لم يكن اختيار مدينة نيس الجميلة الفرنسية عشوائياً ، بل عن تفكير منطلَقٍ من توافق خبراء يربطون الحادث بأنسب موقع يستحق أصدق حديث ، إذ المدينة بقدر توفرها على عراقة التاريخ الإنساني في مجمل تطوره مند البدء الأول ، حيث فيها عُثر على دليل استخدام البشر لأول مرة النار منذ ما يقرب من 383.000 سنة ، وما تلي ذلك من تأسيس لحضارة لا زال المنقِّبون يجتهدون لإبراز المزيد من الأسرار المتعلقة بحياة الإنسان على الأرض ، وبما تحاول هذه المدينة وحتى في العصر الحالي من الحفاظ على وقعها الارستقراطي الحاضن النخب المتوفرة فيهم شروط الثراء ، المحيطين أنفسهم بفخامة المقامات ، وضخامة الامكانيات المادية ، والاستطاعة على استثمار القدرات المالية الضامنة الربح المُحوَّلِ لصالح المقيمين في هذا المنتجع الأجمل ما يكون في فرنسا ، البالغ تعدادهم حوالي المليون نسمة تقريبا ، منتشرين على رقعة أرضية مساحتها 744 كيلومترا مربَّعاً ، ممتدة على الساحل الجنوبي الشرقي لفرنسا ، المطل ملتصقاً بسفح جبال الألب ، على البحر الأبيض المتوسط ، على بعد 13 كيلومتر من إمارة موناكو الشهيرة . مر عليها جل الأجناس وأولهم إغريق اليونان ، وجل العظماء من حكام إمبراطوريات إلى مخترعين أوائل وفلاسفة وشعراء ، مما جعل تصنيفها من طرف اليونسكو سنة 2021 كتراث عالمي موقر .
المؤتمر مقام بشراكة فرنسية كُوسْطَارِيكِيَّة ، كدولة من أوربا وأخرى من جنوب أمريكا ، فرنسا دولة عُظمى يحدها شمالا بحر الشمال ومن الشمال الغربي بحر المانش وغربا المحيط الأطلسي وجنوبا غربيا البحر الأبيض المتوسط ، أما كوستاريكا إحدى دول أمريكا الجنوبية ، يحدها من الشرق البحر الكاريبي ، ومن الغرب المحيط الهادي.
… كانت مدينة نيس مؤهلة مقارنة مع متطلبات إقامة مؤتمر الأمم المتحدة للمحيطات خلال الفترة الممتدة من 9 إلى 13 يونيو الحالي ، تحت عنوان : تسريع العمل وتعبئة جميع الجهات الفاعلة لحفظ المحيطات واستخدامها على وجه مستدام ، محددا لذلك أهدافا جمعتها أربعة عشرة نقطة ، تتضمن أربع أولويات ، تكرس خطة عمل يخص الموضوع في العمق ، الأولويات المعلن عنها الممثلة في استكمال عمليات الأطراف المتعددة المرتبطة بالمحيطات إضافة إلى وضع الموارد المخصَّصة لتمويل فحوى الأهداف المرسومة وكلها أربعة عشر هدفا الضامنة للتنمية المُستدامة ومنها متطلبات الاقتصاد الأزرق المُستدام ، وأيضا تكثيف الحصول على العلوم المتعلقة بشؤون الإبحار وبثها بشكل ايجابي عام خدمة لتأسيس السياسات المعنية بالأمر ، المؤتمر يحضره أزيد من خمسين رئيس دولة وما يزيد عن ألف وخمسمائة مندوبا يمثلون 200 دولة عبر العالم ، الأميرة حسناء مثلت المملكة المغربية لاعتبارات أن المؤتمر تتخلله بعض الجلسات الخاصة المغلقة من شأنها التطرق لقضايا مرتبطة أساسا بسيادات دول القاضية بالحفاظ على جوانب سرية ثابتة لها عند البعض خصوصيات لا يمكن لسياسيي حكومات عابرة مشكلة من أحزاب سياسية كما في المغرب حيث الحكومة حكومتان إحداها حزبية صرفة وأخرى سيادية كاستثناء لا نظير له عبر دول العالم . مما جعل الأميرة حسناء مُقَدَّمة للمؤتمر المذكور وليس رئيس الحكومة مثلاً .
مصطفى منيغ
سفير السلام العالمي