التدخلات الخارجية التركية والإيرانية ومشكلة الانتخابات البرلمانية!-  مصطفى محمد غريب

عجيب غريب ما يدور في هذا البلد الذي انهكته سياسة المحاصصة والفساد  والمليشيات والإرهاب والتدخلات الخارجية في شؤونه الداخلية حتى الانتخابات التي كان من المؤمل ان تصلح الأمور ولوعلي مراحل أصبحت عبارة عن نقمة فلا الخاسر فيها يرضى ولا الرابح يفكر بأريحية التسامح والتعاون لكي تسير البلاد الى مواقع افضل ويخدم الشعب بأمل اصلاح ما خربته سنين( 35 ) من حكم الدكتاتورية وسنين ما بعد 2003 واستلام السلطة من قبل القوات الامريكية وحلفائها ثم اجراء الانتخابات على أسس دستورية متفقة عليها والاتفاق على انتقال السلطة سلمياً بدون مشاكل  ولا مؤامرات او ضغوط مسلحة داخلية أو خارجية ، لقد خططت البعض من القوى وبخاصة الشيعية إضافة لمليشيات قديمة على تشكيل مليشيات مسلحة لحماية مصالحها الضيقة والبعض منها استحصل دعماً لوجستياً من دول خارجية على راسها ايران وبدأ يلعب لعبته المكشوفة قبل وبعد أي انتخابات نرى هذه القوى الخارجية تتحكم وتتدخل بشكل علني وبوقاحة تعلن انها لمساعدة العراق  والعراقيين مستفيدة بالمليارات من خلال تصدير بضائعها وسلعها، وللعلم المستفيد الأكبر من العراق هما تركيا وايران وكلاهما الأعداء الأصدقاء، يتدخلان بشكل سافر في شؤونه الداخلية وكلاهما يتجاوزان على حقوقه المائية وغير المائية، فهذان البلدان

1ــــ تركيا  تاريخها معروف بالنسبة للعراق وادعاءاتها بالموصل وكركوك يعرفه الداني والقاصي وقواعدها المنتشرة في الأراضي وبخاصة كردستان العراق، وتدخلاتها العسكرية بدو أي رادع وهي تستغل ظروف  ضعف العراق ولا تبالي باي مطالب او اعتراضات وتستهتر بشكل سافر تحرك قطعاتها العسكرية على الاراض العراقية بحجة محاربة حزب ( PKK ) والحقيقة هي تحارب وتصادر أي حقوق للشعب الكردي في تركيا والبالغ حسب التقديرات حوالي بأكثر من( 15.016.000 ويعض المصادر تؤكد وجود 20 ) مليون أي ما نسبتهم اكثر من 25% من مجموع السكان ولا يعترف تركيا بهم كقومية ،ولا تحترم حتى النواب الكرد  في البرلمان التركي  ولمجرد الاعتراض او توجيه النقد والمطالبة بالحقوق تعتقلهم مستهترة بجميع الأعراف والقوانين المتعارف عليها، بينما تجاوز حزب الشعوب الديمقراطي الذي يمثل الكرد عقبة 10% من الأصوات كي يشق طريقه إلى البرلمان، وحصل على 13% (79 ) مقعداً، اما القضية المهمة فهي تخص حياة ملايين العراقيين بعدما حجز حكام انقرة  مياه نهري دجلة والفرات بواسطة السدود التي تجاوزت على الحقوق المائية للبلاد، وفي الوقت نفسه لها مصالحها التجارية التي تعد بمليارات الدولارات وقال منار العبيدي الخبير الاقتصادي في 23 / تموز / 2021 ” بلغ حجم الصادرات التركية الى العراق منذ 2013 لغاية 2020 اكثر من 83 مليار دولار حسب جهاز الإحصاء ” وأشارت المصادر التجارية التركية ان الصادرات التركية الى العراق 5،4% من مجمل الصادرات التركية ” ليحتل العراق المركز الرابع لأكثر الدول استيرادا، وماذا فعلت وتفعل حكومة اردغان؟ فقامت بدلاً من احترام العلاقات التاريخية بتجفيف الأنهار وإلحاق الاضرار بالأراضي الزراعية، أن طائرتها الحربية تجوب أجواء كردستان العراق لتقصف القرى الكردية، مستغلة ضعف الدولة العراقية والتطاحن على السلطة،  كل ذلك بسبب سياسة الحكام العراقيين الطائفية وانتهاج سياسة المحاصصة المضرة

