في التعبير الصوفي هناك وحدة الوجود (التوحيد الوجودي) ووحدة الشهود( التوحيد الشهودي) وهما نظرية او عقيدة فلسفية لادينية رغم طابعها الجوهري التصوفي وممكن اعتبارها اختبار روحي وجودي كوني. فيما الوجود بشكل عام هو وجود مطلق ومعين وهذا ليس وقته في مقالنا . ووحدة الشهود تقول (لاأرى شيئا غير الله) فيما وحدة الوجود تقول (لاأرى شيئا إلا وارى الله فيه )اي وحدة الشهود في حال الفناء ووحدة الوجود في حال البقاء وهما متلازمان ، والمثال الذي كثيراً ما يسوقه الصوفية تبياناً لحالي (الفناء والبقاء) جواب قيس ليلى عندما سئل “أين ليلى”، وقوله: “أنا ليلى!” فقيس، لما قال ما قال، كان فانياً عن نفسه باقياً بليلى..
ومقالنا هنا عن {وحدة الوجود} التي اعلنها الحلاج وابن الرومي وابا يزيد البسطامي وسبينوزا وغيرهم ، وعلى الرغم ابن عربي لم يقول بالحلول لكنه قال بالوحدة والاتحاد اي ظهور الحق بصورة الخلق وقد سبق ابن عربي بالف سنه في قول وحدة الوجود مذهب (الأدفيتا فيدنتا الهندي) . وهنا تسيد هذه الفلسفة (محي الدين ابن عربي )عندما قال ( وحدة الوجود في مجمله يعني الانسان هو جزء من القوانين التي هي جزء من الخالق وبالتالي على الانسان ان يتقيد بتلك القوانين لكي يعبد خالقه بصورة صحيحة بخلاف الخصوم الذين وصفوا وحدة الوجود بالجبر والقول بالنقص في حق الله ….) الله والانسان متحد {بالتجلي} (اي ظهور الحق في الاشياء دون ان ينقسم ) كما ذكر ابن عربي ، ونقرأ في كتاب التجربة الصوفية ل. د نظلة الجبوري (في الواحد والكثرة لاوحدة بلا كثرة ولاكثرة بلا وحدة وتجلي الواحد مفهوم هندسي للواحد ) . والعالم في الحقيقة ماهو الا تجلي الله ولا سماء وارض تخلو منه. و يكون الله حل او اتحد في الاشياء دخل فيها دون ان تحل فيه اي الله واحد لاينقسم او يتعدد . والحلول او الاتحاد بالله غير متفق بكون وحدة الوجود لاتضم الذات الالهية كلها، ربما الظاهر منها وقد يحدث اتصال للانسان بالله وهذا الاتصال لا يتم إلا بمجاهدة الروح والنفس.
والفرق بين (الاتحاد والحلول ) حسب (عبدالرحمن بدوي في كتابه شطحات الصوفية ص 11 ويقول الاتحاد شهود وجود واحد مطلق من حيث جميع الاشياء ، بينما الحلول المطلق هو ان الله حال في كل شئ) ونتذكر الحديث القدسي الصوفي في قول الخالق (كنت كنزا مخفيا فاردت ان اعرف فخلقت الخلق فبي عرفوني ) كحقيقة تعبيرية بين الالوهية والعالم. وان الخالق عُرف بنا عندما خَلقنا له وتعرفنا عليه بواحديته في خَلقِه لنا ، فيما يخالف هذا المفهوم رأي متوارد في (كتاب موسوعة فلاسفة ومتصوفة اليهود لمؤلفه د.عبدالمنعم الحفني ص 107 – تقول لم يكن في القديم الا الله لكنه انسحب على نفسه بمعنى حجب بعض انواره فترك فراغا حلت فيه مخلوقاته وكما لم يكن ثمة وجود مع الله قبل خلق العالم فكذلك ليس ثمة وجود مع الله بعد خلق العالم ).
و وحدة الوجود عند الله في اعمال الصوفية تقر محبة الناس جميعاً منذ الأزل مهما عملوا واعتقدوا من أديان ، وتأكيد عبد الكريم الجيلي ( هذه الطوائف عابدون لله تعالى كما ينبغي أن يُعبد) يقصد كافة الاديان في زمانه .
ووحدة الوجود ألغت تعدد الاله في الكون مما أضاف للتوحيد معنى الواحدية وان الله فوق كل التمييزات ، والمخلوق لايَصبح ابدا هو الله ،والله لايَصبح ابدأ هوالمخلوق .
في (كتاب الفلسفة والتصوف للمؤلف ولتر ترنستيس ص 310) نقرأ كان (خشية اللاهوتيون والكنيسة من وحدة الوجود ويركز التأليه على فكرة اله شخصي بينما وحدة الوجود فيما عبرت للمفكريين الغربيين تتجه نحو مطلق غير شخصي يصلي اليهودي والمسيحي ، واليهودى الى صلاته لله لكن يمكن له ان يصلي للعالم … او يسأل الغفران والنعمة من المُطلق.) .
