستها اتجاههم وهي متربعة في لبها ومنذ زمان ، المصيبة أن الحل كامن بيد هؤلاء العرب  لو طُبِّق بما يوصي به ، لكن المملكة السعودية وقفت وتقف لمنع وقوعه كالصاعقة على ذاك الكيان ، لا يحرر الفلسطينيين مما هم فيه من عذاب ، بل يعيد للعرب مكانتهم بين الأمم ، وأبعد عالمهم من ويلات تطاحن وقلة استقرار والانكباب على وسائل التطور التنموي الحقيقي العائد بالرخاء على مساحة تواجدهم من المحيط إلى الخليج ، وهذا معناه بالعربي الفصيح أن تلك المملكة اختارت ما ينغص حياة باقي العرب لتحظى بزعامة تنقلها لأحلام وردية تجعل منها مشاركة رئيسية في قيادة العالم جنبا لجنب مع الكبار . قد تكون مرتبطة مع تخيُّل لا يدوم لكنه مؤدي ، ومهما طال مصيره  سينتهي وبلا هوادة ، من جراء اصطدام لاحق لا محالة ، مع ثورة شعبية يقودها نفاذ صبر وتزكيها إرادة سلاحها الحق وبرنامجها الإصلاح القائم على احترام البشر وتوقير ممتلكاتهم الطبيعية المشروعة ، والتعامل معهم تعامل كل واحد منهم سيد نفسه ، محتفظاً بشرف أصله مميَّزاً بنبع مشاربه الفكرية الصافي ، ومهما اشترت المملكة السعودية ومن معها من الإمارات وقطر ، من يقودها لما تراه عن باطل أساسا ، ستُباع بدورها كتاباً يروي حكاية سادت بمن ساد فيها من حلفاء إسرائيل ، ثم بادت بمن تبعها ، وكأنها ورقة أقحمتها الماسونية في شجرة فضح اخضرارها اصفرار تلك الورقة لتسقط من تلقاء نفسها ، ما دام البقاء لمن جاء على أصله طبيعياً ، والفناء للمُصطنع المُبدي الهناء كمظهرٍ غير لائق لما هو شقاء في شقاء . 

الأحد 18 ماي سنة 2025          

 مصطفى منيغ

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *