يبدو انه لاول مرة تتوافق و تتساوى مواقف و مواقع و ثقل رئيس الوزراء العراقي و رئيس الجمهورية من حيث توجهاتهما وسندهما و ثقلهما و على الاقرب من يقف ورائهما و يتولى امرهما و ينصهما. لذلك يبحثان عن ماوراء هذه المرحلة و ما يجب عليهما عمله لضمان بقائهما او يواجهان غروب شمس عملهما السياسي نهائيا ان لم يجدا المنفذ الامين و المنقذ من اجل بقائهما، لانهما على اليقين بانهما لم تبق الفرصة لترشيحهما مرة اخرى بعد الانتخبات ان لم يجدا كتلة او قوة اوكتلة سياسية او حزب سواء يكون لكل منهما او معا لترشيحهما. فالكاظمي لم يجد من يدعمه هكذا كما حصل نتيجة عدم تكرار الظروف التي رافقت استقالة رئيس الوزراء السابق السيد عادل عبد المهدي و ما حدثت من التظاهرات الكبيرة و سهلت امره او بالاحرى الظروف الذاتية العراقية الداخلية مع التوافق مع الظروف الموضوعية هي التي رفعت سهم الكاظمي و رفعه على العرش. اما برهم صالح فانه يعلم جيدا بان تركه لحزبه الذي اسسه بعد انشقاقه من الاتحاد الوطني الكوردستاني و عودته مذلولا اليه فقط للحصول على ترشيحه لمنصب الرئاسة و خسارته لسمعته السياسية و مكانته بعد تلك التصريحات النارية ضد الحزب الذي انشق عنه و عاد فيما بعد اليه وهو الذي تشدق بحزبه الجديد و تحايل على الكثير من الكوادر التي رافقته و من ثم تركهم في نصف الطريق بعدما اصابته خيبة امل نتيجة خسارته في انتخابات البرلمان الكوردستاني, وهو يعلم ان نسبة حظه ضئيل في اعادة ترشيحه لمنصب رئيس الجمهورية مرة اخرى بعدما خيب ظنه حزبه لعدم انتخابه امينا عاما لحزبه الذي انشق منه و عاد اليه نتيجة لما وعدوه من قبل. فاليوم لم يبق امامه الا التحالف مع من يشبهه بالكمال و التمام او نسبيا من حيث نسبة اعادة ترشيحهما للمنصبين المتنفذين في العراق.
من المعلوم بانهما يبحثان اليوم في تاسيس قائمة مشتركة بينهما ليس لشيء سوى انهما يمكن ان نجحا عن طريقها في هدفهما و يعيدان الكرة في اعتلاء المنصبين. و هذا ما يمكن ان تدعمه القوى الخارجية التي لها المصلحة في بقاء العراق على حاله.
اي ان الرجلين قبل التفكير في اصلاح حال العراق كما يدعيان فانهما بحركاتهما البهلوانية الاعلامية سواء في العراق او في كوردستان و ما يفعلانه على امل تجسيد ارضية لتحقيق مهامهما مهما كانت على حساب المواطن و من اجل الحصول على النسبة التي يمكن ان ينجحا في تنجقيق هدفهما الوحيد ليس الا.
ان كانت قائمتهما شاملة و متكاملة و عراقية بعيدة عن المحاصصة كما يدعيان فان حظ الاثنين ضعيف جدا في اقليم كوردستان و ان كان للكاظمي ربما تكون لديه نسبة جيدة من احتمال حصوله على الاصوات في وسط و جنوب العراق، فان برهم صالح يامل ان يتكا عليه في مرامه كما حصلت النائبة اكوردية الا الطالياني على اصوات مكنتها من الفوز باي شكل كان بمقعدها في البرلمان العراقي على حساب قائمة عربية و شعب بغداد بعدما تاكدت من عدم ترشيحها من قبل حزبها و انتهت هي ايضا سياسيا و سقطت و هي قضت على نفسها.
اليوم و بعد تسرب الاخبار المؤكدة من العمل سرا لكل منهما و من يتبعهما في هذا التوجه، اي تعاون الكاظمي و برهم بعيدا عن الاعلام و في ثنايا و اروقة الفنادق و المقرات و الاتصال بالسياسين القدماء المنشقين او المستقيلين من احزابهم او من الاصدقاء و الاقرباء و العشائر عسى ان يفيدونهم كما نرى في كوردستان. فهل ينجحان في امرهما؟
لابد ان نشير الى عدة عوامل اساسية لعدم قناعتنا بانهما و ان نكن واقعيين اكثر نخص صالح فقط يتمكن من نجاحه و ربما يضر بالكاظمي ايضا في المدى القريب و البعيد.
* انشقاق برهم صالح من الاتحاد و تاسيسه حزب و اعلانه عن استحالة عودته و هو يتكلم بشكل علني و ببذائة ايضا عن من يتراجع عن خطواته التي اتخذها، و لم يمر يوم و تراجع بنفسه رغم السب و الشتم لمن يتراجع فقط لمجرد اخذه لوعد ترشيحه لمنصب رئيس الجمهورية و الامين العام للاتحاد الوطني، و لكنهمرمرروا عليه تلك الحيلة بمنصبه الوحيد فقط و لمدة اربع سنوات فقط و لم يلتفتوا اليه في مؤتمرهم الاخير و لم يقربوه من المنصب الموعود به ايضا. و عليه فانه ليس بمكانة ان يحصل على اصوات يمكن ان تعيد له ما تمكنه ان يترشح مرةاخرى في بغداد الا اللهم ان نجح مع الكاظمي في جنوب و وسط العراق و هذا صعب نتيجة المعادلة السياسية و الواقع الاجتماعي السياسي المعلوم في العراق.
*فان نسبة الاشتراك في الانتخابات القادمة ستكون ضئيلة بشكل لم يسبق لها مثيل بعدما تاكد حتى الطفل العراقي بان من يعد و يقسم على العمل من اجله بعد الانتخابات لم يف بوعوده، و عليه فان الاحزاب الاسلامية الموجودة على الساحة و بتنظيماتهم الثابتة سيفوزون مرة اخرى مهما كانت الاراء مختلفة بعد التظاهرات الاخيرة، و ان ايام الانتخابات ليست كقبلها و سنرى.
* الواقع الاحتماعي العشائري و الذي يضم النسبة الاكبر من المنتخبين سيدفع لمن له الامكانية المادية الاكثر و الايديولوجية الملائمة لتلك العقليات المسيطرة عليهم. اما الرهان على الشعب الكوردستاني من قبلهما فهو كالرهان على الخيل الخاسر منذ الان.
* القوى التي دعمت برهم – الكاظمي من قبل علموا بانهما تلاعبا و تعددت اوجههما و لم يكونا كما كان الاسبقون، و عليه التراجع في دعمهم و على الاقل لصالح دون الكاظمي لامر واضح و مؤكد.
* اننا على يقين بان الكاظمي و صالح يعملان بجد و اصرار على ما يخططان له الان دون الالتفات الى ما يهم الشعب بشكل حقيقي و بعيد عن التظاهر و الترويج الاعلامي، و هما ينكشفان امام الجميع و لن يكون طريق نجاحهما سهلا .
فاننا نصل الى نهاية المعادلة التي تفرض نفسها خلال اشهر، و ان المخططات ستلقى حواجز و عقبات على ارض الواقع و لن يبق موقف و راي الداعمين الخارجيين شرقا وغربا ثابتا و هذا ما يعطي احتمالات مختلفة لنسبة نجاحهما في النهاية.