المرونة في التشريع هو التجديد بعينه- سامي جواد كاظم

اتذكر في بداية التسعينيات وانا اتحدث مع صديقي عن صعوبة دفع الخمس بسبب ضرائب الطاغية المجحفة بحق المواطن العراقي فقال لي لقد اعطى السيد الخوئي ترخيص بتخفيف الخمس من الارباح يعني اذا كانت الضريبة اكثر من الخمس فقد رخص السيد بالاعفاء عن الخمس .

هذا كلام مع صديق اثق به لكن ورقة مكتوبة صادرة عن المرجعية لم اطلع عليها .

وانا استمع لمقطع للسيد كمال الحيدري وهو يتحدث عن ترخيص الامام الجواد عليه السلام بدفع الحقوق كما في هذا النص : عن الامام الجواد عليه السلام : وإنما أوجب عليهم الخمس في سنتي هذه في الذهب والفضة التي قد حال عليها الحول، ولم أوجب عليهم ذلك في متاع، ولا آنية، ولا دواب، ولا خدم، ولا ربح ربحه في تجارة، ولا ضيعة إلا ضيعة سأفسر لك أمرها تخفيفا مني عن موالي، ومنا مني عليهم لما يغتال السلطان من أموالهم لما ينوبهم في ذاتهم. فأما الغنائم والفوائد: فهي واجبة عليهم في كل عام،

اي انه خفف عن شيعته بدفع ارباح التجارة لسنته هذه وهي سنة (220) هـ بسبب ما يغتصب منهم السلطان من اموال ، اما غنائم الحرب فلا ترخيص فيها لانها نص الهي .

من هنا يتضح لنا المرونة في التشريع الاسلامي وهذه المرونة هي التجديد بعينه وهذا التجديد هو اصلا ينص عليه الشارع الاسلامي وفق تفكير سليم وثوابت صائبة .

مثلا الحديث عن الجواري والعبيد اليوم لا يوجد احكام شرعية تخص هذه الحالة ، لماذا؟ ، لان الحكم يصدر بعد توفر موضوعه ، وان فقد الموضوع يعني الغي الحكم ، واليوم لا تتوفر ظاهرة الاماء والجواري ، وان كانت موجودة في المجتمع العلماني بوجه اخر من وجوه العبيد مثلا شروط قروض صندوق النقد الدولي التي هي حقيقة شراء الحاكم ليصبح خادما لهم وينفذ لهم ما يطلبونه منهم .

نعود للحكم الشرعي الاسلامي فان موضوعه عندما يتوفر يصبح الحكم لزاما على العبد ، واما التلاعب بمفردات موضوع الحكم فهذا لا يؤخذ به وان كان هذا التلاعب تحت مظلة التجديد العلماني .

ولو سالت اي من يطالب بالتجديد ماهو الحكم الذي لا يحقق العدالة مع توفر مفردات موضوعه ؟ لا يوجد جواب بل التفاف على اصل الموضوع .

هنالك قواعد فقهية واصولية هذه القواعد عندما تطبق على اي ظاهرة اليوم سيصدر عنها الحكم العادل ، مثلا الربا حرام مهما تغيرت طبيعة التعاملات المالية لان اصل الربا له سلبيات اقتصادية واخلاقية ، ومهما تغيرت المسميات ـ اوراق مالية ، دولار ، يورو ، شبكات الكترونية تجارية ، وغيرهاـ  . القروض التي يمنحها صندوق النقد الدولي هي ربا ، فالربا هو الزيادة التي تؤخذ في حالة استبدال معدود او موزون من نفس الصنف يعني المال بالمال والطحين بالطحين مثلا فيجب ان تكون بالتساوي والزيادة هي الربا .

الربا له اثار سلبية على الاقتصاد حيث ان الاموال ستتجمع عند طرف واحد لا يؤدي اي انتاج للاقتصاد ، ومن يقترض منه عليه ان يعمل بالضعف ليحقق ربحين ربح للشخص المرابي وربح له هو وهذا يؤدي الى انهاك المقترض او لجوءه الى اساليب غير شرعية لكسب المال مثلا الغش بالانتاج او طلب ارباح فاحشة على سلعته .

اما الجانب الاخلاقي فان الربا يقطع سبيل المعروف حيث لا يقرض احدهم الاخر قضاء لحاجة المحتاج كما وان هنالك الكثير ممن يقترض بالربا ادى به الحال الى خسائر فادحة وهدم بيوت وتشتيت عوائل عندما تتجمع القروض مع فوائدها الربوية فانها تؤدي الى ما لا يحمد عقباه .

اكثر المسائل التي تكون عرضة لتهجم العلمانيين هي المعاملات اما العبادات فلا يحق لاحد على احد في فرض نوع العبادة .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *