لا احد يشك بأن المرجعية الدينية العليا , لها ثقل ونفوذ كبير في الشأن العراقي , وكلمتها مسموعة , ومن هذه المنزلة الكبيرة . كان الترقب كبيراً في الانتظار في اعلان بيانها الحاسم , الذي راهن عليه الشعب كثيراً , وترقبه بصبر نافذ , ان يفتح آفاق الامال والطموحات الكبيرة , ان تكون لغة البيان , قوية وحاسمة وصارمة , تضع النقاط على الحروف , وبأنها ستوجه ضربة قاصمة تكسر ظهر الفساد والفاسدين , بمواقف صلبة , تساهم في اسقاط قوائم الفساد والفاسدين في الانتخابات البرلمانية المرتقبة . والكل كان يحدوه الامل , بأن البيان سيكون باللغة الواضحة والصريحة بالمكاشفة , بأن ترفض المساومة والتهاون مع جبهة الفساد والفاسدين , وتضعهم في قفص الاتهام . في توجيه اصابع الاتهام والخيانة , في المسؤولية تجاه الشعب , والضرورة التشديد والتذكير وبكل قوة صارمة على مقولتها ( المجرب لا يجرب ) , بوضع الحد وعدم السماح في السرقة واهدار المال العام . والتركيز بشدة على توفير الحياة الكريمة للشعب , وتعرية حيتان الفساد بالمكاشفة الواضحة والصريحة . وان يكون موقف بيان المرجعية ,ان يسهم في وضع سكة الاصلاح والبناء بشكل حقيقي . ويركز على الاوليات الهامة في انتخاب المرشحين للبرلمان المرتقب . وسحب البساط من الرؤوس الكبيرة من الفاسدين , والسراق خيرات الشعب . واخذ زمام المبادرة منهم , ووضعها تحت تصرف الشرفاء والمخلصين من ابناء العراق . وحث الناخبين على اخذ زمام المبادرة عدم انتخاب الفاسدين ( المجرب لا يجرب ) . لكن ذهبت التوقعات والامال ادراج الرياح , فقد جاءت صيغة البيان باللغة الارشادية العمومية والمطاطية والمرنة واللينية , وقابلة للتأويل والتفسير المختلف والمتناقض , جاء البيان محبط بالآمال , بطبطبة اكتاف الفاسدين ان يعودوا الى رشدهم بقناعاتهم , وحيتان الفساد تغير سيرة سلوكها بكل طواعية واقناع , وان تجمل صورتها بالكف عن الفساد ( ولكن يبقى الامل قائماً في امكانية تصحيح مسار الحكم واصلاح مؤسسات الدولة , من خلال تضافر جهود الغيارى من ابناء هذا البلد , واستخدام سائر الاساليب القانونية المتاحة لذلك ) كيف تتضافر جهود الغيارى , والحل والربط بيد احزاب الفساد ؟ . وكيف يتم الاصلاح والبناء وتطبيق القانون , والفاسدون وقفوا حجرة عثرة . يعني صيغة البيان جاءت توفيقية , بخلط الاوراق في سلة واحدة . الجلاد والضحية . الفاسد والشريف . الصالح والطالح . الاخضر واليابس . لذلك سارعت احزاب الفساد , في اعلان الابتهاج والنصر الكبير , وقابلته بالتهليل والترحيب والتمجيد , بعدما كانت تعيش حالات الخوف والقلق , والتتوجس من صيغة اعلان بيان المرجعية الدينية العليا , بأن قد يأتي ضدها , بتسديد الضربات الموجعة ويكشف عوراتهم ومخازيهم , بالاتهام الصريح , بأنهم سبب البلاء والمشاكل والخراب وتحطيم العراق , وفشلوا في مسؤولياتهم على مدى 15 عاماً , وكذلك الخوف من تشديد في تنفيذ مقولتها ( المجرب لا يجرب ) وقلعهم بشكل صارم . ولم يتوقعوا بأن لغة البيان تأتي مرنة ولينة ومهادنة وعمومية تصلح لكل مقاييس والثياب , ولم يتصوروا بأن تبقى زمام الفعل والمبادرة بيدهم في صيغة البيان المرجعية , لذلك اعلنت بفرح كبير , بالتأييد الكامل , بل انهم جنود المرجعية باطاعتها الكاملة ( أننا نعلن تأييدنا وألزامنا بالتوجهات الرشيدة للمرجعية العليا . نعلن اطاعتنا لها ) و ( نؤكد طاعتنا التامة للمرجعية الدينية , وهي تعلن وقوفها الى جانب حق الامة في الحياة الكريمة , ورغبتها بتأسيس عراق يتحصن بالكرامة , بعيداً عن الهيمنة , لاي قوة في العالم ) و ( ونعلن طاعتنا للمرجعية , وهي تدعو الى ضرورة وجود برنامج وطني , يحتضن الامة , ويقدم الخدمة لشعبه , ولديها الاستعداد للتضحية , من اجل مصالح الجماهير وحماية حقوفها ) .. أين الخلل والخداع والتضليل ؟! .
وختمت المرجعية بيانها في المطالبة بقانون انتخابي عادل ( ان يكون القانون الانتخابي عادلاً , يرعى حرمة اصوات الناخبين , ولا يسمح بالالتفاف عليها ) السؤال الذي يتبادر الى الذهن , اين كانت المرجعية الدينية العاليا ؟ , حين طالب الشعب ومنذ سنوات طويلة , واعتباره مطلبها الشعبي الاول , وهدرت بصوتها المدوي في الساحات والميادين , في اجبار البرلمان والحكومة , في اصدار قانون انتخابي عادل , وجوبهت مسيرات والتجمعات الشعبية الواسعة في الساحات , بآلة القمع والارهاب والاعتقال واراقة الدماء . اما ان تطرح المرجعية , قانون انتخابي عادلاً آلآن !! , فأنها جاءت متأخرة جداً وفي الوقت الضائع , ولا اهمية ولا قيمة لمطالبتها , بعد اصرار احزاب الفساد ومنذ سنوات طويلة , على تطبيق قانون انتخابي مجحف وظالم , يسرق اصوات الناخبين, وهو سيكون القانون المطبق في العملية الانتخابية . اما دعوتها بالوقوف على مسافة واحدة من كل الكتل والقوائم , فقد جاء بعد خراب البصرة , لان صوتها بح من احزاب الفساد , ولا يرجى من الوقوف معهم واعطاءهم صك الغفران كما حصل في السابق ’ بعدما انكشفت عوراتهم , بأنهم عصابات لصوص وحرامية , ولا يشرف المرجعية الوقوف معهم ( ان المرجعية الدينية العليا , تؤكد وقوفها على مسافة واحدة , من جميع المرشحين , ومن كافة القوائم الانتخابية . بمعنى انها لا تساند اي شخص , او اي جهة , او اي قائمة على الاطلاق . فالامر كله متروك لقناعة الناخبين ) ……………….. والله يستر العراق من الجايات !!