ثمة من يؤول الغزل السعودي السني الواضح الأخير مع اسرائيل الى الإنتقام من تمدد النفوذ الإيراني الشيعي المتلاحق في المنطقة، وهو في قسم اعتيادي تقليدي منه صحيح أكيد، لكن ربما هناك الكثير من الناس الغير معنيين بذلك والأغلبية الساحقة من قادة أقليم كوردستان الجنوبي يجهلون الى اليوم سر تلك المغازلة السعودية وحتى الخليجية والمصرية الجديدة الأخيرة وليست بآخرة على أنه مركب بقسمه الحاسم من ارتكاب قتل الاستفتاء الكوردي الأخير في مهده وللحيلولة دون نشوء دولة كوردية ولو انها مسلمة سنية مستقلة هناك على حساب الوطن القومي العربي كما يوصفون في مخيلتهم هكذا، بمعنى حرصهم الإستراتيجي المزعوم وداخل غرفهم الخلفية الضيقة على المصالح القومية العربية الأهم بكثير من المسألة الدينية ومن الصراع المذهبي مع إيران والعراق الشيعيين!
صراعهم الحديث مع ايران ونفوذها المنتشرة يمتد روتينيا اعتياديا منذ ثمانينات القرن الماضي وحتى الى درجة سكوتهم بل ومساندتهم للتحالف الامريكي الانكليزي بقلب النظام السني الدكتاتوري العراقي ومجيء نظام شيعي عراقي لصالح ايران، فإنهم لم يلتجؤو ويغازلو اسرائيل بهذه الدرجة الحالية منذ عدة أشهر أي منذ اعلان حركة الاستفتاء الكوردي السني المغلوب على أمره.
في خضم تلك الحركة كان بعض خيوط صفقة القرن القدس المؤذية لمصالح الشعب الفلسطيني المغلوب على أمره ايضا تنسج بين تلك الأطراف خصوصا السعودية والعراق وبمباركة مصرية وخليجية أخرى للتباحث معا بشكل قومي استراتيجي مزعوم على اساس ( ان فلسطين رايحة رايحة فلنعمل على منع اقتطاع جزء آخر من وطننا القومي العربي) من جانب، وكذلك بين تلك الأطراف وبين اسرائيل التي كانت تغرد وقتها احياناً لصالح الاستفتاء الكوردي المذكور من جانب ثان.
فيبدأ الوفد العربي المكلف في النصف الاول من سبتمبر الماضي بالذهاب سرا الى إسرائيل وليلتمس لها بالاستعداد الوفي لتنازلات ممكنة على المستوى الفلسطيني/ كقضية صفقة القرن وما شابه/ وعلى المستوى العراقي/ كمد خطوط الغاز والنفط والماء وغيرها مستقبلا من العراق الى اسرائيل/ لقاء قبول اسرائيل الحاكمة المزعومة للقرار السياسي الامريكي بالكف عن تأييدها المزعوم لاستفتاء استقلال اقليم كوردستان الجنوبي.
في ظل تلك التحركات المكوكية للأطراف الشريرة المذكورة وفي غمرة المساعي الجدية النزيهة للعديد من الاطراف والقوى الغربية والأمريكية الملمة بنوايا تلك التحركات العربية – الاسرائيلية، والداعية لقادة أقليم كوردستان الى التريث وتأجيل الاستفتاء، كان بعض من اولئك القادة المتسرعين الموهومين المنطلقين من دواعي الفساد الشخصية يستخفون بتلك الدعوات الغربية ويركبون رأسهم اليابس بإجراء الاستفتاء ودون ان يحسبو نهائيا حجم امكانياتهم المحدودة الشبه المعدومة دون مؤازرة الغرب الحامي والضامن الوحيد لما وصل اليه الاقليم منذ 1991.
انطلاقا من كل ذلك وخصوصا بعد كسب الود الاسرائيلي ومن ثم اصرار قادة الجانب الكوردي على غيهم الفاضي يسرع تلك الأطراف مع النظامين الغاصبين الآخرين الايراني والتركي طربا بتشجيع الحكومة العراقية بشن الهجوم المباغت على القوات الكوردية، وذلك بعدما أثبتوا جدية الفعل الاسرائيلي القاضي بثني الجانب القوي المؤثر في امريكا عن مساعدة الكورد هناك، وبالتالي كانت النكسة الكارثية الجديدة لآمال الشعب الكوردي التحررية، ولذلك يشاهد حتى الآن مدى الاصرار الحكومي العراقي الواثق من خطواته الاجرامية بالضغط المتواصل على حكومة الاقليم بتنفيذ كل ما يحد من صلاحيات وسيادة الاقليم ولارجاعه الى المربع الاول الاولي، للأسف الشديد الشديد!
نسي السيد الكاتب في مخيلته ..بانه طالما هناك دولتين تحلمان باحياء امبراطورياتها القديمة وهي الفارسية والتركية والتوسع على حساب الاراضي العربية ..فان مقالته ذهبت بعيدا عن موضوعها المرجو ، صبت غضبتها فقط على الاستفتاء ومن قام بها والصاق تهمة الفساد وعدم الادراك بقادة الاستفتاء..لنترك الاستفتاء والفساد جانبا..لناتي وتذكير الكاتب باهم نقطة وهم العرب ومشكلتهم الاساسية في وضع حد للاطماع الفارسية والتركية وذهاب الغرب ايضا الى التفكير الجدي لتخليص الشرق الاوسط للحد من هذه الاطماع وبالاخص على العرب ومصادر طاقتهم وتامينها ..هناك حل وحيد لا ثانية لها الا وهو تمزيق الدولتين الطامعتين ووضع سور محمي بين العرب وهاتين الدولتين وتفكيكهما بدلا من التهديد المستمر لمصادر الطاقة في الدول العربية والتي تعتبر الشريان المغذي لاحتياجات اوربا والدول الصناعية …والعرب يدركون الان مدى اهمية الكورد للحفاظ على امنهم اولا وعدم حاجة الكورد في زعزعة الوضع العربي بسبب امتلاكهم ايضا مصادر الطاقة ايضا ثانيا.
وانطلاقا من الخطر المتواجد والمستمر لتلك الدولتين على العرب ..اسرائيل ايضا مهددة دوما بفناءها من قبل تلك الدولتين ..فما جمعت العرب واسرائيل لصد الهجمات وتخوفهما من تركيا وايران هو الهدف نفسه برعاية غربية لسببين لحسم قضية اسرائيل وايجاد حل دائم والبحث عن فرصة سلام دائم، ولتحييد وتبديد مخاوف الاحلام والاطماع المستمرة طالما هناك دولتين الفارسية والتركية والحل هم الكورد كسياج وحائط صد والى الابد.
اما موضوع القدس ..فالعرب حسموا موضوعها نهائيا في حرب1967 فالقضية منتهية كما هي نفس الحالة في الجنوب السوداني والامازيغ الغربي.. وادرك العرب تماما بانه عليهم الاخذ بزمام حل الامور وحلها بدلا من الابقاء على الصراعات تبقي منطقة الشرق الاوسط في دوامة الزعزة والاستقرار…