2 ــــ ايران لها باع طويل في فنون التدخل وهي تعتمد على المفهوم الطائفي لإخضاع العديد من التنظيمات والمليشيات الطائفية الشيعية، وفي الوقت نفسه لا تعترف بحقوق القوميات والمكونات غير الفارسية،  ولها طرق أخرى للنهب والسيطرة وارسال المخدرات، حميد حسيني عضو هيئة الإدارة بغرفة التجارة الايرانيةالعراقية المشتركة يعلن أن صادراتنا الى العراق بلغت ” خلال ( 8 ) اشهر اكثر من ( 6.1 مليار دولار) ”  وأدلى ايضاً بتصريح لمراسل وكالة (فارس) ” ان اغلاق الحدود العراقية وانخفاض بيع النفط العراقي وبالتالي انخفاض عوائد العراق من العملة الصعبة ادى الى خفض التبادل التجاري بين البلدين اذ بلغت صادرات ايران للعراق اقل من( 8 ) مليارات دولار” بينما في 3 الجانب الآخر آخر وفي العام الإيراني الذي بدأ   21آذارنحو( 750 ) مليون دولار شهريا كمعدل، كأنه كل هذه الفوائد الربحية لا تكفي ، فاذا ما نقبنا عن الفوائد الجمة التي تجنيها ايران من الاقتصاد العراقي فهي كبيرة وبدون حدود حتى من العملة الصعبة، وفي المقابل العراق لا يجني الا اللهم مئات الإيرانيين الذي يدخلون للزيارة وفيهم من يحمل آفات الموت من الترياق والحشيش والمخدرات وحبوب الهلوسة، إضافة الى قطع المياه  بتحويل اكثر من 45 نهراً او مجمع مائي ومنعوا مياهها الدخول الى الأنهار العراقية، وهم يوجهون مياه المزابل وغيرها لتستقر في الأراضي العراقي وليس هذا فحسب فقد ذكرت وكالة فارس الإيرانية الثلاثاء 25 / 1/ 2022 ” على العراق دفع ديونه لإيران والبالغة مليارات الدولارات عن استيراد الغاز المغذي لمحطات الكهرباء” وهنا نسأل

 ــــــ من هو المسؤول عن شراء محطات كهربائية تعمل على الغاز والعراق ليس لديه الامكانية للغاز المغذي؟

ــــــ اهو مخطط لشراء الغاز من إيران التي قطعته بسبب عدم الدفع فتعطل عمل المحطات وأصبح الكهرباء زائر وقتي يطل لساعة او ساعتين على المواطنين؟

ــــــ منذ سنين والغاز العراقي يُحرق في الهواء بدون رادع ضمير يلتفت حرصاً على خسائر البلاد، وقلنا في وقتها ان النظام الدكتاتوري كان استاذاً في شن الحروب الداخلية والخارجية لكن بعد سقوطه بقى الحال على نفسه، الحرامية كثار وطرق النهب كثيرة والفساد تحت طائلة ” الله واكبر” والله بريء منهم، الغاز العراقي ما زال يحترق هباء الى حد هذه اللحظة بينما يدفع العراق لإيران مليارات الدولارات لاستيراد غازا هو يملكه ويكفي ليس للعراق فحسب بل تصديره الى دول أخرى.

ـــــ ألا نرى الموقف الإيراني غير الودي كما هو حال قطع المياه والانهر والجداول، وعن شراء الغاز الإيراني وقطعه فقد أعلنت وكالة فاس عن ديون إيران على العراق بمليارات الدولارات؟

ـــــ الصادرات الإيرانية فقط عبر منفذ خسروي الحدودي ازداد في القيمة ( 466% ) خلال العام الإيراني الحالي، وصرح لوكالة ارنا الإيرانية الرسمية مهدي عباسيان رئيس مصلحة الجمارك الايرانية في مدينة خسروي ” إن حجم تصدير البضائع عبر هذه الجمارك الرسمية إلى العراق منذ بداية العام الحالي وحتى 20 كانون الثاني (يناير) ارتفع بنسبة ( 466٪ ) من حيث القيمة و ( 279٪ ) من حيث الوزن”  واكد مهدي عباسيان على أنه ” غادرت( 55 ) ألف شاحنة هذا المنفذ الحدودي” ليتصور المرء الفائدة الكبير لاقتصاد ايران والمنافع غير المحدودة له وهو بفضل..  !!

