كئيبة هي الحياة في كل مراحلها
في صباها
و شبابها
و بلوغها.
مظلمة كل زواياها
ليس فيها ركن مضيئ.
و التفائل بما بعد الموت
محض خيال.
أراهم يتخيلون المحبة
و يصنعون قصورا من الامال.
أراهم يتفاخرون و ينفشون بريشهم
و اقوالهم،
و يتاملون التحول الى ذكرى
حتى بعد الممات.
و يبنون القصور و يتأملون
طوابير الزوارحتى على قبورهم.
يحلمون التحول الى ذكرى
في قلب عاشق قريب
أو ذو صلة بعيدة بحكم القدر.
لا يدركون أن الموت
يقتل التفائل.
فالذكرى هي الاخرى
تموت أن لم تعطيها الفطرة
و تزرع بذرة حب
في صباك
أو شبابك
أو بلوغك.
فالذكرى ثمرة
جذورها في القلوب
تحيا بالمحبة
و تموت بالأنا.
عندما لا تبقى حتى الذكرى
كئيبة هي الحياة في كل مراحلها،
في صباها الهادئ،
وفي لهيب شبابها،
وفي ثقل بلوغها.
مظلمة كل زواياها،
لا تُبقي ركنًا يحمل نورًا،
ولا شرارة توقِد الأمل.
والتفاؤل بما بعد الموت،
محض خيالٍ يذروه الوهمُ الغافل.
أراهم يحلمون بالمحبة،
ويبنون قصورًا من الآمال،
من أحلامٍ هشّة كأمان البحر.
أراهم ينتفخون بريش العظمة،
ويتفاخرون بكلماتٍ تقتل الأيام،
ويرسمون لأنفسهم مجداً على الدنيا
و ما بعد الممات.
يأملون أن يتحولوا إلى ذكرى،
أن تمرَّ عليهم طوابير الزوار،
حتى فوق قبورهم الفاخرة.
يحلمون أن يكونوا اسمًا عزيزًا
في قلب عاشق قريب،
أو صديق بعيد، ربطته بهم صدفة القدر.
لا يدرون أن الموت،
يقتل الانسان و حتى التفاؤل،
ويختنق معه ليس فقط الذكرى
بل حتى ظلال الذكريات.
فالذكرى إن لم تُعطَ الفطرة،
وإن لم تزرع بذرة حبٍّ في زمن الصبا،
أو شبابٍ مضى،
أو بلوغٍ مضى عليه الزمن،
ستموت كما ولدت: هباءً.
فالذكرى ثمرةٌ،
جذورها في القلوب،
و تُروى بالمودة،
وتذبل بالنفاق،
وتُقتلها الأنانية
كأن لم يكن يومًا لها ميلاد. .