في كتاب الفيزياء الحديثة والتاوية لمؤلفه فريتجوف كابرا نقرأ ( في النظرة الشرقية اذن كما في الفيزياء الحديثة كل مافي الكون مترابط بكل شئ آخر ولايوجد جزء منه يقال عنه اساسي فخصائص اي جزء يقررها ليس القانون الاساسي بل خصائص الاجزاء الاخرى .لقد تأ كد لكل من الفيزيائيين والصوفيين إستحالة تفسير اي ظاهرة تفسيراً كاملا ، رغم اهتمام الصوفية بالمعرفة المطلقة ، بينما اهتم الفيزيائيين بالتقريب او المعرفة النسبية ) .
وسبينوزا نفى وحدة الله والطبيعة بحضور الله في الطبيعة لاينفصل عنها ولاتنفصل عنه ولاانفصال عن اللانهاية وهي الله.
ووحدة الوجود ألغت تعدد الاله في الكون مما أضاف للخالق معنى الواحدية وان الله فوق كل التمييزات ، والمخلوق لايَصبح ابدا هو الله.. والله لايَصبح ابدأ هوالمخلوق وعند الله وحدة الوجود حسب الصوفية تعني محبة ازلية بين كافة الناس مهما عملوا واعتنقوا من اديان.
وقد شمل الاعتراف او الاقرار بوحدة الوجود الطبيعي والصوفي جميع الاديان تقريبا مثل الديانة اليهودية والمسيحية والاسلام والايزيدية وغيرها من المعتقدات كون لهذا الكون لابد من خالق وصانع وحيد له ، فلا تخلوا ارض ولاسماء من الله فهو (نور السماوات والارض).
27 – 7- 2020م – خالد علوكة .
الصوفية ليست من الإسلام في شيء, الصوفية هي تصدّع نفسي ديني , نتيجة الإيمان الحقيقي الراسخ عميق الجذور, فرض عليه إيمان باطل قوي جداً فكان بحاجة إلى قرون حتى يترسخ ومع ذلك فلم يتمكن من محو الأول فنشأ في العباقرة صراع ديني نفسي داخلي برز بشكل تصدّع ديني ونفسي , قفز فيه المؤمن من فوق الحواجز الجديدة الباطلة إلى الخالق مباشرةً, مرةً يُجاري هذا ومرةً ذاك وهو مخلصٌ في إيمانيه بالواحد الأحد وذائبٌ فيه , هكذل نحن لم نجد متصوفاً واحداً ينحدر من العرب ولا كانوا مسلمين في القرون الأولى كلها بل كانوا أعداء الإسلام حتى نهاية العصر العباسي, كلهم من العنصر الإيراني بالدين الزرادشتي, ومعظهم لا علاقة له بما يُقال عنه , والحلاج خير مثال على ذلك وما أكثر ما سمعنا من أقوال منسوبة إليه باطلاً ( أنا الحق, الحق أنا , الشيطان أول موحد الله ليس عادلاً …..حفظ القرآن والحديث ……. ) متى كان هذا؟ متى عرف العربية ومتى كان مسلماً وهو قد ولد بعيداُ عن دولة الإسلام بأكثر من 700 كم وبغداد نفسها لم تكن عربية ما أن بلغ 19 سنة من العمر حتى إلتحق بثورة الزرادشتيين العجم الذين يسميهم التاريخ الكذاب بثورة العبيد (( أربع أو خمسة عبيد من أفريقيا قاموا بثورة ضد الدولة ) عام 269 هجري, نعم كل الموالي هم كانوا عبيد العرب وهم جميع الفرس والكورد رعايا الدولة الساسانية هم موالي العرب يعملون لهم في الزراعة والفلاحة وكانت ثوراتهم لا تتوقف على مدار القرون حتى إستعانوا بهولاكو وإنتقموا من العباسيين , والحلاج كان أحد الإيرانيين من أصفهان إلتحق بثورة الزنوج فور بلوغه سن الحرب ولما فشلت ثورتهم لم يتتلمذ على يد رجال الدين الإسلامي بل إلتحق فوراً بثورة القرامطة, هذا الإسم المشوه الذي خلقه تاريخ السيف ( إنسان مشوه الخلقة عريض الرأس ضخم الجسم طويل ورفيع الساقين ) بينما هم أسسوا أشرف وأعدل نظام للدولة والمجتمع, فقاتل في صفوفهم حتى قبض عليه وأعدم بالطريقة الداعشية المعروفة في ( سورة المائدة 33) فمتى وممن تعلم الحديث والقرآن والعربية ؟ من القرامطة الذين أحرقوا الكعبة ورموا الحجر الأسود في البحر وقتلوا الحجاج ؟