بينما نجد اليوم صعوبة العيش والبقاء في منطقتنا كبشر ترانا نكتب عن أصل شعب سومري عاش هنا قبل 5 خمسة الاف سنه وبنى ارقى حضارة في التاريخ ، وحالنا اليوم يرثى له هل نحن فعلا من ذاك الشعب السومري العريق ام غافلنا الوقت في جنون هذا العالم الحديث المفكك رغم تطوره .
و( السومرين اطلقوا على العراق اسم (آزي l .zi – – ) وتعني الذي يعرف ) خزعل الماجدي . وطالما (التاريخ يبدأ من سومر ) كما يقول صموئيل كريمر، وحتى نتعرف على افضل اماكن العيش الرغيد للبشر في الكون نقرأ (في كتاب رحلة الكون عبر الزمان ) للمؤلف سامح عبود يقول ( اول ماظهر هي الاسماك ثم البرمائيات مذ 400 مليون سنه ثم التماسيح والطيور المتطورة عن الزواحف ثم الثديات ذات المشيمة التي تلد من الثديات التي تبيض منذ 200 مليون سنه ثم الثديات الراقية كالقردة منذ 100مليون سنه ثم ظهر البشر اشباه الانسان العاقل منذ 25 الف عام تقريبا ).
لو نظرنا قليلا الى طبيعة هذا فان منطقة وادي الرافدين (ميزوبوماتيا) واهوار جنوب العراق ملتقى المياه العذبة دجلة والفرات هي جنه عدن وافضل اماكن العيش للكائنات الحية ، علما تاريخيا المياه الشاسعة كانت ممتده حتى مدينة الناصرية الحالية .
الاصل في جدل موضوعنا هذا هو لماذا ادعي بان الشعب السومري ليس من شعوب منطقة الجنوب العراقي ووادي الرافدين بل جاء وافدا مهاجرا من خارجها وبنى حضارة عريقة تعجب علماء الاثار والسومريات من فطنة وذكاء هؤلاء القوم ؟. كيف قدموا ومن هم ؟ وماهي مؤهلاتهم التى جلبوها لبناء حضارة خارج بلدانهم وماصحة تحضرهم ؟
وهناك عشر نظريات حول الشك في اصل السومريون ومنها من بنى استنتاجه على أمرين الاول : اللغة السومرية ملصقة وذو مقاطع اي غير (سامية) اسوة باللغات السامية السائدة مثل الاكادية والبابلية والعبرية والعربية بل نسبوا السومرية الى اللغات الصينية او التركية ،
والثاني : طريقة بناء معابدهم على شكل ابراج مدرجة وزقورات مرتفعة . وهذين النقطتين تدل على انهم بدو رحل من حضارة جبلية انحدروا من مناطق مرتفعة مثل الاناضول او التبت او وادي نهر السند …
ثم ظهرت اراء اخرى تقول بان اصلهم من هنغاريا او المجر او من حوض بحر ايجة او من جبال زاكروس ، فيما الاثاري العراقي المشهور (بهنام ابو الصوف ) له وجه نظر اخرى في نقطتين وهي ان اصول السومريين تعود الى عرقين مختلفين الاول هو الفراتيين الذين انحدروا من شمال وشمال غرب العراق الى دلتا الجنوب طلبا للرزق و(هم الذين أسسوا لحضارة حسونه وحلف والعبيد ) .
والثاني هم سكان سهل الخليج العربي الذين خرجوا منه بعد ان غمرت مياه البحر العربي والمحيط الهندي سهلهم وانتقلوا الى جنوب العراق واطلق عليهم ( اصحاب الرؤوس السوداء) .فيما السيد صلاح سعدالله من جريدة الحياة اللندية عام 1995م ذكر بان اصل السومريون كورد مستند على فرضيات كلمات تعطي معنى واحد مثل كور عالم اسفل سفلى او جبل ، ودر الدالة على الشجرة وآرو بمعنى الماء .
والعالم الامريكي زكرياستيشن قدم في السبعينات من القرن الماضي كتابه المثير للجدل (كتاب انكي المفقود) والذي أكد اصول السومريين الفضائي .
ولكن الرأي الاكثر ترجيحا في اصل السومرين هو للاثاري الانكليزي السير ماكس مالوان بقوله ( ان السومريين كانوا موجودين في البلاد قبل ان تشهد لهم وثائقهم المكتوبة )وكذلك د. فوزي رشيد له رأي يقول ( السومريون عراقيون اصلاء انحدروا من شمال العراق ) وكلها اراء ولكن يبقى الاصح انهم من اصل البلاد وهذا مانعول عليه.
وابن خلدون ت 1332 م يقول في مقدمته ان ( البدوسبب تخلف العرب والحضارة وهذا ليس ازدراء منه نفسه قال البدو اصل الحضارة لما لهم من الكرم والشيم ) ونؤيده بفكرة البدوي لايبني حضارة راقية مثل السومرية بل كيف يقتدر شعب بدويأتي ليسكن وادي الرافدين ويبني حضارة من فراغ ربما هو بلا حضارة ! فكيف يبني حضارة متطورة مثل السومرية ؟ ثم لماذا لم يبنى حضارة في مسقط رأسه ؟ . فيما الجزائري مالك بن نبي ت 1973 يقول العكس من ابن خلدون بان (البدو لهم ارض خصبة لبناء الحضارة ).
وانجلز ت 1895 م يقول مع زميله كارل ماركس لتفسير عدم تطابق نظريتهما حول التطور التاريخي للمجتمعات على بعض المجتمعات الغير أوروبية، ومنها منطقتنا، فقال أنجلس في مقالة شهيرة (بأن سبب الصراع بين البدو والحضر، هواستغلال البدو للدين ضد الحضر ) ولو زمن السومريات كان الدين في خبر كان والصراع الديني ايضا لايبني حضارة.
النقطة التي تقول ليس السومريون من اصل البلاد هوبسبب بنائهم الزقورات المرتفعة وهي حديثة عن شكل البناء في جنوب العراق ولكنها معابد محصنة ،.
النقطة الاخرى التي تقول بان السومريون شعوب غير سامية ربما بها رائحه العنصرية لما وحدها شعوب غير سامية ؟ واصلا كلمة ( سامية ) تعود الى سام بن نوح ثم اطلقت على اللغات والشعوب السامية المتقاربة والمتشابهة في تاريخها وجغرافيتها في منطقتنا واستعملت بشكل شائع في العام 1781م .
ونقول في الخلاصة تمكن السومريون من صنع العجلة وصهر المعادن ووضع النظام العددي وتعلم اول حرف في التاريخ واول بوادر الديمقراطية والبرلمان وجد في سومر وحتى كلكامش كان متمدنا وحضاريا من اهل سومر بينما صديقه انكيدوا جاء من البراري بدويا متهيجا لحد ترويضه من قبل فتاة ضاجعته اسبوعا.
وحسب اعتقادي فان الشعب السومرى هو من أصل سكان وادي الرافدين نمى وترعرع فيها وبنى اشهر حضارة في التاريخ اكتشفت منها الواح عظيمة مثال ملحمة كلكامش وسمي شعب (ذوي الرؤوس السوداء لكون شعر راسهم اسود يشبه ارض السواد التي عاشوا عليها وهي ارض التمييز والخصوبة والعبقرية ) كما ذكر خزعل الماجدي .
و قلنا رأينا في اصلهم من سكان بلاد الرافدين ونجد كثير اسماء افراد ومدن ودلالات شاخصة في المجتمع العراقي من شماله الى جنوبه كلها سومرية اومتاخرة من بابلية او اكدية لو نظرنا الى بعض معاني الكلمات السومرية نجدها موجودة في مناطق سهل نينوى وسنجار وبعشيقة وبحزاني وبقية مدن العراق مع تشابهها باللغة الكوردية كون اللغة السومرية من اللغات الارية واللاصقة .
و{على الرغم لايمكن الاعتماد على مفردة او مفردتين للدلالة على اصالة شعب له عشرات الالاف من المفردات في لغته وكتابته لكن لها جذورها لاتتغير ووحدتها القواعدية الاساسية هي المركب اللفظي وليس الكلمة المفردة } كما يقول خزعل الماجدي .
ونذكر اسماء باقية لليوم في سهل نينوى وخاصة مناطق سكن ابناء الديانة الايزيدية وهي سومرية اصلية مثل اسم (سموقان اكبر عشيرة في سنجار ) وتعني سومريا اله الماشية والخصب والانتاج – وكذلك اسم (ممو) بمعنى خالق السماوات والارض واسم (نون كي ) بمعنى مدينة اريدو – واسم (كيتي) بمعنى ارض الحياة – واسم (نمو ) الهه فيها ارادة الخلق وتاتي احيانا باسم (نعامي نعمة زوجة نبي نوح ) – واسم (جتو – مدو) وهي الهة سومرية – واسم (محو) من سلالة قايين ومعناه يَلغي – واسم حمو ممو بمعنى الهة الحرف والمهارات واسم (مامو )وهي الابنه الوحيدة للاله الشمس- وبكو ومكو بمعنى طبل ..وهناك اسماء سومرية لاتزال تسمى لافراد عندنا منها : شمو- شرو – كسو – كسم – جلي – كنجو وستر الزواج – وختن – وغيرها الكثير.
ويقول ديورانت (ان السومريون في جنوب العراق ابان الاحتفالات الدينية يضربون انفسهم بالالات الحادة حتى يلطخ دمائهم المذبح والارض مج/1ج/2 ص 315) وقد نجد هذا لليوم في يوم عاشوراء .
و نجد في الجنوب ايضا اسم شمخه وهي نفسها صاحبة الحانة التى قالت لكلكامش له لاتحزن (لقد كتب الاله الخلود لنفسه وعلينا كتب الموت بعد وفاة صديقه انكيدوا وبحثه عن الخلود) .
وفي الاخير (طوى اسم سومر النسيان بعد 1500سنه من شغله وسقط في بداية الالف الثاني ق.م وخَفَت وكان {اسمه شعب القصب – كي .إن . جي كينجي } ثم اسموه الساميون [سومر]……حسب قول خزعل الماجدي).
كنا شعوب وقبائل اصحاب حضارات وتاريخ …..واليوم اصبحنا نحلم بذاك ….وصرنا للاسف شعوب الهجرات والابادات .
خالد علوكة آب 2020م