تشير التقارير الأمنية إلى أن تنظيم داعش الإرهابي يعيد ترتيب صفوفه في سوريا والعراق، ويعمل على تنشيط خلاياه النائمة، وتوزيع الأسلحة، وتجنيد مقاتلين جدد ، بعد نحو ستة أشهر من إطاحة نظام بشار الأسد في ديسمبر 2024.
وبحسب ما أفادت به مصادر استخباراتية سورية وعراقية وأمريكية وأوروبية لوكالة “رويترز “، فإن التنظيم “بدأ يستعيد بعض بنية التنظيم المركزية التي كانت قائمة قبل سقوط الخلافة المزعومة في عام 2019 “، وهو ما يُعد مؤشرًا خطيرًا على “استعداد داعش للعودة إلى المشهد الأمني في سوريا والعراق بشكل أكثر هدوءاً لكنه أكثر خطورة “.
داعش يعود.. والانفلات الأمني يُعتبر فرصة
قال القائد العراقي عبد الأمير البياتي:
“داعش يستغل الفوضى كفرصة. الانقسامات السياسية، وضعف البنية الأمنية في المناطق الجنوبية والشرقية، كلها عوامل تسمح للتنظيم بإعادة تنظيم نفسه، وإعادة تأسيس نفوذه عبر الريف السوري البعيد عن السيطرة الحكومية الكاملة .”
وأكد مسؤولون أمنيون أن “التنظيم بدأ بتوزيع تعليمات عمليات جديدة، ونقل الأسلحة عبر الحدود مع تركيا والعراق، كما تم رصد تحركات مشبوهة لأفراد يعتقد أنهم من العناصر المرتبطة بالتنظيم، حاولوا الدخول إلى العراق عبر الحدود الشمالية، حاملين تعليمات لتنفيذ عمليات ضد قوات محلية وحكومية “.
وقد اعتقل هذان الشخصان قبل أن يتمكنوا من عبور الحدود، لكن العملية كشفت أن “داعش لم يمت، بل كان غائبًا عن الإعلام، بينما كان يعيد بناء ذاته عبر السر والتخفي “.
بحسب بيانات مجموعة “SITE Intelligence Group “، فقد تبنى التنظيم 38 عملية إرهابية في سوريا خلال الفترة من يناير حتى مايو 2025 ، أي ما يعادل ثلث الهجمات التي نفذها خلال العام الماضي بأكمله، وهو ما يشير إلى “تصاعد غير مباشر، يعكس انتعاش التنظيم تحت ظروف ضعيفة في إدارة الدولة الجديدة “.
أما في العراق ، فقد سجل فقط أربع عمليات محدودة ، لكن الخبراء يرون أن “التركيز على سوريا ليس صدفة، فالانقسامات بين دمشق والسويداء، وعدم وجود مشروع دولة حقيقي، يجعل من الجنوب السوري والأرياف البعيدة مسرحاً مثالياً لإعادة تجربة التنظيم، خاصة إذا كان لا يزال يملك شبكة تمويل ودعم محلي وخارجي “.
الانقسامات داخل سوريا.. هل هي مدخل لداعش؟
يرى الباحثون في الشأن السوري أن “الانقسامات المستمرة بين الحكومة المؤقتة وسكان السويداء، وبين الإدارة الذاتية في الشمال ودمشق، وبين السنة المعتدلين والجماعات الإسلامية المسلحة، تُشكل بيئة خصبة لإعادة تنظيم الصفوف من قبل التنظيمات المتطرفة “.
وقال مصدر استخباراتي غربي لـ”رويترز”:
“داعش لم يعد يعتمد على السيطرة على الأرض، بل على زرع الخوف والانقسام المجتمعي، وهو ما ينجح فيه اليوم عبر استغلال الصراعات المحلية والانقسامات السياسية، وتحويل المدنيين إلى وقود للصراع مرة أخرى .