الاديان السماوية وخاتمة الاديان “الإسلام” جميعها تدعو إلى الصِدق والتمسك به لانه يمثل سفينة النجاة ومفتاح الخير وبنفس الوقت تُحذرنا من الكذِب، الآيات القرآنية والسنة النبوية الشريفة صدحت بمدح الصادقين وذم الكاذبين منها قوله تعالى:
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِين } التوبة119، وقول رسول الله “صلى الله عليه وآله”:
“إِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ، وَإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الْجَنَّةِ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَصْدُقُ حَتَّى يُكْتَبَ صِدِّيقًا. وَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ”.. من أخطر صور الكذب على الاطلاق هو إطلاق الشائعات والافتراء ضد الاخر عن طريق تلفيق الاكاذيب، يعد هذا النوع من اشدها واخطرها الذي يستخدمه البعض لمآرب، يطلقون عليه علماء النفس بأسماء منها؛ حرب الأعصاب، الحرب النفسية.
كثيرةً هي الاساليب التي يستخدمها اعداء النجاح ضد الاخرين، الغرض منها هو النيل منهم والعمل على تسقيطهم امام عامة الناس، لا يمتلكون وسيلة أخرى سوى التلفيق وكيل التهم جزافاً واطلاق العنان من نشر الاكاذيب في اخذ دورها للنيل من هذا الشخص او ذاك.
الشواهد التأريخية كثيرة على ذلك، لم يسلم احدٌ من هذه الماكنة الهابطة التي يمكن ان نطلق عليها بالشائعات، الانبياء والأئمة المعصومين “ع” لم يسلموا منها لما نالهم الحظ الاوفر منها، خاتم الانبياء والمرسلين محمد “ص” ُعرف عنه بين اوساط اهل مكة عامة وقريش خاصة بالصادق الآمين، لكن بمجرد ان بلغ مرحلة النبوة والرسالة ودعاهم الى دين التوحيد ونبذ عبادة الأصنام، اطلقوا عليه الشائعات منها انه كاذب وساحر ومجنون لعلمهم المسبق انه من اصدق الصادقين، هذا كله بسبب إن مصالحهم الشخصية تتعارض مع دين التوحيد، حادثة الإفك خير دليل على ذلك التي نسبت الى عِرض زوج النبي “صلى الله عليه وآله” السيدة عائشة، كان المقصود منها ليس زوج النبي “ص”، وانما المراد منها استهداف لشخص رسول “ص”.
المعصوم “ع” لم يسلم من احقاد كيد الكائدين والكاذبين فكيف بسائر البشرية التي لم تمتلك العِصمة.
بين الحين والاخر تخرج لنا اصوات نشاز وظيفتها التسقيط ودس السُم في العسل، باختراع قصص وروايات لا نصيب لها من الصِحةِ، مدعومة بمكانة اعلامية تفتقر إلى المهنية والموضوعية في دِقة نقل المعلومة والتي قد أُعُدت سلفاً لنشر الاكاذيب وتسويقها بين الاوساط الشعبية لنيل من الرموز الوطنية والدينية والاجتماعية المؤثرة في الساحة، تعمل هذه الابواق جاهدةً بنشر المادة الاعلامية الكاذبة لتضليل الرأي العام.
العراق مقبل على الانتخابات البرلمانية، التي تعتبر مفصلية وجوهرية لاتقل اهمية عن انتخابات 2005 في تحديد شكل الحكومة المقبلة، فالاعلام المأجور و اللاعب الرئيس في هذه اللعبة هو الدينار في شراء الذِمم وتوضيفها بترويج مادة اعلامية هابطة في الانتقاص من هذا وذاك، ومع حدث مؤخراً لاحدى الشخصيات الدينية والسياسية خير دليل على ذلك كفيلة برسم صورة تسودها الضبابية لتمويه المواطن في عزوفه عن الممارسة الديمقراطية “الانتخابات” بأن لم نجني سوى الفقر والمحسوبية وتفشي حالة الفساد في اغلب مفاصل الحكومات المتعاقبة بعد احداث 2003، ولم نجني من هذه الوجوه غير الحرمان، مما سيولد قناعة و ردت فعل لدا المواطن متمثلة بنقمته على العملية السياسية الفتية باكملها، تدعوه الى مقاطعة الانتخابات عن طريق خلط الاوراق على المواطن بعدم تمييزه بين من يحاول ان يقوم العملية السياسية وبناء البلد وبين من ساهم بشكل واخر في جعل العملية السياسية عرجاء، و كذلك تعمل هذه الماكنة بنفس الوقت بالترويج لهذا الكيان على حِساب الاخر، وما تتعرض له بعض الكيانات والشخصيات دليل على بدأ معركة تتصف باللانزيهة ضد الوطنيين والمخلصين، وهذه الحرب لن تنتهي إلا بعد زوال غُبار صناديق الاقتراع.