لقد أوفى الرئيس ترامب بالعديد من وعوده الإنتخابية، وهذا قليلآ ما يفعله السياسيين بعد إنتهاء الإنتخابات وصدور نتائجها. ومن بين تلك الوعود، التي أوفى بها إنسحابه قبل أيام من الإتفاق النووي السيئ، الذي وقعه سلفه باراك اوباما، مع مجمع ملالي الإرهاب والخراب الحاكم في طهران.
شخصيآ كنتُ ضد الإتفاق منذ البداية ولا زلت، ومن هنا تأتي دعوتي لقادة الدول الثلاثة بريطانيا وفرنسا وألمانيا، بالعدول عن موقفهم الإنتهازي، ودعم موقف الرئيس دونالد ترامب من ذاك الإتفاق، بهدف وضع حد لمماراسات النظام الفارسي الكهنوتي التخريبية والتوسعية، وإجباره على وقف دعمه المالي واللوجستي والإعلامي للجماعات الإرهابية المختلفة في المنطقة.
أخطأ الأوروبيين كثيرآ، عندما إعتقدوا بأن نظام الملالي القابع في طهران حقآ سيلتزم بتعهداته، وسيغير من سلوكه العدواني تجاه دول المنطقة، وسيتوقف عن زعزعة أمن المنطقة. واليوم يخطئون ثانية، عندما يظنون أن الإتفاق سيمنع النظام من الوصول لإنتاج اسلحة نووية، بفضل المراقبة الإلكترونية والزيارات المفاجئة للمفتشين لمفاعله.
لكن النظام كما هو مععروف، إستمر في سياساته التخريبية، وتدخلاته في شؤون الدول الإخرى، وكان الكرد في العراق اول ضحاياه. وحول العراق الى ولاية ملحقة بوليه الفقيه، تمامآ كما فعل مع سوريا ولبنان واليمن مؤخرآ. ولم يتوقف هذا النظام الشرير، عن انتاج المزيد من الصواريخ البالستية، التي وصل مداها الى عشرات الألاف من الكيلومترات. وبنفس الوقت قادرة على حمل رؤوس نووية، كيماوية، وجرثوية. هذا من جانب، ومن الجانب لم يتوقف ساعة عن دعمه للمنظمات المتطرفة كحزب الله اللبناني، وحركتي حماس والجهاد الفلسطينتين، إضافة الى جماعة الحوثي اليمنية، والجماعات الشيعية العراقية الطائفية، التي لا عد لها ولا حصر.
الفرنسيين والألمان ومعهم البريطانيين، يدعون بأن موقفهم هذا يمنح فرصة لإيران، لمراجعة سياساتها الخارجية المقلقة، حتى لا تخسر أوروبا، بعدما خسرت الولايات المتحدة الأمريكية. هم يسوقون موقفهم المنحاز إلى طهران هذا، بذريعة منع النظام من العودة لبناء السلاح النووي وتعقيل سياساته.
لكن بالمقابل أصحابي هذا الموقف الرخو، لا يملكون أوراق قوة حقيقية تمكنهم من دفع طهران لتغير سلوكها العدواني تجاه دول الإخرى. وبالتالي هذا الموقف يرسل إشارات خاطئة إلى الحاكم بإسم الله المرشد الأعلى خامنئي، بأن يعتقد أن الغربيين منقسمين على أنفسهم ويتصلب أكثر، ويصعد الموقف مع واشنطن. وهنا يكمن خطورة هذا الموقف الخاطئ برأي.
من وجهة نظري، الاتفاق النووي الذي وقعه السيد اوباما مع علي خامنئي سيئ للغاية، ولا بد من تعديله، بشكل لا يسمح لهذا النظام الوصول الى إنتاج اسلحة نووية، ولو بعد مئات السنيين، وثانيآ ضرورة إضافة عدة شروط إخرى للإتفاق الحالي منها:
– التوقف عن انتاج الصواريخ البالستية بعيدة المدى.
– التوقف كليآ عن التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الإخرى.
– قطع صلاتها بجميع الجماعات المتطرفة، بمختلف مسمياتها وهوياتها.
أي بمعنى أن تتحول ايران الى دولة مسالمة ديمقراطية مدنية، وتشارك في استقرار المنطقة مع بقية الدول. وداخليآ تتوقف عن حملات الإعدام الإسبوعية بحق الشابات والشباب الكرد وغيرهم. والتوجه لتحقيق نهضة إقتصادية يستفيد منها كل المواطنين الإيرانيين.
للأسف الشديد لم نشاهد شيئآ يتحقق من كل ذلك، بعد توقيع الإتفاق النووي، بل بالعكس تمامآ ازدادت شراسة النظام ضد مواطنيه، ورأينا كيف قمع المتظاهرين بشكل وحشي في الإنتفاضة الأخيرة، تمامآ كما فعل حليفها الطائفي بشار الأسد بالشعب السوري.
وما المواجهة الإسرائيلية-الإيرانية في سوريا قبل عدة أيام، إلا نتيجة ذاك الاتفاق السيئ الذي منح النظام المال، وسمح له بالانتشار كما يشاء في المنطقة. برأي الأوروبيين لا يملكون حلولاً لهذه القضية، كل ما يفعلونه هو تضميد الجراح، وليس باستطاعتهم إطفاء الحرائق الملتهبة، كما هو الحال في سوريا وليبيا.
الموقف الأوروبي انتهازي بإمتياز، والذي يشغل بالهم ثلاثة أشياء رئيسية وهي:
1- المحافظة على العقود والصفقات، التي وقعتها شركاتهم مع حكومة الملالي، والتي تقدر بنحو 200 مليار دور أمريكي مجتمعة.
2- خوفهم من طوفان اللاجئين الذي سيجتاح القارة، في حال إنسحابهم من الإتفاقية النووية الموقعة مع ايران، والتصعيد الذي سيلي ذلك، الذي بدوره قد يؤدي الى مواجهة مسلحة مع الأمريكان، بتحريض من اسرائيل والسعودية.
3- التخوف من إرتفاع أسعار النفط، وبالتالي بطئ نمو إقتصادتهم، التي تعاني أساسآ من المشاكل والبطالة.
الأوروبيين حسب قناعتي يرغبون في الحصول على مقابل مادي، مقابل تخليهم عن ايران، وفي مقدمة ذلك إعفاء الصادارت الأوروبية من الحديد الصلب والسيارات من الجمارك الإضافية، التي فرضتها أمريكا على الإتحاد الأوروبي وغيرهم. وثانيآ، تراجع أمريكا عن تقليل حصتها في موازنة الحلف الأطلسي. ثالثآ، تعويض شركاتها في حال إن هي اوقفت تعاونها مع ايران. رابعآ، في حدوث حال أي مواجهة عسكرية مع ايران على أمريكا أن تتحمل تكلفتها لوحدها.
وأخيرآ، يمكنني القول بأن الرئيس ترامب، لن يتنازل للأوروبيين، ولا يمكن حل أي قضية في الشرق الأوسط، مادام الملالي يحكمون طهران، والكماليين يحكمون أنقرة.
13 – 05 – 2018