العبودية إدمان !- كامل سلمان

لا نستغرب أن نسمع هناك من هو مدمن على المخدرات أو من هو مدمن على تناول المشروبات الكحولية أو من هو مدمن على التدخين ، فهذه كلها أنواع من الأدمان يتعود عليها الجسد وتصبح حاجة فسيولوجية بمرور الزمن . أما الغريب أن يكون هنالك نوع أخر من الإدمان ليس له علاقة بالجسد وإنما يكون في الروح وفي العقل ، فالإدمان على الكذب موجود وهي حالة تربوية والإدمان على السرقة حالة عقلية وحتى هناك إدمان على الجريمة التي ترتبط بالتركيبة النفسية للمجرم ، فكل أنواع الإدمان حالات مرضية تحتاج إلى علاجات لكن الإدمان على العبودية هو الإدمان الوحيد من بين كل أنواع الإدمان الذي ممكن أن يكون إدمان روحي معدي ينتقل بين أفراد المجتمع كالوباء عندما يكون أفراد المجتمع ذات ثقافة خاطئة وعندما يكون الدين هو الوسيلة لإنتقال هذا الوباء ، العقائد جميعها سواء أكانت الدينية أو غير الدينية هي وسيلة فعالة لنقل هذه الجرثومة داخل المجتمع ، نعم العبودية إدمان بل إدمان خطير يظن فيها المدمن بأنه سيكون سبباً لعلاج هموم الناس والمجتمع ، فكل أنواع الإدمان يشعر بها المدمن إلا الإدمان على العبودية لا يشعر بها المدمن ولا يحاول في يوم من الأيام التخلص منها . المدمن على العبودية يسعى أن يورثها لأبناءه ويسعى أن ينشرها لأبناء جنسه لأنه يظن بأنها من مكملات الحياة . الإدمان على العبودية تحتاج إلى شحن دائم والشحن يأتي عن طريق المعتقد الذي ساعد على إدمان العبودية وعن طريق رجالات المعتقد الذين يمتلكون مفاتيح السر للإدمان . المدمنون على العبودية لهم القدرة على التحمل والصبر والمطاولة أمام الجوع والعطش والحرمان فيحسبونها إختباراً لهم من الله لتبيان مدى تمسكهم بالعبودية ووفاءهم بالعهد على ما عاهدوا به أنفسهم أن لا يزيغوا عن درب الحق ، فهم فرحون ومستأنسون على صبرهم وحتى أنهم مستعدون للموت في سبيل العبودية التي يعتقدونها هي النجاة من عذابات الحياة ، قد يستغرب العقلاء من هذا الإصرار عند العبيد العقائدين لكن لا غرابة في الأمر إذا توقف دور العقل فكل شيء سيء يكون ممكناً . فالعبد لا ينظر إلى مساوىء العبودية بل لا يراها بالعين المجردة وإنما يرى محاسنها بوضوح تام وأول محاسنها رضى الله ورضى ساداته فهي الهدف الأسمى بالنسبة له . هي نوع من أنواع السكرة المستدامة ، صحيح بأن الذلة للأحرار مؤلمة وثقيلة لكن الذلة للعبيد مؤنسة وتزداد لذتها عندما يكون العبد محاطاً بنفس الصنف من العبيد يصبرونه ويشيدون بشجاعته ومدى أيمانه وصبره الجميل . يؤسفني ويؤلمني أن أقول بأن العبودية باقية وتتجدد عند بعض الشعوب ولن تزول وتختفي في يوم من الأيام فعشاقها ومريديها كثيرون في الأرض وصنّاع العبودية يتوارثون صنع العبودية بل وتتطور أساليبهم مع الزمن ومع التكنلوجيا ومع تطور العلم ، فالعبودية التي تفجرت من جديد في عصر السرعة والتكنولوجيا قادرة على أن تتفجر في كل عصر ، صحيح إنها تختفي في بعض المجتمعات لكن لسوء حظ مجتمعات أخرى تتعافى فيها العبودية وتكتسب المناعة ضد التحرر ، ففي داخل مفهوم الحرية التي هي شعار الجيل الجديد هناك فسحة كبيرة للعبودية لكي تنمو وتزهر بأعتبارها حرية الرأي والفكر ، فكما أن الغنى والفقر والضعف والقوة والذكاء والغباء جزءاً من تركيبة الإنسان الطبيعية منذ النشأة الأولى ولا يمكن القضاء عليها كذلك العبودية على ما يبدو أصبحت جزءاً وجودياً من تركيبة بعض الناس وهذا تماماً بعكس ما يتمناه ويحلم به الأحرار والعقلاء منذ فجر التأريخ ولحد يومنا هذا .

One Comment on “العبودية إدمان !- كامل سلمان”

  1. dear Mr. Kamel Salman

    Today in our society, slavery is not just an addition, but it’s classified under title of:
    ( Freedom of Believing )
    the alternative believers expression form what human civilised law calls it (Freedom of Speech), just as you mentioned it.

    Even if that believe contains disgusting laws such as Human Traffic and Slavery

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *