تشكل سياسات الأنظمة السورية تجاه الكورد سلسلة من الإجراءات التشريعية والإدارية التي هدفت إلى تهميش المكون الكوردي وتغيير التركيبة الديمغرافية في مناطقهم، خاصة في شمال شرق سوريا (الجزيرة العليا) الجزء الغربي من غربي كوردستان. بدأت هذه السياسات مع إجراءات مبكرة مثل قانون الإصلاح الزراعي لعام 1958، الذي أُقر خلال الوحدة السورية-المصرية بقيادة الرئيس جمال عبد الناصر، والذي مهّد لمصادرة أراضٍ في المناطق الكوردية، بموجب القانون رقم 161، رغم أن تنفيذه كان محدودًا خلال الوحدة لكنه استمر لاحقًا، وأعقب ذلك تعداد عام 1962 الذي سلب الجنسية من عشرات الآلاف من الكورد، ثم استمرت السياسات عبر قوانين الإصلاح الزراعي في الستينيات، لتصل إلى ذروتها في السبعينيات مع مشروع “الحزام العربي” وإنشاء مستوطنات المغمورين في المناطق الكوردية وصولاً إلى القرار الرئاسي رقم 49 عام 2008، وتداعيات الصراع السوري بعد 2011.
كما شهدت المناطق الكوردية في الجزء الغربي من غرب كوردستان بعد عام 2011، مثل عفرين، كوباني، وسري كانيه، وغيرها، تداعيات إضافية ناتجة عن الصراع السوري والتدخلات الإقليمية بشكل خاص من قبل الدولة التركية، مما زاد من تعقيد الوضع الديمغرافي الكوردي في مناطقهم بشكل كارثي، وهو ما أدى إلى ظهور أصوات نشاز من شريحة العنصريين، أيتام البعث والعروبيين التكفيريين على أن الكورد هم أقلية في مناطقهم.
يقدم هذا التحليل دراسة نقدية للمراحل الرئيسية لهذه السياسات، معتمدًا على مصادر موثوقة، لتسليط الضوء على الاستراتيجيات المتبعة وآثارها طويلة الأمد على المجتمع الكوردي والتماسك الوطني في سوريا.
- 1.القرار التشريعي لعام (1958) الذي كان الحجر الأساس لتقييد ملكية الكورد
الخلفية: القانون رقم 161 صدر في 27 سبتمبر 1958 كجزء من سياسات الوحدة السورية-المصرية تحت حجة تحقيق العدالة الاجتماعية من خلال مصادرة الأراضي الكبيرة وإعادة توزيعها، في المناطق الكوردية، استُخدم هذا القانون بشكل انتقائي لمصادرة أراضي المزارعين الكورد، مما مهد لسياسات التهميش اللاحقة.
صدر القرار في بداية مرحلة أعمال حكومة الوحدة، لتعزيز السيطرة على المناطق الحدودية ذات الأغلبية الكوردية في محافظة الحسكة، كانت هذه الفترة تشهد توترات إقليمية، بما في ذلك مخاوف من الحركات القومية الكوردية عبر الحدود مع تركيا.
تفاصيل القرار:
اشترط القرار الحصول على ترخيص أمني مسبق لشراء أو بيع العقارات في المناطق الحدودية، بما في ذلك المناطق الكوردية في الحسكة.
شمل القرار جميع أنواع العقارات (زراعية، سكنية، أو غير مبنية) في شريط حدودي بعمق 25 كيلومترًا، مع شمول محافظة الحسكة بأكملها كمنطقة حدودية.
كان الحصول على الترخيص شبه مستحيل بالنسبة للكورد، بينما كان أسهل نسبيًا للمواطنين العرب، مما جعل القرار أداة تمييزية واضحة.
الأهداف:
الحد من ملكية الكورد للأراضي في المناطق الحدودية الاستراتيجية، خاصة تلك القريبة من الحدود التركية.
إضعاف النفوذ الاقتصادي والاجتماعي للكورد، مما يسهل السيطرة المركزية على المنطقة.
التأثير:
منع الكورد من تسجيل ملكياتهم أو نقلها قانونيًا، مما أدى إلى تجميد أصولهم الاقتصادية.
خلق حالة من عدم الاستقرار القانوني، حيث اضطر الكورد إلى اللجوء إلى معاملات غير رسمية (مثل عقود البيع أمام المحاكم دون تسجيل نهائي).
مهد القرار لسياسات لاحقة تهدف إلى نزع الأراضي الكوردية، كما في قانون الإصلاح الزراعي والحزام العربي.
- 2.حكومة الوحدة السورية-المصرية (1958-1961): بداية التغيير الديموغرافي
السياق: في فبراير 1958، اندمجت سوريا ومصر لتشكيل الجمهورية العربية المتحدة (UAR) تحت قيادة جمال عبد الناصر. تبنت الوحدة سياسات قومية عربية متشددة، مما أثر سلبًا على الأقليات العرقية، بما في ذلك الكورد.
السياسات تجاه الكورد:
قمع الحركات القومية الكوردية: تم حظر الأحزاب السياسية، بما في ذلك الأحزاب الكوردية مثل حزب البارتي الديمقراطي الكوردي في سوريا (تأسس 1957)، الذي كان يطالب بحقوق ثقافية وليس انفصالية.
بداية التوطين العربي: خلال الوحدة، بدأت خطوات أولية لنقل شرائح من القبائل العربية إلى مناطق كوردية، خاصة في غرب تل أبيض وأخرى إلى منطقة الباب وجرابلس، ومناطق الحسكة، كجزء من سياسة التعريب.
التأثير:
تجريد الكورد من الجنسية جعلهم غير قادرين على إثبات ملكية أراضيهم، مما سهل مصادرتها لاحقًا بموجب قوانين الإصلاح الزراعي.
أدت سياسات القمع إلى تعميق الشعور بالظلم بين الكورد، مما عزز الحركات القومية الكوردية على المدى الطويل.
مهدت الوحدة لسياسات أكثر عدوانية تحت حكم البعث بعد انهيار الجمهورية العربية المتحدة عام 1961.
- 3.قانون الإصلاح الزراعي (1958-1960 وما بعد): أداة لنزع الأراضي الكوردية
الخلفية: صدر قانون الإصلاح الزراعي في سوريا عام 1958 خلال الجمهورية العربية المتحدة (القانون رقم 161)، واستمر تنفيذه بعد انتهاء الوحدة. كان الهدف الرسمي توزيع الأراضي على الفلاحين الفقراء، لكن في المناطق الكوردية، استُخدم كأداة لمصادرة الأراضي.
آلية التنفيذ:
تم استهداف الأراضي الزراعية المملوكة للكورد، خاصة في محافظة الحسكة، بحجة أنها “أراضي إقطاعية” أو غير مستغلة.
تم تخصيص الأراضي المصادرة لعشائر عربية، كجزء من سياسة التوطين العربي.
الانتهاكات القانونية:
انتهك القانون مبدأ المساواة بين المواطنين (المادة 25 من دستور 1973)، حيث تم تفضيل العرب على حساب الكورد دون مبرر قانوني.
لم يتم تقديم تعويضات عادلة للكورد الذين صودرت أراضيهم، مخالفًا المادة 771 من القانون المدني السوري التي تشترط التعويض العادل.
التأثير:
أدى القانون إلى نزع ملكية آلاف الهكتارات من الأراضي الكوردية، مما أفقر المجتمعات الكوردية الزراعية.
عزز التوطين العربي في المناطق الكوردية، خاصة في قرى الجزيرة، مما مهد لمشروع الحزام العربي لاحقًا.
خلق شعورًا بالغبن بين الكورد، الذين رأوا في القانون أداة لتعزيز الهيمنة العربية.
- 4.بناء المستوطنات العربية في المناطق الكوردية، مرحلة ما قبل الحزام العربي
السياق التاريخي: بعد استيلاء حزب البعث على السلطة في سوريا عام 1963 عبر انقلاب عسكري (في الثامن من آذار)، بدأت الحكومة السورية تنفيذ سياسات قومية عربية متشددة، مستندة إلى إيديولوجية البعثية التي تدعو إلى “الوحدة العربية” و”الاشتراكية العربية”. هذه السياسات تضمنت تهميش المكونات غير العربية، في مقدمتهم الكورد، الذين شكلوا نسبة كبيرة من سكان شمال وشمال شرق سوريا، غربي كوردستان، والتي كانت تتجاوز 80% في محافظة الحسكة، ومنطقة كوباني، وإعزاز والباب ومنبج وجرابلس، وقرابة 95% في منطقة عفرين، ومثلها في منطقة جبل الأكراد.
استندت سلطة البعث إلى:
الإحصاء الجائر (1962): قبل مشروع الحزام العربي، بدأت الحكومة السورية سياسات تمييزية ضد الكورد، أبرزها الإحصاء الاستثنائي في محافظة الحسكة عام 1962، والذي جرد حوالي 120,000 كوردي من الجنسية السورية، سجلوا “أجانب”، أو مكتومي القيد، وكان تمهيدا لسياسات لاحقة مثل الحزام العربي، وهؤلاء مثلوا قرابة 3% من سكان سوريا عامة، ففي عام 1962، أي سنة الإحصاء، كان عدد سكان سوريا بكليتها يُقدّر بحوالي 4.57 مليون نسمة، بناءً على بيانات الأمم المتحدة وتقديرات ديموغرافية تاريخية. وبالمناسبة فإن مصادر كوردية ومنظمات حقوقية مثل منظمة العفو الدولية و”سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” تشير إلى أرقام أعلى، تتراوح بين 300,000 إلى 500,000 كوردي (بما في ذلك الأجانب ومكتومي القيد)، هذه الأرقام تشمل أحيانًا الأجيال اللاحقة حتى 2011.
دراسة محمد طلب هلال: المشروع استند إلى دراسة أعدها محمد طلب هلال، رئيس شعبة الأمن السياسي في الحسكة في الستينيات، بعنوان “دراسة عن محافظة الجزيرة من النواحي القومية والاجتماعية والسياسية”. وصفت هذه الدراسة، التي اعتمدها المؤتمر القطري لحزب البعث في أيلول 1966، الكورد بأنهم “تهديد قومي”، واقترحت تغيير التركيبة السكانية للمنطقة عبر توطين العرب وتهجير الكورد.
التنفيذ:
تم بناء قرى عربية صغيرة في محافظة الحسكة، بالقرب من القرى الكوردية، مشابهة لتلك التي بنتها حكومة الوحدة على ضفاف نهر دجلة، كقرية الزهرية، كجزء من سياسة مبكرة لتغيير التركيبة السكانية.
استهدفت هذه المستوطنات المناطق الحدودية لتعزيز الأمن القومي من وجهة نظر الحكومة، مع الاستفادة من الأراضي المصادرة بموجب قانون الإصلاح الزراعي.
تم تشجيع العائلات العربية من مناطق أخرى، مثل الرقة وحلب، على الاستقرار في هذه المستوطنات من خلال تقديم حوافز اقتصادية، مثل الأراضي المجانية.
التأثير:
أدى بناء المستوطنات إلى زيادة التوترات بين الكورد والعرب المستوطنين، مما هدد التعايش الاجتماعي.
عزز هذا النهج سيطرة الدولة على المناطق الكوردية، لكنه أثار ردود فعل قومية كوردية متزايدة.
كانت هذه المستوطنات بمثابة تجربة أولية لمشروع الحزام العربي، الذي وسّع هذه السياسة بشكل منهجي سبقه القرار التشريعي رقم 193 عام 1970م والتي مهدت للبدء بتطبيق الحزام العربي.
- 5.مشروع الحزام العربي (1974): ذروة سياسة التعريب
الخلفية: بدأ تنفيذ مشروع الحزام العربي في 24 حزيران 1974، بناءً على قرار القيادة القطرية لحزب البعث تحت حكم حافظ الأسد. استند المشروع، كما نوهنا، إلى دراسة محمد طلب هلال، التي دعت إلى إنشاء “حزام أمني” عبر توطين العرب في المناطق الكوردية.
تفاصيل المشروع:
النطاق الجغرافي: امتد المشروع على شريط حدودي بطول 275-350 كيلومترًا وعرض 10-15 كيلومترًا، من عين ديوار شرقًا إلى غرب سري كانيه.
تهجير الكورد: تم تهجير حوالي 140,000 كوردي قسريًا من قراهم، ومُنعوا من العودة.
مصادرة الأراضي: صودرت أراض زراعية واسعة دون تعويض، وهي مصدر رزق رئيسي للكورد.
توطين العرب: نقلت الحكومة حوالي 4,000 أسرة عربية (24,000 نسمة) من الرقة وحلب، وتم توطينهم في 40-45 قرية نموذجية بنتها الدولة، عُرفت باسم “مزارع الدولة”.
تغيير الأسماء: تم تغيير أسماء القرى الكوردية إلى أسماء عربية لمحو الهوية الكوردية.
الاسم الرسمي: أُطلق عليه “خطة إنشاء مزارع نموذجية تابعة للدولة” لإخفاء طابعه العنصري، لكنه عُرف بـ “الحزام العربي” بسبب هدفه الواضح في فصل الكورد عن نظرائهم في تركيا.
الأهداف:
تغيير التركيبة الديموغرافية لتقليص النفوذ الكوردي.
تعزيز الأمن القومي من خلال إنشاء “حاجز بشري” عربي على الحدود.
إضعاف الطموحات القومية الكوردية عبر تشتيت مجتمعاتهم.
التأثير:
اقتصاديًا: أدى المشروع إلى إفقار الكورد في المنطقة، حيث حُرموا من أراضيهم الزراعية، مما دفع الكثيرين للهجرة إلى ضواحي المدن الكبرى مثل دمشق وحلب وغيرهما من المدن الكبرى، حيث شكلوا “أحزمة الفقر”.
اجتماعيًا: خلق المشروع فجوة بين الكورد والعرب المستوطنين، مما هدد التعايش السلمي في المنطقة.
سياسيًا: عزز الشعور بالظلم بين الكورد، مما ساهم في نمو الحركات القومية الكوردية.
ثقافيًا: حاول المشروع طمس الهوية الكوردية عبر تغيير أسماء القرى ومنع الأنشطة الثقافية الكوردية.
وصفت منظمات حقوق الإنسان والأحزاب الكوردية المشروع بأنه “عنصري” و”جريمة إنسانية”، مطالبة بإعادة الأراضي إلى أصحابها الأصليين وتعويض المتضررين.
يرى الكورد أن إلغاء آثار الحزام العربي شرط أساسي لأي تسوية سياسية في سوريا الجديدة، لضمان التعايش السلمي.
- 6.مستوطنات الغمر، توطين العرب المتضررين من سد الفرات
السياق: العرب الغمر هم العائلات العربية التي تضررت من إنشاء سد الفرات (بحيرة الأسد) في الرقة وحلب خلال الستينيات والسبعينيات. استغلت الحكومة السورية هذه الأزمة لتوطينهم في المناطق الكوردية كجزء من الحزام العربي.
تفاصيل التوطين:
تم نقل حوالي 4,000 أسرة عربية (24,000 نسمة) إلى المناطق الكوردية، خاصة في الحسكة، ومنحتهم الحكومة الأراضي المصادرة من الكورد.
بنت الحكومة 40-45 قرية نموذجية مجهزة بالبنية التحتية لاستيعاب هؤلاء المستوطنين، على عكس القرى الكوردية التي عانت من الإهمال.
تم تقديم حوافز اقتصادية، مثل الأراضي المجانية والدعم الزراعي، لتشجيع العرب على الاستقرار.
التسمية: سُمي هؤلاء المستوطنون بـ “الغمر” نسبة إلى غمر أراضيهم بمياه بحيرة الأسد.
التأثير:
عزز توطين الغمر التغيير الديموغرافي في المناطق الكوردية، مما قلل من نسبة الكورد في الشريط الحدودي.
أثار استياء الكورد، الذين رأوا في هؤلاء المستوطنين أداة للنظام البعثي، خاصة أن بعضهم استخدم كـ “جواسيس” لمراقبة الأنشطة الكوردية.
