وداعاً للإسلام السياسي- كامل سلمان

الضربة التي وجهتها حكومة المملكة الأردنية لحركة الإخوان المسلمين كانت ضربة موجعة ضربة معلم كما يقال ، فهي أي الحكومة الأردنية بالحقيقة أجهزت على الإسلام السياسي في وقت حرج جداً ، في وقت كان الإسلام السياسي بحاجة إلى إلتقاط أنفاسه بعد الهزائم القاسية ، لم توجه الحكومة الأردنية أصابع الأتهام إلى الحكومة التركية والحكومة القطرية بأنهما وراء تسليح تنظيم الإخوان المسلمين في الأردن بل أتهمت إيران مباشرة بأنها وراء تسليح الإخوان المسلمين لتبعد الشبهة عن تركيا وقطر لهدف سياسي مع العلم جميعنا نعلم بأن تمويل ودعم تنظيمات الإخوان المسلمين في جميع دول العالم الإسلامي تأتي من تركيا وقطر ، فيما أخذت تركيا جانب الصمت بما يحدث في الأردن وأعتبرته شأن داخلي بينما تظاهرت دولة قطر بإنها غير معنية بما يجري في الأردن ، بالأحرى شعرت كل من تركيا وقطر بالإرتياح من تصرف الحكومة الأردنية بعدم توجيه اللوم لهما ، فقد حافظت الحكومة الأردنية على طبيعة العلاقة مع كل من تركيا وقطر ورمت بالمسؤولية في عباءة إيران لأن إيران اليوم هي المستهدفة عالمياً بدعم الحركات الإرهابية ، بذلك تكون الأردن قد أنضمت فعلاً إلى التحالف السعودي المصري الخليجي المعادي لتنظيمات الإخوان المسلمين والساعية في القضاء على الإسلام السياسي وربما ستنضم كل من لبنان وسوريا إلى هذا التحالف لاحقاً ، هذا التحالف الذي يعمل جاهداً على قطع أذرع إيران وتركيا ومحاربة الإسلام السياسي الذراع الأيدلوجي الشرس لهاتين الدولتين وبنفس الوقت يعمل هذا التحالف العربي على تجنب خوض المواجهة مع إسرائيل لأنهم يؤمنون بأن إسرائيل لا تشكل خطراً كبيراً عليهم قياساً بالخطورة التي تشكلها هاتين الدولتين العنيدتين الطامعتين بالمنطقة . تركيا يبدو أنها أكتفت بسوريا ولم تعد تفكر بأكثر من ذلك في الوقت الراهن ، فسوريا دولة كبيرة ولها ثقلها وقد تطمع تركيا بجزء من العراق إيضاً إذا سنحت الظروف لها ، وإذا وجدت تركيا نفسها عاجزة عن إحياء الإسلام السياسي من جديد في داخل الدول العربية ربما ستعمل على إحياء تنظيمات الإرهاب الإسلامي كداعش والقاعدة أو أي تنظيم جديد فهي تتحين الفرص بما ستؤول اليه غليان المنطقة وما ستسفر عن المباحثات النووية بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية لتبدأ بعدها البحث عن طرق جديدة في اختراق الدول العربية ، كان رهان تركيا في السابق هو دفع الدول العربية والأحزاب والتنظيمات العربية والكوردية ( القومية منها والدينية ) وحتى بعض الدول الإسلامية إلى المواجهة مع إسرائيل والعداء ضد الغرب والولايات المتحدة الأمريكية لكي تتورط وتضعف كيانات هذه البلدان بعدها تظهر نفسها كالداعم العطوف لهذه البلدان ثم تستغل الظروف الصعبة التي ستعصف بهذه البلدان حتماً لتتمكن من اختراقها بسهولة من خلال تنظيماتها اللا إسلامية لكن الدول العربية والأحزاب والتنظيمات والكورد فهموا اللعبة التركية ولم تعد تنطلي عليهم وبنفس الإسلوب فعلت إيران مع الدول العربية لكن إيران لم تلعب بنفس الطريقة التركية التي أحتفظت بعلاقتها مع إسرائيل ، إيران بسبب سرعة تغلغلها داخل بعض