إن موقف المعارضيين السوريين وعلى رأسهم العرب السنة، من تهديد النظام التركي الإجرامي بغزو مدينة “أرپاد – تل رفعت” ومدينة “مبو گ – منبج” الكرديتين، هو أسوأ بكثير من موقف النظام الأسدي من التهديدات التركية، سواءً أكان ذلك إعلاميآ أو ماديآ على الأرض. المعارضة سخرت إعلامها لدعم الموقف التركي العدواني، وشيطنة الجانب الكردي المعتدى عليه، وفي الميدان جهزة عشرات الألاف من المقاتلين ووضعتهم تحت تصرف اردوغان وجيشه الإجرامي.
أما القسم الثاني من المعارض إلتزمت صمت القبول حيال التهديدات التركية وليس هذه المرة فقط بل في المرات الماضية أيضآ.
رغم نفاق وكذب النظام الأسدي بأنه على إستعداد الوقوف في وجه الجيش التركي، إلا أن موقفه على الأقل شكلآ كان أفضل إذا ما قارنه مع موقف المعارضة الخسيس. سواءً في الإعلام أو إرساله بعض الجنود إلى محيط المدينتين (أرپاد و مبوگ)، وموقف جماعة المكنسة (الأنكسة) هو متماهي كليآ مع موقف الدولة التركية والإئتلاف الإسطنبولي.
كان من المفروض والطبيعي أن يكون العكس، أي أن تقف المعارضة السورية وبقوة إلى جانب الشعب الكردي في غرب كردستان ضد التهديدات التركية معنويآ وماديآ، وتدين الموقف التركي علنآ وتطالب الدول العربية بردع تركيا، والإنفتاح على الجانب الكردي المتمثل بالإدارة الذاتية وقوات (قسد) وتتحالف معها ويشكلون قوة مشتركة اللوقوف في وجه الأتراك والنظام السوري معآ. يمكننا تقسيم المعارضين السوريين إلى ثلاثة مجموعات رئيسية هي:
المجموعة الأولى:
هي تلك المجموعة المتحالفة مع النظام التركي الإجرامي، الذي يسعى إلى إحياء أمجاد الإمبراطورية العثمانية الشريرة، وهذه المجموعة تضم بشكل أساسي الإئتلاف الوطني الإسطنبولي، الذي يشكل الإخوان المسلمين عموده الفقري، وعدد من المسيحيين والقرطة التركمانية الحقيرة وبعض أبناء العشائر من أبناء البادية، وبعض رجال الأعمال مثل صاحب قناة “أورينت” وبعض أقطاب المعارض التقليدية مثل كمال اللبواني والجماعات الإسلامية الإرهابية كداعش وتنظيم القاعدة (جبهة النصرة). وأخيرآ ما يسمى بالمجلس الوطني الكردي العميل، والذي أسميه “جماعة المكنسة” وهم أسوأ وأخطر من الباقين وأنا أعني ما أقول.
المجموعة الثانية:
هي تلك المجموعة التي لا تعترف بوجود الشعب الكردي ووجود أرض كردستانية في الكيان المصطنع الذي يسمونه (سوريا)، وتقول هناك مواطنين كرد أتوا من تركيا!!! وهؤلاء كثر ويتمثلون في منصة باريس، القاهرة، الرياض، الدوحة، الإمارات وواشنطون، وتضم حتى منصة موسكو التي يقودها قدري جميل، وكل هؤلاء يرفضون الفيدرالية والإعتراف الدستوري بالشعب الكردي في غرب كردستان. وأبرز أقطاب هذه المجموعة هو “برهان غليون” وهو عنصري مقيت ولا يختلف في موقفه من القضية الكردية بشيئ عن العنصريين البعثيين.
المجموعة الثالثة:
هم بعض الأفراد المستقلين، ولكن ليس لهم نفوذ وقوة على الأرض، ويأتي في مقدمة هؤلاء السيد رامي عبدالرحمن رئيس هيئة حقوق الإنسان السورية.
وقبل الدخول في أسباب وخلفيات هذه المواقف المخزية والمعادية للشعب الكردي، سواء بالدعم المباشر للموقف التركي أو إلتزام الصمت تجاهه، لا بد من طرح التساؤل التالي:
هل سمعتم، أحدآ من أقطاب المعارضة السورية، أو من المثقفين السوريين الموالين أو المعارضين، أو أحد الفنانين الموالين أو المعارضين، أو أحد النشطاء السياسيين السوريين، إتخذ موقفآ وطنيآ وأعلن
عن رفضه للتهديدات التركية، ووقوفه إلى جانب الشعب الكردي وقوات سوريا الديمقراطية؟؟؟؟؟؟؟؟
الجواب الفوري لا.
السؤال هنا:
ما السبب الذي يكمن خلف هذا الموقف المخزي والمعادي للشعب الكرد من قبل المعارضين السوريين بمختلف طرابيشهم؟
ليس هناك إجابة واحدة على هذا التساؤل، فلكل مجموعة من هؤلاء أسبابهم الخاصة وإليكم أسباب المجموعتين الأولى والثانية.
أسباب المجموعة الأولى:
هم الإئتلاف الإسطنبولي والمجلس الكردي العميل ومعهم كل المجموعات الإرهابية المتحالفة مع تركيا اردوغان، مثل داعش والقاعدة وجماعة أبو عمشة وتنظيم الإخوان المسلمين. هؤلاء كانوا قد منوا أنفسهم بالوصول إلى كرسي الحكم، وتقلوا على مدى العشرة السنوات الماضية كل أنواع الدعم: سواءً المالي، أو العسكري، الإعلامي، السياسي والإستخباراتي. وأكثرية قيادتهم يقيمون في تركيا ويتلقون رواتب من الإستخبارات التركية ومنحوا جوازات سفر للتنقل.
السبب الأول، الذي دفعهم للوقوف بجانب الدولة التركية ونظام أردوغان ومعادات الشعب الكردي داخل سوريا وتركيا أيضآ، هي مصالحهم الذاتية.
السبب الثاني، هي الذهنية العنصرية والدينية المعادية للشعب الكردي. فهؤلاء الأوباش لا يقرون بوجود الشعب الكردي، وفي العمق موقفهم لا يختلف عن موقف البعثيين العنصريين والقومجيين العرب، وجميعهم خريجي مدرسة البعث العفلقي، ويقفون ضد حصول الشعب الكردي على حقوقه القومية والدستورية المشروعة، ويقفون كتف بكتف مع الجيش التركي ويحاربون الشعب الكردي، وتركوا النظام الأسدي يسرح ويمرح على راحته، وتفرغوا هم والأتراك لمحاربة الكرد كما رأينا ذلك في غزو منطقة أفرين وغريه سبي وسريه كانية.
السبب الثالث، مرجعه ديني ويعود إلى بدايات الإسلام الإجرامي، حيث أن السنة والشيعة على حدٍ سواء يعتبرون الكرد أولاد الجن، وهذا مدون في إمهات الكتب السنية والشيعية، ويدرسون ذلك للطلاب للطلبة في المدارس الدينية والحوزات الشيعية، وإن كانوا لا يخروجنها للعلن وكتبت عن ذلك مقالة طويلة ومدعمة بالوثائق والمقالة منشورة ويمكن الرجوع إليها.
السبب الرابع، هو تضارب الرؤى بين الشعب الكردي وهؤلاء الأوغاد، حيث أن هؤلاء يسعون لبناء دولة دينية إسلامية – قومية خاصة بالعرب ومركزية. وفي المقابل الكرد يسعون إلى بناء دولة فيدرالية – مدنية – ثنائية القومية وثنائية اللغة وبنظام برلماني.
السبب الخامس، هو رفض هؤلاء العنصريين تقسيم كعكة الحكم مع الشعب الكردي، ورغبتهم الشديدة الإستئثار بالحكم، وبالتالي إقصاء الشعب الكردي من المعادلة السياسية والإقتصادية والأمنية والعسكرية.
أسباب المجموعة الثانية:
هذه المجوعة هي خليط من المثقفين والفنانين وأساتذة الجامعات ومن مشارب مختلفة بعثيين، شيوعيين، ناصريين، قوميين سوريين، طائفيين علويين وسنة وغير ذلك وينطلقون في معاداتهم للشعب الكردي من خلفيات فكرية بعضها عنصرية بغيضة، وبعضها شمولية وبعضها طائفية.