ان الانتخابات البرلمانية في العراق أصبحت مصيبة ما بعدها من مصيبة لكثر ما تعرضت الى تزوير وتجاوز وخداع واستعمال الرشوة وشراء الذمم، ومنذ الانتخابات البرلمانية الأولى والتنظيمات والأحزاب الشيعية استغلت المرجعية في النجف للحصول على أصوات الناخبين  وجميعنا يتذكر الشعارات الطائفية والانتساب للائمة وللمرجعية مما جعل المرجعية  تدرك معنى استغلال اسمها الذي بات محل استهجان وبخاصة ما أصاب  بالبلاد من فساد وخراب وتراجع في اكثرية مرافق الحياة السياسية والاقتصادية  والمعيشية والأمنية واصبح المواطن الشيعي بالذات يشكك بمصداقية المرجعية ولهذا أعلنت المرجعية عن موقفها الرافض لاستغلال اسمها من قبل البعض من التنظيمات والأحزاب الشيعية وأعلنت بكل صراحة رفضها لهذا الاستغلال ، بمجرد ان تنتهي دورة برلمانية  وتبدأ مرحلة التحضير لانتخابات جديدة حتى يبدأ التسابق الانتخابي معتمدين  على قانون الانتخابات غير العادل وبوجود مفوضية غير مستقلة  ومستغلين وسائل الاعلام الحكومية والمال العام  وغيرها من مستلزمات مادية، عند نهاية كل انتخابات يصبح  الصراع على اشده  للحصول او الاتفاق على رئيس وزراء شيعي ثم رحلة تقاسم الوزارات والسلك الدبلوماسي وغيرها من التقسيمات وصولا حتى الى القوات الأمنية والشرطة والمخابرات والامن العام…الخ وهذه الإجراءات تستغرق وقتاً حتى يرضى الجميع بالقسمة !، ولا يهم هذه القوى نسبة التصويت والمشاركة بقدر اهتمامها بالفوز وخير دليل على هذه الحقيقة انتخابات 2021 وحسب الإحصائيات الرسمية وشبه الرسمية شارك في الانتخابات ( 18% ) فقط من مجموع الذين يحق لهم التصويت وهي نسبة متدنية وتدل على فقدان الثقة من قبل اكثرية من يحق لهم التصويت وهذا يعني ان مجلس النواب لا يمثل الأكثرية وهو امر أشار له بيان الحزب الشيوعي العراقي في 29 / 12 / 2021 ” إن مجلس النواب القادم لا يمثل في الواقع، إلاّ 18% من العراقيين، وهو ما يعكس عمق الهوة الفاصلة بين الشعب ومنظومة الحكم”

ـــــ فلماذا هذا الانحسار والرفض ؟ سؤال ليس من المعقول ان لا تفقهه القوى السياسية الدينية التي تريد السلطة باي ثمن وان كان راس الوطن تحت طائلة المقصلة

 ــــ لماذا هذا الامتناع والمقاطعة ؟ انه الثمن الحقيقي لعمليات الانتخابات السابقة التي تتوج فيها التزوير والتجاوز والرشوة والتهديد وسلاح الميليشيات الطائفية التابعة وغيرها وقانون انتخابي غير عادل، وبصرحة فقدان الثقة بهذه المنظومة السياسية التي أنهكت البلاد والعباد بسياسة غير رشيدة

بعد انتخابات تشرين الثاني 2021 وظهور النتائج التي اعترضت عليها المليشيات والبعض من القوى الطائفية الخاسرة التي هددت وتوعدت باتهام المفوضية للانتخابات وغيرها فقد صادقت المحكمة الاتحادية على نتائج الانتخابات بعد ما يقارب شهرين ونيف ونحن نتفق مع البيان ” إن المصادقة على نتائج الانتخابات التشريعية، لا تعني أن العملية الانتخابية كانت سليمة وخالية من الثغرات والنواقص” وهو ما نوهت له القوى الوطنية والديمقراطية مع التأكيد على تجاوز مرحلة المحاصصة والاتفاقيات المشبوهة في تشكيل الحكومة والانتقال الى حكومة تجهد من اجل تنفيذ سياسة وطنية تجاه القضايا المطلبية والملحة في هذه المرحلة ووفق برنامج ملموس يحقق معالجات إيجابية لكل ما خلفته الحكومات السابقة من تراجع وازمات في الأوضاع الاجتماعية والمعيشية ولعل بيان الحزب الشيوعي المذكور أعلاه خير علاج عندما اكد ” معالجات آنية  للأوضاع المعيشية والخدمات العامة والمكافحة الحازمة للفساد ومنظومته وإصلاح الدولة اعتماداً على مبدأ المواطنة وإنهاء ظاهرة السلاح المنفلت وتوجيه سياسة الدولة الاقتصادية ومواردها نحو التنمية وتنويع القاعدة الإنتاجية للاقتصاد الوطني”.

اننا ننتظر بفارغ الصبر ان ينتهي الصراع غير المبدئي حول الرئاسات الثلاثة وتشكيل الحكومة الوطنية التي تقوم على أسس التغيير وان يقوم البرلمان بواجبه التشريعي بهدف خدمة إرادة المطالب الجماهيرية والعمل على تطبيق القانون فيما يخص شهداء الانتفاضة وغيرهم، اننا نطالب بقانون انتخابي عادل ومفوضية عليا للانتخابات مستقلة فعلاً، ان إرادة المواطنين الذي عانوا من الازمات والفساد والاضطهاد ومن التجاوز على الحقوق المنافية للائحة حقوق الانسان يجب ان تراعى والعمل على وضع حداً للتجاوز والفساد والقمع وخلق فرص العمل للعاطلين ومستلزمات الخدمات العامة .