البارحة بتاريخ 27/ 10 / 2018 م وبدعوة من الرئيس التركي أردوغان عقدت قمة رباعية بين الرئيس التركي أردوغان والمستشارة الألمانية ميركل والرئيس الروسي بوتين والرئيس الفرنسي ماكرون الهدف المعلن للجميع هو متابعة مسيرة السلام في سوريا ولكن بالتأكيد يختلف أهداف واجندات كل دولة عن الاخرى بشكل كامل او جزئي.
ما عدا الهدف الرئيسي المعلن اتفق المجتمعون على ضرورة اجتماع اللجنة التي ستضع دستورا لسوريا في هذا العام، ومن المعروف لا تزال اسماء كل اعضاء اللجنة غير معروف، ولكن ما هو معروف هي ان لجنة صياغة الدستور ستتشكل من ثلاثة مجموعات مجموعة لممثلي الرئيس السوري بشار الاسد ومجموعة تخص المعارضة السورية ومجموعة مستقلة محايدة تختارها الامم المتحدة ومسؤولها ستيفان ديمستورا الذي سينتهي ولايته في نهاية شهر نوفمبر القادم، ومن المعروف كان السيد ديمستورا قبل بضعة ايام في دمشق بخصوص تشكيل تلك اللجنة ويبدو بانه لم يصل الى نتيجة مرجوة حتى تاريخ كتابة هذه السطور.
في الاجتماع الرباعي تم مناقشة استمرار وقف اطلاق نار دائم في ادلب ومناقشةعودة اللاجئين السوريين الى وطنهم.
في المناقشات طلب ماكرون وميركل انتخابات حرة في سوريا، حيث افادت ميركل واردوغان وماكرون بأنه يجب انهاء الحرب الاهلية بطريقة سلمية وانهاء العمليات العسكرية وهذا ما قاله أردوغان ايضا، واما مصير الاسد فالجميع كان متفقا بأن الرئيس السوري يجب ان يحدده الشعب السوري عن طريق الانتخابات، وشددت المستشارة الالمانية بضرورة اشتراك جميع السوريين في الخارج والداخل بتلك الانتخابات بعيدا عن الاعمال العسكرية، وأكدت بأن المنطقة العازلة من السلاح في ادلب خطوة هامة في سبيل عدم حدوث كارثة انسانية جديدة مستقبلا.
كما ان الرئيس الفرنسي أكد بأن الحل الدائم في سوريا هو عندما يكون الحل سياسيا الذي سيسمح لجميع السوريين بالعيش في وطنهم، والمهم كما قال اجراء انتخابات تحت اشراف المراقبين الدوليين، وطلب من روسيا الضغط على الحكومة السورية في سبيل المحافظة على التهدئة في سوريا.
أما أردوغان والذي بات استراتيجته واضحة منذ عدة سنين ألا وهو عدم السماح بقيام اي كيان كوردي حتى وان كان من نوع اداري او حكم ذاتي او فيدرالي، وقالها صراحة بل وحذر الكورد بآخر انذار بأنه سيحرر كل مناطق روزئافا كما حرر ئافرين بحسب قوله، وقال بأنه بمساعدة فرنسا وألمانيا يمكن المحافظة على اتفاقية آستانا التي تمت في عاصمة كازاخستان بين روسيا وتركيا وايران.
من المعروف بأن تركيا وروسيا اتفقتا بتاريخ 17 أيلول الماضي على وقف الهجوم الروسي السوري على ادلب وذلك لكي يحافظ اردوغان على مجموعاته الارهابية هناك بمن فيهم جبهة النصر لاستخدامهم ان سنحت له الظروف في سبيل غزو واحتلال باقي مدن روزئافا لتحقيق هدفه الاستراتيجي المذكور.