لهذا تراهم يلتزمون الصمت تجاه حقوق الشعب الكردي ليس الأن فقط، وإنما كان ذلك ديدنهم على مدى المئة العام الماضية. من هنا صمتهم حيال التهديدات التركية ضد الشعب الكردي، وهم معادون للكرد في صميم فكرهم وقناعاتهم، ويرفضون الإعتراف بوجود الشعب الكردي وكردستان بالمطلق. وهؤلاء برأي أخطر من المجموعة الأولى وأخبث بكثير ويؤثرون في المجتمع العربي المحلي ويوجهونه سياسيآ، وإنظروا الفئات السورية الخمسة من خلال أسماء مثقفيهم وموقفهم المعادي والسلبي من القضية الكردية في غرب كردستان:
1- أدونيس، لؤي حسين، عارف دليلة، جمال سليمان، عيسى إبراهيم، علي فرزات (علويين).
2- دريد لحام، عباس النوري (شيعة).
3- برهان غليون، أيمن زيدان، فراس سواح، زهير سالم، معاذ الخطيب، سهير الأتاسي، كمال لبواني، رياض نعسان أغا، رياض حجاب، ياسر العظمة، فراس طلاس، أحمد الجربا (سنة).
4- ميشيل كيلو (توفى قبل أشهر)، جورج صبرا (مسيحيين).
5- فيصل القاسم، ماهر شرف الدين، يحيى العريضي (دروز).
كل هؤلاء ومن لف لفهم، يلتزمون الصمت تجاه التهديدات التركية ضد الشعب الكردي، ويقفون ضد حصول الشعب الكردي على حقوقه القومية والدستورية المشروعة، ولا يقرون بوجود الشعب الكردي في سوريا وأرض كردستانية، ومواقف كل هؤلاء معلنة وليست سرآ، وهذا هو سبب إلتزامهم ذاك الصمت المطبق والمخزي.
وكلمة أخيرة بخصوص موقف النظام الأسدي المجرم، هو يكذب عندما يقول أنه ضد التهديدات التركية، حيث إتفق هو والروس والفرس مع الأتراك، للضغط على الشعب الكردي بهدف السيطرة على منطقة الجزيره أي مصدر النفط، الغاز، الماء، الحبوب، اللحوم، السكر، القطن والكهرباء. والنظام بحاجة ماسة لكل ذلك بسبب إفلاسه، والروس يريدون إستعادة الأموال التي إستثمروها في النظام، من خلال وضع يدهم على النفط الكردي وبيعه ونهب دخله. أما التركي والفارسي هدفهم الأول هو منع قيام كيان كردي، في شمال سوريا، ويشاركهم هذا الهدف كل من النظامين الأسدي والبوتيني الشرير.
ولهذا لا يمكن الثقة بالنظام الأسدي والروسي والفارسي على الإطلاق، وسيفعلون المستحيل لسحب البساط من تحت أقدام الكرد ،بحجة أنهم يريدون حمايتهم من العدوان التركي. وأنا لست مع السماح بدخول قوات هذين الشريرين بشار وبوتين إلى المنطقة الكردية بأسلحتهم الثقيلة.
في الختام، على جميع أبناء الشعب الكردي الوطنيين منهم والشرفاء، أن يدركوا جيدآ أن العرب بمختلف طرابيشهم لايعترفون بوجود الشعب الكردي ويرفضون منحه حقوقه القومية والدستورية والسياسية، ويقفون ضد الفيدرالية الكردية. مع العلم أن الهلويين (العلويين) والدروز هم في الأصل كرد وهم فرق منشقة عن الديانة اليزدانية الكردية حالهم حال (الكرد الإيزيديين، الكاكائئين، اليارسانيين، الشبك). فلا تثقوا بأي جهة منهم. الذي يحميكم هو وحدتكم وخلق عوامل القوة على الأرض إذا كنتم فعلآ تريدون الحصول على حقوقكم القومية وتعيشون بكرامة كبقية أحرار العالم. هذا لا يمنع التعاون والتعامل مع هذه الجهة أو تلك حسب الظروف، كوننا لا نعيش في كوكب منفصل، لكن علينا أن لا نثق بهم على الإطلاق.
18 – 07 – 2022