أدى إلى تفاقم الفجوة الاجتماعية بين الكورد والعرب، مما جعل التعايش أكثر صعوبة.
التحليل النقدي: الاستراتيجية والدوافع
الاستراتيجية الممنهجة:
تُظهر هذه السياسات (من القرار 161 لعام 1958م مروراً بـ القرار التشريعي رقم 193 إلى الحزام العربي) استراتيجية ممنهجة لإضعاف الكورد اقتصاديًا وسياسيًا وثقافيًا. بدأت بتقييد ملكيتهم (1958)، ثم تجريدهم من الجنسية (1962)، وصولًا إلى تهجيرهم وتوطين العرب (1974).
استُخدمت التشريعات، مثل قانون الإصلاح الزراعي والقرار 193، ولاحقا القرار الرئاسي 49، كأدوات قانونية لإضفاء شرعية زائفة على التمييز العرقي.
ركزت السياسات على المناطق الحدودية بسبب موقعها الاستراتيجي وقربها من الكورد في تركيا، مما عكس مخاوف النظام من “التهديد القومي الكوردي”.
الدوافع:
القومية العربية: تبنى حزب البعث إيديولوجية القومية العربية، التي رأت في الكورد تهديدًا للوحدة الوطنية.
الأمن القومي: كان الهدف فصل الكورد في سوريا عن نظرائهم في تركيا والعراق لمنع أي تعاون عابر للحدود.
السيطرة على الموارد: الجزيرة العليا (الحسكة) تُعرف بـ “سلة غذاء سوريا” بسبب خصوبتها ومواردها النفطية. سيطرة العرب على هذه المنطقة ضمنت استفادة النظام من مواردها.
إضعاف الحركات الكوردية: من خلال الإفقار والتهجير، حاول النظام تشتيت المجتمعات الكوردية لمنع ظهور حركات سياسية قوية.
الانتهاكات القانونية والإنسانية:
انتهكت هذه السياسات القوانين الدولية، بما في ذلك حق الأقليات في التمتع بحقوق متساوية (الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، المادة 2).
تُعتبر عمليات التهجير القسري وتغيير التركيبة الديموغرافية جرائم حرب بموجب المادة 8 من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.
انتهكت السياسات الدستور السوري (1973) الذي يكفل المساواة بين المواطنين.
التأثيرات طويلة الأمد
اقتصاديًا:
أفقرت هذه السياسات الكورد، حيث أُجبروا على الهجرة إلى أحزمة الفقر في المدن الكبرى، مما قلل من نفوذهم الاقتصادي في الجزيرة.
استفادت العائلات العربية المستوطنة من الأراضي الخصبة، مما عزز الفجوة الاقتصادية بين المجتمعات.
اجتماعيًا:
خلقت السياسات توترات بين الكورد والعرب، خاصة مع اعتبار الغمر “جواسيس” للنظام.
هددت التعايش السلمي، حيث أصبحت المناطق الحدودية مرتعًا للصراعات العرقية.
سياسيًا:
عززت السياسات الحركات القومية الكوردية، التي طالبت بحقوقها، سواء عبر أحزاب سياسية (مثل حزب البارتي الديمقراطي الكوردي في سوريا، والأحزاب التي تشكلت فيما بعد) وبعد عام 2011 تنظيمات عسكرية مثل YPG..
ثقافيًا:
حاول النظام طمس الهوية الكوردية عبر منع اللغة الكوردية، تغيير أسماء القرى، وقمع الأنشطة الثقافية.
رغم ذلك، حافظ الكورد على هويتهم، مما عزز مطالبهم بحقوق ثقافية وسياسية في سوريا الجديدة.
7- القرار الرئاسي رقم 49، الصادر بتاريخ 10 سبتمبر 2008 في سوريا.
