أزمة الدكتوراه!- بقلم فرياد ابراهيم

 

لم أر في حياتي هذا الكم الهائل من الحرف (د. الدال) امام اسماء الكتاب والصحفيين والشعراء والمحللين والباحثين كما ارى هذه الأيام!

لا ادري هل بوسع هذا الحرف الصغير أن توسع من دائرة ثقافة المنتحل؟

كان عندنا في العراق نوعان من الدجاج: دجاج معمل الدواجن (أو دجاج المصلحة) ودجاج الحقل.

كنا نفضل دجاج الحقل طبعا، فهي حقيقية مغذية بينما الأخرى شبه مصطنعة.

قبل ان اقطع مشاهدتي للقنوات الهوائية التجارية الرخصية شاهدت على شاشة أحداها رجلين يتراشقان بالكلمات هذا من شيعته وهذا من عدوه. فأغاثة الذي من شيعته على الذي من عدوه فوكزه أحد من مناصريه ….فطغى وسطا..

ففي اليوم التالي شاهدت اسمه مسبوقا بحرف دال ونقطة (د.) فحطّ من قدره في نفسي بنفسه.

فقد كانت معلوماته موسوعية، وكان يسبح في افلاك شتى متعددة متفرقة، أعجبت به من قبل أن يسرق هذا الحرف المقدس. اما الدكتور أبو الدكتوراه، أي خصمه في النقاش، … (ووا دجاجتاه!) فكان في فلك واحد يسبح، ومن بحر إختصاصه يغرف.

فليعلم اولاء:

أن البطيخ بطيخ وإن صبغته أخضرَ.

وأنّ الرقي رقّي وان لوَنته أصفرَ.

في عرفي ومذهبي لو باض الديك بيضة لذبحته في الحال. ولو أذنت الدجاجة لصلاة الفجر لذبحتها قبل أن أتوضأ. فالديك ديك والدجاج دجاج،

وينبغي أن يظلان هكذا.

أكان اينشتاين حاملا للدكتوراه عندما خلق النظرية النسبية؟!

معظم ما أخذه أينشتاين في نظريته النسبية الخاصة والعامة كان من العالم الإنجليزي إسحاق نيوتن.

أوَكان فكتور هوغو دكتورا؟

هوغو!! وهو الذي لم يأت الزمان بمثله في عالم الرواية والأدب الى زمننا هذا بلغ مرتبة الأنبياء شهرة وعظمة وتبجيلا!

ولم ينتصب (د.) كذلك أمام اسماء: الخوارزمي وابن الهيثم والفارابي وابن سينا والرازي وابن خلدون..

هؤلاء وكل العباقرة من كتاب وعلماء و مخترعين ومكتشفين لم يكونوا دكاترة ولا أصحاب شهادات دنيا أو عليا.

انهم علموا أنفسهم بأنفسهم، أي التعليم الذاتي، جد و كد ونصب وسهرومثابرة وعزم وارادة لا تلين.

فقد كتب هوغو في رسالة له من ضمن ما كتب: “قضيت كل حياتي مشدود الوثاق إلي الكتب.”

ان هذا – أي الأدعاء الكاذب بشهادة الدكتوراه – والله لظاهرة خطيرة بل داء وبيل تُفقد الثقة وتورث الشك، وضحيتها الحقيقية هي الدكتور الحقيقي. فكيف لي أن اميز هذا الغث من ذاك السمين؟!

انها فوق ذلك حالة فقدان ثقة المنتحل بنفسه، إنها حالة ما سميتها يوما في مقالي: اختباء تحت اسماء والقاب لمّاعة.

وما يترتب عن ذلك من أثر سلبي على نفسية المنتحل نفسه دون أن يدري. فعقله الباطن ودون وعي منه سوف يهمس في أذنه ليل نهارليقضّ موضعه ومضجعه : انك سارق، مارق !

قبل فترة شاهدت على احد مواقع الأنترنت الثقافية اسم علم شخص مسبوق بكلمة دكتور، وكانت شابة صغيرة السن جدا !! فطالعت حبا للأستطلاع بعض ما في أرشيفها من نصوص. فكانت في مجملها مخيبة للآمال، رديئة معنى ومضمونا، لا تليق بمستوى تلميذ في مرحلة الأعدادية.

فكتبت تعليقا تحت مقالها: هل انتِ طبيبة أو دكتورة أي حاملة ل (الدكتوراه) وهل هناك طبيب او دكتور بهذا العمر؟

ثم أضفت: ” أن نصوصك كانت ستبدو اجمل في عيني لولا وجود هذا الحرف. وإنه ليس هناك شئ أجمل من البساطة والصراحة. ”

وأنشدت نصفا وأنشأت نصفا:

كن ابن من شئت واكتسب أدبا يغنيك ذلك عن الدّال والنُّقَطِ

” زعلت”، احتجت ثم فارت، آنستُ شرارة نار تنبعث من قمة قلمها المدبّب وهي ترد عليّ عبر الأثير: ” أن هذا الأمرلا يخصّك ولا يعنيك!”

ومنذ ذلك اليوم وكلما أجد اسم أي شخص مسبوقا ب (الدال + نقطة) في أي موضع كان، أتساءَل وأسائل من معي ومن حولي:

” أيا تُرى، هل هذا من نوع دجاج الحقل ام من نوع دجاج المصلحة؟”

فرياد

**********

*مع إحترامي واعتذاري للدكاترة الدكاترة!

7 Comments on “أزمة الدكتوراه!- بقلم فرياد ابراهيم”

  1. عزيزي ألأخ فرهاد،،،؟

    ١: معظم أصحاب حرف الدال اليوم شهادتهم مزيفة خاصة بعد شيوع أموال الحرام ؟

    ٢: سئل دكتور ما الفرق بينك وبين الحمار فقال فقط حرف الدال ، سلام ؟

  2. كاك فرياد ابراهيم المحترم
    تحية
    احسنت كالمعتاد
    هذه الظاهرة الاجتماعية للتباهي بالشهادات الأكاديمية استعراض كعضلات الرياضةالبدنية وأشبه بالرتب العسكرية من النجمات على الكتف والنياشين والنوطات والمداليات على الصدر. والدكتوراه بمثابة السيفين المتقاطعين لرتبة الركن العسكرية. في زمن الطاغية صدام حيث حملة محو الأمية، كانت نسبة حاملي شهادة الدكتوراه أعلى نسبة في العالَم آنذاك. بمحونا الأمية كليا لربما سوف يضاهي عددهم نفوس الشعب العراقي المغبون
    للاطلاع:
    “(اصحاب الماجستير والدكتوراه الموظفين..افسد طبقة ادارية)..(لا يداومون الا 125 يوم) وهم (عالة على الخزينة ولا لهم اي قيمة علمية) – سجاد تقي كاظم”.
    https://sotkurdistan.net/2022/05/17/%d8%a7%d8%b5%d8%ad%d8%a7%d8%a8-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%a7%d8%ac%d8%b3%d8%aa%d9%8a%d8%b1-%d9%88%d8%a7%d9%84%d8%af%d9%83%d8%aa%d9%88%d8%b1%d8%a7%d9%87-%d8%a7%d9%84%d9%85%d9%88%d8%b8%d9%81%d9%8a%d9%86
    محمد توفيق علي

  3. هذه اليوم هي ازمة متفشية وخاصة في المجتمعات التى يكثر فيها الجامعات الخاصة وخاصة الجامعات التركية الخاصة في الدول الاخرى حيث اصبح التعليم اليوم كاي سلعة تباع وتشترى ومصدر للغنى الفاحش.
    وهذه الجامعات الخاصة اصبحت وبالا على الشعوب والمجتمعات حيث افرخت الالاف من الدكاترا المزيفين.
    وتطرقك لهذه الظاهرة الافة وتسلط الضوء عليها شيء مهم لكي يتم فضح هذه الظاهرة والقائمين عليها لعلى وعسى ان تحد من هذه الظاهرة الذي يعاني منها المثقف الحقيقي ويعاني منها المجتمع.
    لذى اقترح من وحي مقالتك بان شهادة الدكتورا يجب ان تمنح من قبل لجنة خاصة مختارة من خيرة الاستاذة والاكاديمين الذين تحددهم وزارة التربية والتعليم وهي التى تكون الجهة الوحيدة في كل دولة تمنحها لمن يستحقها بجدارة.
    اشد على يديك واستمر بفضح هكذا ظواهر سلبية متفشية في مجتمعنا وفي المجتمعات الاخرى.

  4. الأخ والزميل سرسبيندار السندى به ريز
    اشكرك اولا على تعليقك الذي يعكس المستوى المنحط الذي وصل اليه حامل الشهادة والشهادة معا.
    و الطريفة التي شبهت بها المنتحل بالحمار في الختام ذكرتني بتعليق احد القراء على نفس المقال المنشور في موقع الحوار المتمدن :
    (أخي فرياد..ليس من الظروري ان حرف الدال رمز للدكتوراه , فقد يرمز الى دجال او دماغ سز او دبنك او دودكي او داعر .تحياتي..)
    مع اطيب التحايا
    فرياد

  5. والدكتوراه بمثابة السيفين المتقاطعين لرتبة الركن العسكرية. في زمن الطاغية صدام حيث حملة محو الأمية،

    الاخ والمتابع الدائم والموجود دائما في ضمائرنا ونفوسنا ، العزيز والغالي محمد توفيق علي المحترم
    وتستشهد بقول القائل( “(اصحاب الماجستير والدكتوراه الموظفين..افسد طبقة ادارية)..(لا يداومون الا 125 يوم) وهم (عالة على الخزينة ولا لهم اي قيمة علمية) – سجاد تقي كاظم”…..اعتبرها اصدق وادق تعبير عن حجم وضخامة الكارثة
    ان الشهادات تباع وتشترى اليوم ومنذ عقد من الزمن تتفاقم يوميا..فما السبيل الى وضع حد لهذه الظاهرة الفاسدة التي تنخر جسد المجتمع نخرا وتدمره تدميرا..حتى صارت شهادة الدكتوراه كما ذكرت انت في مداخلتك القيمة والثمينة ومقارنتك الواقعية بمستوى شهادة محو الامية …طريفة محزنة والله!!! المضحك والمبكي..
    والضرر يعود الى صاحب الدكتوراه نفسه! والذين يسعون في الحصول على الدكتوراه—شخصيا لا اشتريها بفلس! فكيف لي ان اسعى في اقتنائها؟!!

    في خوالجي الكثير الغزير لكنني ضجت ومللت وسئمت…المهم فضحتهم وليعلموا انهم يقترفون اعظم جريمة بحق المواطن..ولكن ليسوا هم السبب الوحيد، السبب دفين بل اجتماعي (وساطة) بين الطالب والمشرف على تقييم المادة، او المشرفون، الوساطة- والرشوة المادية والمعنوية- هي اصل الفساد بل سرطان الفساد المهلك!
    مع وافر تحياتي واحترامي
    ودمت عزيزا سالما معافى
    اخوك
    فرياد

  6. السيد مصطفى باكو المحترم
    تحية عطرة وبعد
    تشرفت بوجودك معنا في النقاش
    اما بعد..
    فاعتقد ان ردي على الاخ العزيز محمد توفيق رد غير مباشر على تعليقك الواقعي وتفسير الظاهرة المتفشية المقيتة
    فتجد هناك التفاصيل وبودي لو علمت مدى تفاعلك مع النص وقبولك
    وتقبل وافر تقديري وشكري
    واتمناك بخير وعافية
    بوركت ودمت عزيزا منعما مكرما
    فرياد

  7. الاخ فرياد المحترم…… قبل أكثر من عشرين سنه صادفت شخصين كانو معا وبعد السلام والتعارف قال الولد لدي شهاده دكتورا في الإعلام من جامعه بغداد وبعد المناقشه والحوار تبين لي مستواه العلمي والادبي مستوى مدرسه متوسطة وللاسف ليس لدي المام أو معرفه بالإعلام والا لسالته بعض الاسئله عن الإعلام هذا من جهه .. وقالت البنت التي كانت صديقته لدي دكتوراه في الكيمياء،،فسالتها باي حقل من حقول الكيمياء فقالت بالكيمياء بالكيمياء واصبحت أكثر فضولي وأخرجت قلما وورقه ودونت الجمع بين مادتين كيمياويتين كالاتي c6h12o6+ hcl فقلت لها ماذا سيكون النتيجه فقالت لا يوجد هكذا ماده في الكيمياء..واكثر الناس الذين نالوا هذه الشهاده هم من الملالي منهم من كان رسالته عن الحيض ومنهم عن البول واقفا أو عن الهواء الخارج من الخلف…..ووو..تحياتي

Comments are closed.