قبل بعض الوقت نشر الأخ فرماز غريبو مشكوراً على جهوده ,نصاً دينيّاً مهماً ـ قول ئيزدينةميرـ ، يصفه بالحساس جداً , نعم حساس جداً فجميع النصوص الئيزدية التي أراد قائلها أن يقول الحقيقة هي حساسة جداّ ، لأنها كلها قد قيلت تحت الرُعب في العصر العباسي حيث كانوا مُكفّرين ممنوعين من الظهور, يستحيل معها إظهار ولوشيء من حقيقتهم, وما هو بين أيدينا الآن هو من تحت مظلة صلاح الدين, هكذا فجميع الأقوال حساسة, يلجأُ قائلها إلى الكناية والتشبيه والتنويه والتمويه بقدر كبير وليست هي فلسة أو تفنن عبثي في الألفاظ, ولا مكان للفلسفة في الدين الئيزدي الحقيقي الطبيعي, هي مُناورات في الكلام وحسب ، لذا فقائلها الأول فقط, هو الذي يعلم كل الحقيقة والموضوع,والوسطاء الناقلون عبر القرون يتناقلونها شفاهاً وربما كثير منهم لا يعلمون حتى معاني بعض الكلمات, مثلنا نحن الآن نجهل معاني كثير من الكلمات بل وحتى الجمل الكاملة, لكن عندنا وراء هذه النصوص همسات صريحة غير دينية قيلت من وراء سبعة بيبان, تُرشد إلى الحقيقة التاريخية ، وهناك الممارسات العملية المعمول بها حتى اليوم, والنتائج الفعلية للأحداث, إضافةً إلى الكتب الصفراء التي كتبها الأعداء ففيها تنويهات معكوسة تدلُّ على الحقيقة , وهكذا, إذا أراد الباحث التوصّل إلى الحقيقة فسيدركها, أما أن ندركها بالنصوص فقط ؟ فهذا مستحيل .
من ملامح القول يبدو أنه قد قيل في العقد التاسع من القرن السادس الهجري وإن لم يكن القائل قد قاله في ذات الوقت, فأحداث القول قد جرت فيه, فالموضوع هو التقارب بين أسرة ئيزدينة مير والعائلة الآدانية الوافدة من الشام، يقدم فيه القائل تعريفاً مفصلاً عن عائلة ئيزدينة مير وشخصه ونسبه وهوية شعبه الداسني , إنه ليس من أب ولا أم وهذا هو نسب الملوك المُؤلّهين في الماضي السحيق وكان لا يزال جارياً حتى ذلك الحين ، والهمسات توضّح ذلك [( بابيَ شيخ)بير البيرافات] فقد كان الشمسانيون أبياراً قبل الشفبرات والأبيار المنسوبون للإله طاوسي ملك هم أبيار بيرافات ، بعد تزعمهم للداسنيين لأجيال لُقبوا بالمير .
ئيزدينةمير, عبر تبرئة نفسه من آدم يعزل كل قومه من الأقوام المحيطة فهم ليسوا من هؤلاء الناس ولا من أبيهم آدم ولا من أمّهم حوّاء وبعبارة أُخرى ليسوا مسلمين ولا يهود ولا مسيحيين, بذكر الكأس يُنوه بأنه من أتباع الإله ئيزي صاحب الكأس، لكنه إنسان معروف وهو ملك لشعب ـ لذلك نحن نرى أن كلمة مشور في السبقة 2 هي ليست سجل كما في قول قرة فرقان (دادةستيَ بيرا زكات و مشوورة ), وإنما هنا تعني مشهور ومعروف, كما يذكر المسلمين أيضاً بإسم الشريعةت ودورهم في تمزيق شعب ئيزدينةمير, وهذا كان إسم المسلمين غير الكورد عندنا حتى اليوم, أنا أتذكر جيداً ( في حدود ذاكرتي) بأننا كنا نعني بالشرعت أنهم المسلمون وبصوت خافت جداً ومذكور في الشهادة, الكورد فقط هم بسرمان( بيَ سُر مان ــ أصبحوا بدون سُرـ هبة الله ) لأنهم كانوا ئيزديين ورضخوا لسيف الإسلام ففقدوا دينهم, وحتى ذلك الحين لم يكن الداسنيون يتعرّضون إلى فرمانات البسرمان الكورد بل هم, وبقيادة صلاح الدين, ساعدوا على نهضة الداسنيين ونشوء الدين الئيزدي الحالي .
من الواضح أن الموضوع كان طلب يد بنت أبي البركات ( التي أنجبت له فيما بعد كُلّاً من ناسردين وسجادين ) وكانت سلطة الأسرة بيد أم البنت ( ستيا ئيَس )وهي أم الشيخ عدي الثاني والبنت هي أُخته ستيا عرب *, الموضوع نفسه حول البنت وموافقتها لذلك فمركز الثقل في الكلام مُختل كما أشار إليه الأخ فرماز ، فأبو البركات كان قد توفي منذ زمن بعيد , وهنا لابد أن نشير إلى الشيخ أحمد الرفاعي الذي مات في 578 هجرية ( في المخطوطة المنسوبة إليه ), قد توجه إليهم (في لالش أو بوزان) لتجنيب الأسرة الآدانية معاشرة الداسنيين, وحينها لم يذكر أبا البركات بل قال ( لتجنيب زوجة أبي البركات زوق البوذية) هذا يعني أن أبا البركات كان قد مات قبل ذلك الحين, والآن, الرفاعي أيضاً كان قد مات وفشلت مساعيه فتم التقارب, الئيزديون أيضاً لا يذكرون أَيّ دورٍلأبي البركات وهم يقولون أنه إسم آخر للشيخ عدي والذي سمعته أنا بأُذني أثناء ( سةما شيخادي ) يقولون شيخادي ( شيخ بركاتة ) أي أن الشيخ عدي هو الشيخ بركات ,والسبقات 31 ، 32 هي سجال بين البنت والأم، يبدو فيها أن الأم كانت تعرف مصلحة الأسرة فأجبرت إبنتها على الزواج من زعيم القوم العجوز وتوسّلت إليها حتى أقنعتها, بالبكاء فرضيت, إتحدت الأسرتان وبدأ عصر جديد وهوتسليم القيادة الداسنية للشيخ عدي الثاني وقد حدث هذا في العقد التالي أي في 590 أو نحو ذلك, والسبقات التي تعني ذلك محذوفة في هذا القول وموجودة في أقوالٍ أخرى وأن الآدانيين آمنوا بأن الطريق الشمساني هو طريق الأركان السماوية التي تؤمن بها جميع الأديان وفي السبقة 35 تنويه للإتفاق الذي تم , وموافقة جميع الأطراف خاصةً المعارض الأهم هسل ممان وحضور صاحب الخرقة الشيخوبكر, أما المعارض الآخر شمس ئيزدينا فقد ذهب في مهمة إلى تبريز ومكث هناك إلى أن أعاده الشيخوبكر .
في السبقة 33 و34 تمت الموافقة وفرحت الأم كثيراً فقد إندمجت الأسرة الوحيدة مع المجتمع بل مع زعامة المجتمع الجديد المضطهد الموافق للآدانيين ومعادي جداً للعباسيين وبعد ذلك سُلّمت زعامة الداسنيين للشيخ عدي الثاني شقيق العروس, فأصبحت الأسرة بفضل البنت زعيمة القوم وأصبحت الأم في نعمة العيش وهكذا تحققت الملاحظة الأخيرة ( كيف تعطي البنت الحليب للأُم ) أما كيف أصبحت الأم مريدة البنت كما في السبقة 34 فذلك يعني أنَّ القول قد نُظم شعراً بعد الشفبرات 630 هجرية بعد وضع الحد والسد , لكل ئيزدي شيخ رسم وبير رسم, فأصبح الآدانيون مريدين للشمسانيين هكذا تكون الأم قد أصبحت مريدة للبنت التي تزوَّجت من الشمسانيين وأنجبت خاسَين .
وأخيراً لابد لنا من تقديم ملاحظات لغوية ترد مراراً في معظم الأقوال والأحاديث الدينية, وردت في القول :
1 ـ أن الكلمات العربية الدخيلة لا تعطي في الكوردية نفس المعنى بالعربية مثل :
خاس : لا تعني خاص بل تعني صالح أو قديس ، صحابي وبالكوردية (جٍاك)و خاس
سُرّ : ليست سرّ أو أسرار, بل شيء مقدس مُفترض لا نستطيع حصره في كلمة واحدة قد تكون النبوة أو الهبة الإلهية أوالمعجزة أو شيء من هذا القبيل .منها الوحي والروح والنار والماء والحنطة
سرف : كلمة محوّرة كثيراً لا تشبه العربية ولا الكوردية, كما لم نتمكن من إستنتاج معنى لها من سياق القول في المواقع العديدة المختلفة .ربما هي تشويه للكلمة السابقة (سُر)
ئيَوري : كلمة كوردية واضحة, ترجمها الأخ فرماز إلى (دخل ) تبعاً لموقعها في القول ، لكنها تعني (تهدّم) للأبنية المقدسة مثل القبب , وللغرف العادية نقول (هةرّفي), تماماً كالوفاة للعاديين نقول (مر) وللخاسين نقول (كراس كوهارت)
سينج : لا تعني السياج إنما تشبه التأثير أو التسبب أو الضغط وهنا تعني الإعتداء , ومنها (رينج) الجهد أو الطاقة أو التنمل أو القشعريرة أو المفعول .
دُرّ : كناية عن شيء مقدس جداً يُذكر في الأحاديث الدينية, غير موجود في الطبيعة إنما يًشبهونها بحجر كريم منير جداً لا يُقدر بثمن يُمثلونه ببيضة منيرة , وكثير من الأسماء الدينية لا يُمكن تصورها ومهما شبّهتها لا تعني الشيء ذاته , لا بدقة ولا بغير دقة .
بيراستا : في السبقة 27 لا تعني رفع السماء ، إنما قياس السماء , وتعني بالضبط مقايسة شيئين طولياً ببعضهما (ليك بيراستن / ليَك كًرتن ) مثل قياس حجم الملابس .
القول ليس قولاً دينياً فقط ، بل هو مخطوط تاريخي شفهي حقيقي, كاتبه شاهد عيان فهو معاصر للأشخاص أطراف الحدث , على الأرجح قد قيل بين 630 ـ 640 هجرية وستيا عرب كانت لا تزال على قيد الحياة, وأحداث القول قد جرت بين 585 ـ595 هجرية , قد تكون هناك إختلافات في التفسير والمبالغات, و وجوهات النظر حول طريقة حدوث الأحداث وليس في حقيقة حدوثها .
ــــــــــــــــــــــــــــــ
*ـ ستيا عرب: أنا أعتبرها هي نفسها ستيا زين التي في بيتا شيخ و بيرا يُنسبون ملك فخردين إليها , لكنها في نظري هي زوجة أبيه وليست أمه .
حاجي علو
14 , 11 , 2018
الاخ حاجي المحترم وبعد…مع جل احترامي لجنابكم بما ابديت به بسرد احداث تاريخيه لاشخاص معينين وعواءلهم وزواجهم وتعاملهم مع بعضهم البعض وفق فهمهم الروحي الخاص والمستوحى حسب اجتهاداتهم ،،،والتاريخ الذي هم عاصروه ليس ببعيد فليكن بضع مان من السنين اي العهد العباسي وهذا لا يفي بالغرض وحسب ما نعرف الايزديه اقدم من هكذا تواريخ بالفين او اكثر من السنين، ، ونحن كبشر لسنا بحاجه الى الافتخار بتاريخ اناس معينين نحن بحاجه الى ان نشبع ونتلذذ بالقدسيه الالهيه ،، ..استاذي انك بصفتك باحث وابحث عن الاله المعبود للايزديه قبل هذه الفتره واتنعم نحن واياكم بقداسته وشكرا
الاستاذ حاجي المحترم وبعد…جنابكم من المعتمدين عليه واود ان ان اقول كيف بالنص الروحي المقدس ان يكون غامضا فكيف ترييد ان تربى الاجيال على غامض والنص المقدس في اصله هو مقدس ولا يتاثر مهما كانت الظروف والنص المجتهد يتغيير بحسب الزمن وقساوته وعلى مهب الريح 😎😎😥……سؤالي من اين اتيت بهذه الاسماء قره فر…و مشور …..عفوا…لنرجع الى موضوعنا !!! ارجو التاكد من الاسماء والمعاني ومدى خطو…… لكل امه تراثها فمثلا في الاسلام في سوره الفرقان الفرقان تقول، ،،،،،واللذين يقولون ربنا هب لنا من ازواجنا وذرياتنا (((قره اعين))))؟ولتجعلنا للمتقين اماما…والايه الاخرى ولتجعلوا امركم شوره…وشكرا لصوت الحق كردستان ودمتم بخير ودامت صوت كردستان….