تابعت البارحة المؤتمر الصحفي الرباعي بواسطة التلفاز في استنبول وبوجود ديمستورا بين الحضور واستطيع القول بأن البيان المشترك سوف لن يقدم او يؤخر شيئا على وجه الارض ولم تكن هناك اهدافا محددة اتفق عليها المجتمعون، وبكلمة واحدة هو قمة فاشلة بكل المقاييس السياسية بل أن ماكرون وميركل خسرا الكثير في ذلك المؤتمر وخاصة المستشارة ميركل.
فمنذ صباح هذا اليوم تتعرض المستشارة ميركل الى نقد شديد في الصحافة الالمانية ووسائل التواصل الاجتماعي، وخاصة على صورتها التي تقف بين أردوغان وبوتين متشابكي الايادي وهي تدرك جيدا مدى تلطيخ يدي الاثنين بدم السوريين والكورد في جنوب كوردستان وفي روزئافا كوردستان وسوريا، وقد يكلف ذلك غاليا بحيث ستخسر ميركل مستقبلها السياسي اذا كانت نتائج انتخابات ولاية هيسن التي تجري الآن ليست في صالحها.
ميركل التي مدت البساط الاحمر قبل فترة للدكتاتور أردوغان في برلين والتي أخذت البارحة صورا تذكارية معه ومع بوتين متشابكي الايادي تضع مستقبلها السياسي في حالة خطرة.
لا نتائج واضحة ومحددة تم التوصل اليها في القمة وما صدر من بيان نهائي تكاد تتكرر يوميا وتعبر عن مواقف الدول المذكورة حول الحرب الاهلية الدائرة في سوريا، ضرورة الحل السياسي بدل العسكري وتطبيق قرار مجلس الامن رقم 2254 وضرورة وحدة الاراضي السورية ومحاربة الارهاب الذي يتمثل بداعش وجبهة النصرة والفصائل المرتبطة معها وضرورة المحافظة على اتفاقية ادلب وسوتشي والمحافظة على السيادة السورية وعلى وقف الحرب بشكل دائم ، هذه هي كانت الاسطوانة المشروخة التي يتم تردديها منذ عدة سنين.
وما هو لافت في البيان خلوه من اطلاق صفة الارهاب على وحدات الحماية الشعبية الكوردية وهذا بحد ذاته يعتبر قشلا ذريعا لأردوغان، أمريكا لم تكن حاضرة هناك وأعتقد بأن ماكرون كان يمثل ترامب هناك.
واخيرا الجميع خسر هناك بمن فيهم ماكرون الذي يعلم جيدا مدى تلطيخ ايادي اردوغان بدم الكورد في باريس ورغم ذلك حضر ذلك المؤتمر واعتقد بأنه سيتعرض ايضا الى نقد لاذع في فرنسا.
وحده القيصر الديكتاتوري الروسي كان المنتصر الذي دافع بقوة عن الاسد واستنكراستعمال مصطلح النظام السوري وضرورة استعمال مصطلح حكومة الجمهورية العربية السورية بدلا منه واشار بانه سيساعد الاسد في حال اخلال الفصائل المسلحة بتفاهمات ادلب.
وختاما يجدر الاشارة بأن ألمانيا اشتركت للمرة الاولى منذ اندلاع الحرب الاهلية في سوريا اشتركت بمثل هكذا قمة على الرغم من وجود اكثر من ثمانمائة الف لاجئ سوري على اراضيها وهدفها الواضح هو منع تدفق مزيد من اللاجئين السوريين الى اراضيها او ارجاع قسم منهم الى سوريا في حال تحسن الاوضاع، خاصة وانها ستقوم حتى نهاية هذه السنة بتدقيق معطيات مائتي الف سوري وفي السنة القادمة ستدقق في معطيات اربعمائة الف سوري والسنة التي تليها ستدقق في معطيات مائتي الف سوري ربما تمهيدا لترحيل غير المرغوبين بهم.
سيف دين عرفات – ألمانيا في 28 / 10 / 2018 م.