الدول العربية ونجاحاتها في بناء مليشيات تفوق في قوتها المؤسسات الأمنية الرسمية للبلدان التي اخترقتها وبسبب نمو قوتها وقوة حلفاءها وما حصلت عليه من تكنلوجيا روسية وصينية وبسبب وجود الولاء المذهبي عند قطاع واسع من سكان الدول الشرق اوسطية أصابها الغرور فوقعت بالمحظور فظنت بأنها صارت مقتدرة أن تنزل إلى ساحة المعركة ضد إسرائيل بنفسها دون أن تتخبأ لتسجل نصراً تأريخياً متجاهلة بأن إسرائيل هي أمريكا هي العالم الغربي كله فرسمت في مخيلتها بأن إنتصارها المضمون سيجعلها هي القوة الأولى شرق أوسطياً وستتغلب على نفوذ جميع الدول الأخرى وستتحكم بالمنطقة بشكل مطلق ، هذا الخطأ كلفها الكثير وربما سيكلّفها وجودها ، بينما تركيا كانت تزحف نحو دول المنطقة بشكل هادىء وكانت تحتفظ لنفسها بخط الرجعة من خلال علاقتها بإسرائيل وعضويتها في حلف الناتو ….. مع زوال الإسلام السياسي التابع لكلا الدولتين تركيا وإيران سينتهي دور كلتا الدولتين إلى الأبد في المنطقة مما يعيد تركيا إلى الأتاتوركية العلمانية مكسورة وعاجزة اقتصادياً ، وأما إيران ربما ينهار النظام الإسلامي في إيران مع سقوط حلفاءها وضغط الحصار لأن إيران غفلت عن حقيقة مفادها بأن أمريكا لم ولن ترفع عنها الحصار الاقتصادي حتى لو استجابت لجميع الشروط الأمريكية بالمفاوضات وهذا واضح جداً من تصريح مبعوث الرئيس الأمريكي الذي قال بالنص لا نقاش حول رفع الحصار الإقتصادي إلا بعد تطبيق جميع الشروط الأمريكية بمعنى نقاش الحصار وليس رفع الحصار بعد تنفيذ الشروط التي سيستغرق تنفيذها مدد زمنية قد تصل لعدة سنوات أي إن الحصار باق لعدة سنوات في حالة نجاح المفاوضات ، فالصراع والحال في المنطقة أصبح أكثر وضوحاً فبمجرد تقبل الدول العربية لإسرائيل كدولة شريكة لها في المنطقة سيبدأ العد العكسي لتقهقر الدولتين المحوريتين في المنطقة لكن لن يكون زوالاً آنياً بل زوالاً تدريجياً تسبقها سنين عجاف من الضعف والتردي الاقتصادي والتمرد المجتمعي والفوضى والفساد ، في المقابل فأن الدول العربية أصبحت تجيد اللعب السياسية وهي سائرة في الطريق إلى حل مشكلاتها مع الغرب وإسرائيل لكنها وضعت شرطاً أساسياً لقبول التعايش مع إسرائيل وهو إعطاء حق الشعب الفلسطيني أولاً بينما ترى إسرائيل حق إسرائيل بالإعتراف أولاً ، وعلى ما يبدو بأن الشرط الإسرائيلي سيتحقق أولاً . بالنسبة لأمريكا وإسرائيل والعالم الغربي سوف لن يكونوا بحاجة إلى القوة العسكرية لإبعاد تركيا عن المسرح السياسي الشرق أوسطي فتركيا قد تنهار بإنهيار اقتصادها على عكس إيران ذات الموارد المتعددة ، فلو سعت كل من تركيا وإيران إلى تنسيق جهودهما منذ البداية في تقسيم الكعكة العربية لإستطاعا النجاح بفضل قوتيهما وجغرافيتيهما وخبرتيهما القديمتين والواسعتين وقوة ايدلوجيتهما المؤثرة في العالم العربي لكن شاءت الأقدار أن يخطئا كما يخطأ كل معتد أثيم لينالا مالا يتمنانه من مصير مؤلم .
وأخيراً بقدر ما كان الإسلام السياسي لعنة على دول وشعوب المنطقة عاد ليكون لعنة على صنّاع هذه اللعبة .

One Comment on “وداعاً للإسلام السياسي- كامل سلمان”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *