واشنطن تناشد بغداد وأربيل حل أزمة الرواتب دستورياً.. ودعوات للحوار لتجنب الانقسام والتصعيد

دعت وزارة الخارجية الأمريكية كل من الحكومة الاتحادية في بغداد وحكومة إقليم كردستان إلى الالتزام بالنصوص الدستورية المتعلقة بالمسائل المالية، وحل خلافاتهما عبر الحوار البنّاء والمسؤول ، مؤكدة أن استقرار الوضع المالي في الإقليم يُعد عنصراً أساسياً لدعم الوحدة الوطنية والاستقرار الاقتصادي في العراق.

وقال مسؤول أمريكي رفيع المستوى إن “تسوية أزمة رواتب موظفي إقليم كردستان بشكل عاجل سترسل رسالة قوية تؤكد أن العراق أولى بمواطنيه، وأن الأولويات الإنسانية والمصلحة الوطنية فوق الحسابات السياسية الضيقة “، مشيراً إلى أن “استعادة الرواتب سيخلق بيئة أكثر جذباً للاستثمار، ويُعزز الثقة الدولية في الاقتصاد العراقي، فضلاً عن أنه خطوة مهمة لإعادة تشغيل خط أنابيب النفط العراقي – التركي، الذي توقف منذ أكثر من عامين “.

وأكد المسؤول أن “الولايات المتحدة ترى في دعم إقليم كردستان عنصراً محورياً في استراتيجيتها في المنطقة، وهو ما يندرج ضمن التزام واشنطن التاريخي بتعزيز الاستقرار والتنمية في شمال العراق “، مشيرًا إلى أن “وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو استضاف مؤخراً رئيس حكومة الإقليم مسرور بارزاني، وبحث معه ومع رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني سبل تعزيز التعاون بين الجانبين في المجالات الأمنية والاقتصادية، مع التشديد على أهمية استمرارية الشراكة بين بغداد وأربيل لبناء عراق قوي ومزدهر “.

أزمة الرواتب تتفاقم.. والاتهامات المتبادلة تتواصل

تأتي هذه التصريحات الأمريكية في ظل تصاعد الأزمة بين بغداد وأربيل ، بعد أن أعلنت وزارة المالية الاتحادية وقف تحويل تمويل رواتب موظفي إقليم كردستان لشهر أيار/مايو 2025 ، بسبب ما وصفته بـ”تجاوز الإقليم لحصته في الموازنة العامة وعدم تسليمه الإيرادات النفطية وغير النفطية للخزينة الاتحادية”.

من جانبها، اعتبرت الحكومة الكردستانية أن “القرار يُعد تجويعاً سياسياً للمواطنين، ويتجاهل حق الإقليم في إدارة موارده الاقتصادية ضمن إطار اللامركزية الدستورية “، فيما هدد المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكردستاني باتخاذ “موقف جدي ” إذا لم يتم التراجع عن القرار قبل عيد الأضحى.

الاتفاقات النفطية تزيد من حدة الخلاف

وفي تطور لافت، وقعت حكومة إقليم كردستان مؤخراً اتفاقيتين مع شركتين أميركيتين في مجال الطاقة بقيمة تتجاوز 110 مليار دولار ، في خطوة أثارت ردود فعل غاضبة من بغداد، التي اعتبرتها “مخالفة للصلاحيات السيادية للدولة “، واعتبرتها أربيل “جزءاً من استراتيجية التطوير الذاتي وتنويع مصادر الدخل في الإقليم “.

وتُظهر هذه الخطوة أن الإقليم يسعى لفرض نفسه كلاعب مستقل في السوق الطاقي الدولي ، وهو ما قد يُعقد الأمور السياسية والمالية بين الطرفين، خاصة في ظل عدم وجود توافق حول إدارة النفط والغاز في البلاد.

واشنطن تناشد الحل الدستوري وفق مبدأ الشراكة

شدد المسؤول الأمريكي على أن “الحل لا يأتي عبر التصعيد أو المقاطعة، بل عبر التنفيذ الصارم لبنود الدستور العراقي، وإعادة بناء الثقة بين الأطراف، واعتماد آليات واضحة لتقاسم السلطة والثروة، بعيداً عن الهيمنة أو الإقصاء “.

وأشار إلى أن “الولايات المتحدة ستستمر في دعم جهود الحوار بين بغداد وأربيل، باعتبارها ضرورة وطنية واستراتيجية، وستعمل على دفع الطرفين نحو تسوية شاملة تضمن حقوق الإقليم وتُحافظ على وحدة الدولة “.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *