أجرى المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا، توماس باراك، اتصالاً هاتفياً مع القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، مظلوم عبدي، يوم الخميس الماضي ، أكد خلاله استمرار الدعم الأمريكي لـ”قسد” في معركتها ضد تنظيم داعش.
وقالت مصادر مطلعة إن باراك شجّع عبدي على الاستمرار في المحادثات الجارية لخفض التصعيد بين “قسد” وتركيا، برعاية أمريكية ، مشدداً على أهمية الحفاظ على الحوار المباشر بين الأطراف ضمن إطار التنسيق مع أنقرة، وليس بعيداً عنها، في ظل التغيرات السياسية والجهود الأمريكية لإعادة صياغة المشهد السوري ضمن توازنات إقليمية جديدة.
ورغم عدم كشف السفارة الأمريكية في سوريا أو القيادة الأمريكية في المنطقة عن أي تفاصيل رسمية حول مضمون المكالمة، أشارت المصادر إلى أن الاتصال يندرج في سياق الجهود الأمريكية الرامية إلى تعزيز الشراكة مع “قسد”، دون تقويض العلاقات مع تركيا ، وذلك من خلال بناء جسور تواصل مباشرة بين الأطراف المتنازعة.
مقترح لقاء مباشر بين عبدي وأنقرة من داخل دمشق
في سياق متصل، ذكر موقع “المونيتور ” نقلاً عن مصادر خاصة طلبت عدم الكشف عن هويتها، أن مسؤولين أتراكاً من أعلى المستويات، ومن بينهم وزير الخارجية التركي هاكان فيدان أو رئيس الاستخبارات التركية، قدّموا اقتراحًا لعقد لقاء مباشر مع قائد “قسد”، مظلوم عبدي، في العاصمة السورية دمشق .
وأوضح المصدر أن اللقاء المقترح يأتي استناداً إلى نتائج المحادثات التي بدأت اليوم بين وفد الإدارة الذاتية وسلطة دمشق ، والتي تهدف إلى تطبيق بنود الاتفاق الموقع بين الرئيس السوري أحمد الشرع وعبدي في 10 مارس الماضي، والذي ينص على إعادة دمج المؤسسات العسكرية والمدنية التابعة للإدارة الذاتية في إطار الدولة السورية.
وأضافت المصادر أن الجانب التركي يسعى لضمان حوار مباشر مع “قسد” يتماشى مع التفاهمات الجديدة بين الشمال السوري والحكومة السورية، لكنه يربط هذا الحوار بضرورة ضمان الأمن القومي التركي، والتزام “قسد” بالاندماج الكامل في مؤسسات الدولة السورية، ووقف أي وجود مستقل لها أو مظاهر سيادية موازية .
واشنطن تضغط.. أنقرة تتحرك من الداخل
تشير هذه التطورات إلى أن الولايات المتحدة تعمل على تحويل “قسد” إلى عنصر استقرار في المعادلة السورية، لا مصدر توتر إقليمي ، بينما ترى تركيا في هذه الخطوة فرصة لتوجيه رسالة واضحة إلى “قسد”: إذا أردتم الاندماج الحقيقي في الدولة السورية، فإن الطريق لا يمر فقط عبر دمشق، بل يجب مراعاة المصالح الأمنية لأنقرة أيضاً .
ومن المنتظر أن يكون اللقاء المحتمل بين عبدي والمسؤولين الأتراك، إذا تم، خطوة رمزية مهمة ، سواء من حيث كسر الجليد بين الطرفين بعد سنوات من العداء ، أو من حيث تحديد طبيعة العلاقة المستقبلية بين تركيا و”قسد” في ظل المتغيرات السياسية والأمنية الجديدة في سوريا .
هل يُكتب لهذا الحوار النجاح؟
يبقى السؤال الأبرز هو:
هل يمكن لقسد أن تقبل بحوار مباشر مع تركيا تحت سقف الدولة السورية الموحَّدة؟
أم أن مثل هذا اللقاء قد يُنظر إليه داخلياً كـ”مُساومة على الهوية الكردية”؟
من جانبها، تؤكد تركيا أن الحل الوحيد لوجود “قسد” هو دمجها الكامل في الجيش النظامي السوري، وتسليم كامل المناطق الحدودية للدولة السورية، وإنهاء أي تعاون عسكري أو استراتيجي مع الولايات المتحدة خارج الإطار الرسمي .
في المقابل، ترى “قسد” أن الانفتاح على تركيا لن يتم إلا ضمن إطار ضمانات دولية وسياسية، تحمي حقوق الشعب الكردي وتُعزز اللامركزية في إدارة الدولة السورية الجديدة .