هو تشريع أضيف إلى القرارات السابقة، لتكريس عملية التغيير الديمغرافي الممنهج في غربي كوردستان، أثر بشكل كبير على المناطق الكوردية، خاصة في الجزء الغربي من غرب كوردستان، شمال شرقي سوريا (الجزيرة العليا)، واعتُبر من قبل الكورد ومنظمات حقوقية جزءًا من سياسات تهدف إلى تكريس عمليات تهميشهم اقتصاديًا وديمغرافيًا، وبها تفاقم من الفقر والتجويع، كأسلوب غير مباشر لتسرع وتزيد من الهجرة الكورية إلى الخارج. فيما يلي تحليل مفصل للقرار وتأثيراته على البنية الاقتصادية للمناطق الكردية، مع الاعتماد على مصادر موثوقة.
تفاصيل القرار الرئاسي رقم 49
- الإطار القانوني: القرار 49 ينظم التصرفات العقارية (بيع، شراء، أو نقل ملكية الأراضي والعقارات) في المناطق الحدودية السورية، خاصة في محافظة الحسكة، التي تضم أغلبية كوردية. يتطلب القرار موافقة مسبقة من السلطات الأمنية والإدارية (وزارة الداخلية ومديريات الأمن) لأي معاملة عقارية في هذه المناطق.
- المناطق المستهدفة: يشمل القرار المناطق الحدودية مثل القامشلي، المالكية (ديريك)، رأس العين (سري كانيه)، وعامودا، وهي مناطق ذات كثافة سكانية كوردية عالية.
- الغرض المعلن: بحسب النظام السوري، يهدف القرار إلى “حماية الأمن القومي” من خلال التحكم في التصرفات العقارية في المناطق الحدودية لمنع التسلل أو التغييرات غير المراقبة في الملكية.
- السياق التاريخي: يُعتبر القرار امتدادًا لسياسات سابقة، مثل خطة محمد طالب هلال في الستينيات ومشروع الحزام العربي في السبعينيات، التي هدفت إلى تغيير التركيبة الديمغرافية في المناطق الكردية.
تأثيرات القرار على البنية الاقتصادية للمناطق الكردية
القرار 49 أثر سلبًا على البنية الاقتصادية للمناطق الكوردية بعدة طرق، وفقًا لتقارير حقوقية وتحليلات من مصادر مثل Human Rights Watch ومنشورات على منصة إكس:
- تقييد التصرفات العقارية:
- يتطلب القرار موافقة أمنية معقدة وطويلة (تستغرق أحيانًا أكثر من عام) لأي عملية بيع أو شراء عقار، مما أدى إلى شلل شبه كامل في سوق العقارات في المناطق الكوردية.
- الكورد، الذين يشكلون الأغلبية في هذه المناطق، واجهوا صعوبات كبيرة في الحصول على هذه الموافقات، بينما كانت تُمنح بسهولة أكبر للعرب في بعض الحالات، مما عزز الشعور بالتمييز.
- نتيجة لذلك، توقفت العديد من المعاملات العقارية، مما أثر على قدرة العائلات الكوردية على بيع أراضيهم أو عقاراتهم لتلبية احتياجاتهم المالية أو لتوسيع ممتلكاتهم.
- انهيار قطاع الزراعة:
- المناطق الكوردية، خاصة في الجزيرة العليا، تعتمد بشكل كبير على الزراعة كمصدر رئيسي للدخل. القرار 49 جعل من الصعب على المزارعين الكورد بيع أراضيهم الزراعية أو استخدامها كضمانات مالية، مما قلل من قدرتهم على الاستثمار في تحسين الأراضي أو شراء معدات.
- أجبر القرار العديد من المزارعين على التخلي عن أراضيهم أو الهجرة بسبب عدم القدرة على استدامة أنفسهم اقتصاديًا، مما أدى إلى تدهور الإنتاج الزراعي.
- تدمير قطاع البناء والتطوير العقاري:
- توقف نشاط البناء بسبب القيود على نقل الملكيات، مما أثر على الصناعات المرتبطة مثل تجارة مواد البناء وفرص العمل في هذا القطاع.
- هذا التوقف أدى إلى تراجع الاستثمارات العقارية في المنطقة، مما زاد من البطالة وقلل من فرص النمو الاقتصادي.
- تأثير على المهن الحرة والمتخصصة