“الكورد في إيران كما في سوريا.. بين وهم التحرر الأمريكي – الإسرائيلي وكارثة التهميش المتكررة” – هشام عقراوي

في ظل التصعيد العسكري والسياسي الأخير بين إسرائيل وإيران نتسائل:

هل سيشهد الكورد في ايران مستقبلاً مختلفاً إذا ما سقط النظام الحالي في طهران؟ وهل يمكن الوثوق بوعود أمريكا أو إسرائيل أو حتى الجماعات الكوردية المعارضة بأن الانتصار على نظام الملالي سيكون بداية لنظام ديمقراطي حر يمنح الكورد حقوقهم الثقافية والسياسية و القومية؟

الواقع يقول إن “أي نظام جديد في إيران، إذا جاء عبر ضغوط خارجية أمريكية – إسرائيلية – خليجية، فلن يكون أفضل من سابقه للكورد، بل قد يكون أسوأ. فالتجربة السورية تُثبت أن الكورد، الذين شاركوا بقوة في الحرب ضد نظام بشار الأسد، وتعاونوا مع الولايات المتحدة وإسرائيل، وحتى مع “الجولاني”، لم يحصلوا على ضمانات حقيقية، بل بدأ دورهم يتقلص بمجرد تشكيل الحكومة المؤقتة برئاسة أحمد الشرع، الذي رفض الفيدرالية وبدأ بتفكيك الإدارة الذاتية الشمالية تحت ضغط تركي – أمريكي، ودون تقديم أي تعويض حقيقي للمكون الكردي في سوريا “.

الكورد في سوريا.. درس مأساوي لكورد إيران والعراق

الكورد في سوريا كانوا القوة الرئيسية التي دمرت دولة الخلافة المزعومة لداعش، وحمت الحدود، وشكلت خط الدفاع الأول ضد الإرهاب الجهادي، لكن بمجرد أن أنهت الولايات المتحدة مهمتها، بدأت بإعادة تموضعها مع الجولاني، الذي كان في الماضي أحد قادة هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً)، وهو اليوم رئيس الحكومة المؤقتة في دمشق، وقد بدأ يمارس نفس السياسات الإقصائية ضد المكونات غير السنية العربية، بما فيها الكورد والدروز، بينما واصلت تركيا والولايات المتحدة استخدامه كوسيلة لإدارة الدولة السورية الجديدة، دون أن تُعطي أي ضمانات حقيقية للمكونات المحلية .”

ما الذي ينتظر الكورد في إيران؟
البند
التحليل
الكورد في إيران ودعمهم للحرب ضد النظام الإيراني
أكدت بعض الأحزاب الكردية الإيرانية المُعارضة، مثل “حزب الحياة الحرة” و”PAK“، دعمها الكامل للضربات الإسرائيلية على إيران، وعرضت التعاون الاستخباري مع الموساد، وهو ما يجعلهم “ضحايا محتملين في حال استمرار النظام الإيراني أو في حال تم استبداله بنظام أكثر انحيازاً للغرب، لكنه لا يعترف بالتنوع القومي داخل إيران“.
الكورد في سوريا بعد سقوط الأسد
نُشر تقرير أن “الإدارة الذاتية الكردية فقدت دورها الفعلي بعد توقيع الاتفاق مع أحمد الشرع، الذي يرفض الفيدرالية، وبدأ بتفكيك الهيكلية العسكرية والسياسية لقوات سوريا الديمقراطية، بينما سمحت تركيا والولايات المتحدة بإعادة تدوير الجماعات الإسلامية المسلحة السابقة ضمن البنية الأمنية الجديدة، دون أن يُعطى الكورد ضمانات حقيقية بشأن مستقبلهم أو حقوقهم الثقافية والسياسية و القومية“.
السيناريو المحتمل في إيران
يشير الواقع إلى أن “أي نظام جديد في إيران، إذا كان نتيجة ضغوط خارجية، فإن أول ضحاياه سيكون الكورد، كما هو الحال في العراق وسوريا، حيث تُستخدم هذه المجموعات كأدوات في المعركة، ثم تُهمَل عند صياغة المعاهدة أو الدستور الجديد، بينما تعود الدولة إلى المركزية والهيمنة، لكن بلغة مختلفة“.

الكورد في إيران.. هل ستُستخدمهم أمريكا وإسرائيل كأداة ثم تتركهم؟

يقول باحث في الشأن الإيراني – الكردي :

الكورد الإيرانيون ليسوا ضد السلام، لكنهم يعرفون جيداً كيف تعاملت أمريكا مع الكورد العراقيين والسوريين، وكيف سحبت ترامب دعمه عن “قسد”، وكيف سمح لتركيا بالتوغل في الشمال السوري، وكيف أن “اتفاق أبراهام ” لم يشمل الفلسطينيين، ولن يشمل الكورد، لأن الغرب لا يبحث عن حق، بل عن تحالفات تكتيكية تخدم مصالحه .”

الكورد في إيران  يُستخدمون كعامل استراتيجي في لعبة أكبر منهم، وعندما تنتهي اللعبة، لا يتمتعون بأي تمثيل حقيقي في القرار، ولا يتم الاعتراف بهم كمكون بشري أساسي في الدولة، بل كأداة مؤقتة في الحرب “.

السيناريوهات المحتملة لمستقبل الكورد في إيران:
  1. سقوط النظام الإيراني عبر تدخل خارجي (أمريكا – إسرائيل – بعض دول الخليج) :
    • في هذا السيناريو، “لن يكون الكورد الإيرانيون ضمن المعادلة السياسية الجديدة، بل سيتم تهميشهم، كما فعلت الحكومات العلمانية السابقة، عندما كانت مرتبطة بالغرب، والتي حوّلت الكورد إلى أقلية ثانوية في الدولة، وسمحت بفرض اللغة الفارسية والثقافة المركزية، ورفضت الحكم الذاتي أو اللامركزية السياسية “.
  2. استمرار النظام الإيراني الحالي ولكن بوجه جديد :
    • في حال تم “إضعاف خامنئي أو استبداله بقيادة جديدة موالية للغرب، فسيبقى الكورد الإيرانيون خارج المعادلة السياسية، وسيتم استخدام خطاب العلمانية أو الليبرالية كذريعة لتكريس الهوية “الوطنية”، ورفض التنوع الثقافي والقومي داخل إيران، كما حصل سابقاً في عهد الشاه “.
  3. تصاعد الرد الإيراني على الداخل بسبب التطبيع الكردي مع الخارج :
    • إذا استمرت “بعض الجماعات الكردية في أيران في دعمها المفتوح لإسرائيل والغرب، فقد ترد طهران بوحشية، كما فعلت سابقاً، وتُعتبر هذه الجماعات خيانة وطنية، وهو ما يفتح المجال أمام حملات قمعية جديدة ضد القرى الكردية. 

الكورد في سوريا والعراق وإيران.. ضحية دائمة أم فاعل حقيقي؟

 و يختتمها صلاح الدين بيرقدار، القيادي الكردي في شمال شرق سوريا  بالقول:

الكورد في سوريا كانوا في المقدمة، وقاتلوا نيابة عن العالم، لكن بمجرد أن تغيرت المعادلات، وتحولت الولايات المتحدة نحو الجولاني، أصبحنا مجرد تاريخ، وبدأ الحديث عن تفكيك “قسد”، ودمجها تحت سلطة مركزية جديدة، بينما لم يُسأل أحد عن آراء الكورد أو عن مستقبلهم في الدولة القادمة.
لهذا السبب، نحن نحذر كورد إيران من الوقوع في ذات الفخ: لا تدخلوا في لعبة أكبر منكم، وإذا كنتم تريدون مستقبلاً، فابنوه بأنفسكم، بعيداً عن الوصاية الأمريكية أو الإسرائيلية أو التركية أو السعودية، وابحثوا عن مشروع وطني إيراني حقيقي يضم الجميع، لا مشروع غلبة يُستخدم فيه الكورد كسلاح وقت الحاجة، ثم كعدو في لحظة التسوية
.”

الخلاصة:
  • الكورد في إيران يواجهون اليوم خياراً مصيرياً: إما الانخراط في لعبة الخارجية، والمشاركة في الحرب ضد النظام الإيراني، على أمل الحصول على حكم ذاتي في المستقبل، أو البقاء خارج المعادلة، وبناء مشروعهم الوطني عبر الحوار المجتمعي والسياسي الداخلي، بعيداً عن التبعية أو الوصاية .
  • التجربة السورية تُظهر أن أي تغيير يُفرض عبر الضغوط الخارجية، لن يكون لصالح الكورد، بل لصالح جماعات الإسلام السياسي أو النخبة الموالية للغرب، بينما المكونات غير الفارسية أو غير العربية، مثل الكرد والدروز، تُستخدم كوقود للحرب، ثم تُهمش في السلم .
  •  الكورد في الشمال السوري، أعربوا عن رفضهم لـ”الحكم الواحد”، وطالبوا ببناء دولة المواطنة، عبر مؤتمر وطني شامل، يعيد كتابة العلاقة بين الدولة والمجتمع، ويضمن حقوق جميع المكونات، من كرد إلى دروز إلى علويين إلى سنة معتدلين ومسيحيين و لكن المحصلة كانت تفضيل نظام الجولاني الدكتاتوري على النظام الديمقراطي الوطني في سوريا .

الشعوب ليست أدوات، بل هي أهداف. وعلىهم أن يبنوا مشاريعهم الوطنية و القومية بأنفسهم، عبر الحوار والمؤتمرات الوطنية الشاملة، وليس عبر الانتظار على ضربات جوية أو تصريحات خارجية تُستخدم فقط لتجميل وجه الاستعمار الجديد .”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *