الإعلام بين البناء والتدمير -عبد الخالق الفلاح

تتسارع وتيرة المعلومات في عالمنا المعاصر وتنتشر الاخبار بسرعة البرق، و أصبح الإعلام سلاحًا ذو حدين؛ يمكن استخدامه لبناء المجتمعات وتعزيز التعاون، ويمكن استخدامه أيضًا لتدميرها وتقويض الثقة وضياع الاهتمامات من أدوات الصراع المثيرة ، ولذلك، فإن دور الإعلام المضاد المبرمج وطنياً أصبح أكثر أهمية من أي وقت مضى.

لقد تكاثرت الفقاعات الإعلامية هذه الايام وتزداد متى ما تصاعدت حدة التوترات و التهديدات وتضخم التقارير المفبركة  والتي لا تُقنع حتى مطلقيها و تتحرك بماكنات اعلامية كبيرة، أكثرها من أدوات الحرب النفسية و تعمل عليها وتعدها شخوص بصفحات مأجورة لطمس الحقائق ، نذرت نفسها للعمالة الإعلامية و جيوش إلكترونية تمتهن النفخ في النار وهي أدوات نفسية تسوق الروايات بلغة منمقة يخطط لها لارباك الجبهات الداخلية لبعض دول  وتشويه الحقيقة  تحت اسماء مستعارة او مجهولة .

ان وسائل الاعلام ومنذ ظهورها وتطورها في بداية القرن العشرين، أثرت على العديد من النظريات كي تتبلور حول مفهوم التأثير القوي لوسائل الإعلام بالجمهور انطلاقا من نظرية الطلقة السحرية التي وضعها “هارولد لاسويل”، مرورا بنظرية وضع الأجندة لـ”والتر ليبمان”، وغيرها. والتي اعانة على الدور الفعال لوسائل الإعلام في حياة الفرد والجمهور، بينما تركز النظرية الثانية على ما تسلط عليه وسائل الإعلام الضوء، ولذلك عرفت أيضا بنظرية “ترتيب الأولويات.

بلاشك ان  استراتيجية الوسائط الإعلامية هي نموذج شامل يوضح كيف تستخدم القنوات ووسائل الإعلام  المختلفة الطرق لتحقيق أهداف محددة فيما يتعلق بالتسويق والاتصالات. وتكون بمثابة مخطط للوصول الفعال إلى الجمهور المستهدف وجذب اهتمامه من خلال أسلوب منسق ومتكامل عبر منصات وسائط إعلامية متنوعة.

هنا يستوجب من الاعلام المستقل وهو الحصن القوي الذي يدافع عن نزاهة الحقيقة واستقرار المجتمعات، ليضمن أن يبقى الحوار الإنساني مبنيًا على أسس من الوضوح والاحترام المتبادل، او كما يسمى البديل التحرك من اجل ان يلعب دورًا هامًا في جميع المجتمعات لتصحيح المسارات ويقف بالند ، من خلال فهم أعمق للبيئة الإعلامية، والاستثمار في الأدوات التكنولوجية والخبرات البشرية، يمكن للإعلام المستقل والمضاد أن يتحول من مجرد رد فعل إلى أداة استباقية قادرة على تقويض حملات التشويه قبل أن تبدأ، كي يمثل صوتًا مختلفًا عن الاعلام المفبرك  ويستطيع الاعلام البديل بنهج استباقي ومنهجي يعتمد على قراءة دقيقة للخريطة الإعلامية، واستيعاب عميق لدوافع الخصوم وأهدافهم. تحت عملية إعادة تعريف للسرديات القائمة عبر تفكيك المنظومة الدعائية المضللة وإعادة بناء سردية قادرة على الصمود والتأثير. لان الاعلام المستقل او البديل ، يمثل منصة للجماعات المهمشة للتعبير عن أنفسهم، والوصول إلى جمهور قد لا يصل إليهم الإعلام السائد. و قد يقدم وجهة نظر مختلفة عن العالم، وتفسيرات جديدة للمواقف، وقد يكون له دور في كشف جوانب خفية لا يظهرها الإعلام السائد ، ويمكن للاعلام “المستقل ” البديل أن يلعب دورًا في مهما في تصحيح التشويهات، وبيان الحقائق”، وإبراز القضايا المهمة التي تساعد على وعي المجتمعات وتحديد التأثير المباشر عليها او على الاقل اضعافها.  ان للاعلام  المستقل دور رئيسي ومهم في تثقيف المجتمعات وتوعيتهم . ولكي نستطيع ان يرتقي الى مستوى الاعلام الهادف الذي لا يفكر الا بمصالح الشعوب وخلق بيئة واحدة للكيانات ، يجب أن يتجاوز الخلافات العرقية والمذهبية واحترام  الثقافات وصبها في المشتركات

عبد الخالق الفلا – باحث واعلامي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *