التحالف الوطني العراقي: وهو ذلك التحالف السياسي، الذي تنضوي تحته مجموعة من الاحزاب والحركات والتيارات الشيعية، والذي انبثق بعد تشكيل الجمعية الوطنية العراقية في عام 2005، وهي اول جمعية منتخبة بعد تغيير نظام الحكم في العراق، ما بعد 2003، وكان يسمى بـ (الإئتلاف العراقي الموحد)، الذي تزعمه المرحوم (السيد عبد العزيز الحكيم)، منذ بداية تأسيسه حتى وفاته أواخر عام 2009، حيث تميز المغفور له بقوة كلمته ونفوذ قراره على الجميع، مما اعطى قوة حقيقية للتحالف خلال الفترة الماضية.
بعد رحيل السيد (عبد العزيز الحكيم) رحمه الله، انتقلت زعامة التحالف الى السيد (ابراهيم الجعفري)، إلا انه في تلك الفترة أضحى التحالف شبه ميت، وأصبح عبارة عن تحالف هرم متهالك لا دور له على ارض الواقع السياسي، بسبب السياسيات التي اتبعها معه رئيس الوزراء السابق (نوري المالكي)، حيث عمد الى تشكيل كتلة خاصة به اسماها بـ (دولة القانون)، كان مسيطراً على قراراتها سيطرة كاملة، وعمد الى توجيهها بإتجاه التحالف الوطني لأجل اضعافه، وإضعاف سلطته على الكتل الشيعية المنضوية تحته، ووضع اسفين الشتات والتناحر بين مكوناته، وراح المالكي يعمل مع كتلته بمنأى عن التحالف الوطني، من خلال إتخاذ القرارات المصيرية الفردية، وكان جل اهتمامه السلطة والهيمنة على الحكومة العراقية، فألغى دوره كتحالف سياسي شيعي، يرسم سياسات وحركة الشيعة داخل الحكومة، بإعتبارهم المكون السياسي الاكبر داخل العراق.
بعد نهاية حكومتي المالكي، واستلام السيد (حيدر العبادي) رئاسة الحكومة، بدعم من ما اسمي بالفريق القوي المنسجم، الذي ضم “الحكيم والصدر والجعفري والعبادي ومجموعة من رجال حزب الدعوة المؤيدين له“.
الفريق المنسجم الذي يقوده (السيد عمار الحكيم)، بذل جهوداً كبيرة وحثيثة من اجل اعادة دور (التحالف الوطني) الفاعل، لأخذ مكانته الحقيقة في العملية السياسية، بعد اختيار الحكيم زعيماً له، ونجح في ذلك نجاحاً باهراً، وانتقل به انتقالة نوعية، وكانت المرحلة فريدة من نوعها، مرحلة لم يمر بها التحالف منذ تأسيسه حتى تزعم الحكيم له، فجعل منه عنواناً عريضاً يتوسط العملية السياسية في العراق، لا بل المنطقة بالعموم، والجميع كان يرى حركة التحالف بقيادة الحكيم في محافظات العراق وبعض الدول العربية، وكيف كان التحالف يمثل دوراً محورياً من خلال حركته الفاعلة، وأصبح مؤسسة سياسية حقيقية، انعكست من خلال اجتماعاته الدورية, وقراراته الداخلية, وكان له اثراً واضحاً على الشأن العراقي، فعمل الحكيم على تحويله من جثه هامدة الى مؤسسة فاعلة.
انتهت فترة زعامة الحكيم الدورية، وطلب من اعضاء التحالف ان يبحثوا عن خلفاً له قبل إنتهاء فترة المقررة، حيث منحهم الوقت الكافي من اجل ذلك، إلا إن التحالف اخفق عدة مرات في الاختيار، وما صعب الأمر على الجميع هو إصرار (نوري المالكي) على زعامته، علماً كان من اهم البنود التي اقرتها الهيئة السياسية (للتحالف الوطني)، انه لا يمكن لأي حزب او تيار ان يجمع بين (رئاسة الحكومة) و(رئاسة التحالف).
تلك الإخفاقات ارقدت التحالف على فراش الموت، وأخذ يدخل في غيبوبته السابقة، التي انتشله منها الحكيم أثناء فترة تزعمه، بسبب عم تواقف الكتل على تزعم المالكي للتحالف للفترة القادمة، بعدما امتنع السيد (هادي العامري) من إستخلاف الحكيم، بدعوى إنشغاله بقتال الارهاب، حسب بعض التصريحات الإعلامية، التيار الصدري كان له رأي آخر، وهو تجديد فترة زعامة الحكيم لسنة أخرى، وهذا ما رفضه الأخير.
صرح النائب عن كتلة الأحرار (ياسر الحسيني) على حد قوله إن “التحالف الوطني انتهى بعد انتهاء رئاسة السيد عمار الحكيم له، واصبح فارغ المحتوى”، إذن هل سيبقى (التحالف الوطني) بلا زعامة، حتى نهاية الدورة البرلمانية الحالي، ليدخل في غيبوبة جديدة؟ أم سيكون ترشيح المالكي هو الخيار الوحيد؟ ام ستكون هناك مفاجآت أخرى؟ ومرشح جديد للزعامة.