اليوم تمر علينا الذكرى السنوية الحادية عشرة لأبشع مجزرة شهدها العراق بل وربما التاريخ الحديث بأسره مجزرة سبايكر. في يوم 11 حزيران 2014 تم اقتياد أكثر من 2500 طالب من القوة الجوية في قاعدة سبايكر في تكريت ليُعدموا بدم بارد دون ذنب سوى انتمائهم لمؤسسة عسكرية عراقية. قُتلوا بأبشع الطرق ودُفن بعضهم أحياء وملأت دماؤهم نهر دجلة.
مضت 11 سنة على هذه الجريمة لكن الحقيقة لم تخرج إلى النور بعد. لم تكشف الدولة من هم المنفذون الحقيقيون ولم تُحاسب العشائر التي شارك أبناؤها في الجريمة بل على العكس كثير من أبناء تلك العشائر أصبحوا جزءًا من أجهزة الدولة وارتقوا في المناصب.
تقرير مرئي نُشر مؤخرًا (وسأنشر رابطه أسفل المقال ) يطرح رواية صادمة: تنظيم داعش لم يكن المسؤول الوحيد عن المجزرة بل إن عددًا من عشائر تكريت شاركت بفعالية في تنفيذها. الرواية تؤكد أن كثيرًا من هؤلاء كانوا جيرانًا للضحايا يعرفونهم بالاسم وربما اقتسموا معهم الخبز يومًا.
إلى الآن لم تصدر الحكومة العراقية بيانًا واضحًا تسمّي فيه المتورطين بالأسماء ولم تُنشر قائمة بالمتهمين الحقيقيين. بل وحتى عوائل الشهداء لم تتسلّم جثامين أبنائها كاملة وهناك من لا يزال ينتظر معلومة واحدة عن مصير فلذة كبده بين قيد مفقود أو اسم مجهول في سرداب جماعي.
أين العدالة؟
من يثأر لهؤلاء الشباب الذين قُتلوا غدرًا في ريعان العمر؟
إذا كانت الحكومة التي أقسمت على حماية دمائهم متواطئة أو صامتة أو عاجزة فمن يحمي العراقيين من مجازر أخرى؟
إن مجزرة سبايكر ليست مجرد ذكرى حزينة بل جرح نازف في جسد العراق جرح يرمز للفشل المؤسسي والتواطؤ السياسي وانهيار منظومة العدالة. إن عدم محاسبة مرتكبيها يُعتبر رسالة لكل من تسوّل له نفسه: اقتل وافعل ما تشاء فالعدالة لا تعني شيئًا في هذا البلد.
في ذكرى سبايكر لا نطلب سوى شيء واحد: العدالة.
العدالة للشهداء. العدالة لعوائلهم. العدالة للعراق.