Dîrok û nasnameya bajarê Gir Birakê
دراسة تاريخية – الحلقة الثانية
بعد أفول نجم الدولة الأكادية، عادة مدينة “گر براك” تلعب دورآ هامآ كمركز مهمآ لسكانها الخوريين ومن بعدهم أبنائهم من الميتانيين ومن بعدهم الهيتيين، وبدليل قيامهم بإعادة بناء قصر الملك الأكادي (نارم – سن) بعد عام (200) قبل الميلاد، وفي تلك الفترة إقتصر الإستيطان على الجزء الشمالي من المدينة فقط، وعرفت “گر براك” حينذاك كمركز ديني وموطن الإلهة “ناگار” وهي إلهة خورية مهمة وكانت مسؤولة عن مدينة “گر براك”، ولهذا إعتقد البعض من الكتاب أن إسم المدينة الأصلي هو “ناگار”، نسبة إلى إسم هذه الإلهة الخورية العظيمة، وأنا شخصيآ أختلف مع هذا الرأي، وسوف نأتي على ذلك بالتفصيل، في محور خاص عندما نناقش فيه معنى إسم المدينة وأصله.
ومن بين المكتشفات الأثرية الأخرى التي عثر عليها الباحثين في مدينة “گر براك” والتي يعود تاريخها إلى (4000) الألف الرابع قبل الميلاد، طبعات لأختام أسطوانية من الطين من عصر مدينة “أوروك”، السومرية أي نحو العام (3600) قبل الميلاد، وهذا ما يشير إلى أقدم استعمال للأختام الأسطوانية في التاريخ، ولا يعاصره سوى الدليل المكتشف من موقع “شرف آباد” في جنوب كرستان – منطقة إيلام الحالية. وفي عام (1978) تم إكتشاف لوح طيني منقوش بعلامات رقمية يعود تاريخه إلى دور أوروك الأخير، وذلك في القطاع المرمز له بحرفي: (ج – ها). وقد عد هذا اللوح الدليل الأول من شمالي وادي الرافدين على الممارسات الحسابية التي مهدت لنظام الكتابة الأول.
وفي قصر الملك “نرام- سن”، الذي عثر عليه في وسط القسم الجنوبي من التلة، وجد العلماء في هذا القصر” آجر مختوم باسم هذا الملك”. وعلى الرغم من أن النقش المدون على الآجر يصف المبنى بأنه (قصر)، لكن ملامحه المعمارية تدل على أنه كان حصنآ أو مستودعآ أكثر من كونه قصراً كما ذكرنا سابقآ. أبعاد بناء القصر (95×90م)، ويبلغ سماكة جدرانه (9) أمتار. وللبناية بوابة واحدة في الحائط الغربي ويقوم على جانبيها برجان، وتؤدي إلى الباحة الرئيسية للمبنى عبر غرفة لها مدخل صغير.
ويوجد في القسم الشمالي من البناية ثلاث باحات أصغر، ومحاطة بعدد من الغرف والصالات. وقدر الباحثون الذين نقبوا في الموقع إرتفاع البناية بحوالي (15) خمسة عشر مترآ. وقد كشفت التنقيبات عن بقايا مجمع ضخم في الزاوية الجنوبية – الشرقية من المدينة، وتحديدآ إلى الغرب من القصر الأكادي في القطاع (س – س).
يضم المجمع ساحة واسعة محاطة بصف من الغرف، وإلى الشمال منها توجد ساحة أصغر تؤدي إلى معبد من طراز معابد شمالي وادي الرافدين. وعثر في هذا المجمع على دمية حجرية تمثل ثوراً رابضاً في الزاوية الشمالية الشرقية من المدينة له رأس بشري. كما وعثر العلماء على بقايا لحيوانات رباعية
الأرجل مثل الحمير في بقايا هذا المجمع، لهذا فسر العلماء على أنه كان خاناً أو محطة للقوافل، وفي المقابل إكتشف العلماء في القطاع (ها – س3) بالزاوية الشمالية الغربية من المدينة، غرفتين عثر تحت أرضية إحدهما على جرة إحتوت على سبائك وحلقات من الفضة ودمى من اللازورد والذهب للطائر الأسطوري “أنزو”، مشابهة تمامآ للدمية التي عثر عليها العلماء في (كنز أور) في مدينة “ميرا”. ومن ضمن محتويات هذه الجرة لوح ذهبي صور عليه أسدان يقفان بشكل متقاطع. ومن الضروري الإشارة إلى أن من بين المكتشفات من طبقات الألف الثالث قبل الميلاد في موقع “گر براك” قطعة من زجاج خام بلون أزرق مائل إلى البياض، وهذا يسبق بكثير التاريخ المعروف لصناعة الزجاج في منتصف الألف الثاني قبل الميلاد. وبخصوص الرقم المسمارية المستخرجة من أبنية “گر براك” إنها تتميز بمقاسات كبيرة، وتحمل نصوصاً إدارية خاصة بتوزيع الأرزاق، من الفضة مع قوائم بالملابس والماشية.
ظن العالم “ماكس مالوان” أثناء تنقيباته الأولى أن الحياة البشرية في مدينة “گر براك” إنقطعت في بداية الألف الثاني، لكن التنقيبات اللاحقة أكدت عكس ذلك، وتبين أن تواصل الحياة البشرية فيها خلال العصر البرونزي الوسيط (3300 – 1200) قبل الميلاد. كما كشفت التنقيبات في الجهة الشمالية الشرقية من المدينة داخل القطاع (ت – و)، عن بناية منتظمة مع بقايا تحصينات تعود إلى هذا العصر البرونزي، ويرجح أنها من عهد الملك الآشوري “شمشي- أدد الأول” الذي عاش بين الأعوام (1813-1781). وضمت هذه البناية غرفاً مربعة الشكل تقريباً، مشيدة بلبن متميز أحمر الطينة، وقد عثر فيها على كسر من فخار الخابور المطلي، يعود تاريخه إلى (1800) قبل الميلاد. وتبين للعلماء من خلال سبر عميق حفر في الجهة الشمالية الشرقية من تلة المدينة بالمحس، ضمن التنقيب المرموز له بحرفي (ها – ها) وجود طبقة أثرية يعود تاريخها إلى (1700) القرن السابع عشر قبل الميلاد.
وفي مطلع القرن (1650) السادس عشر قبل الميلاد، ظهرت دولة جديدة في المنطقة هي “مملكة ميتان” الكردية، التي كانت قاعدتها الأساسية في مثلث الخابور وقد إمتدت سيطرتها من جبال زاگروس شرقآ وحتى البحر المتوسط غربآ. وخلال العصر الميتاني (1650-1300) أصبحت “گر براك” مدينة رئيسية من المدن الميتانية، وتركز السكن فيها بشكل رئيسي في الجهة الشمالية من الموقع المدينة، حيث كشف فيها عن غرف إستقبال كبيرة ومناطق صناعية، والدليل على ذلك هو عثور الباحثين على كميات كبيرة من الأواني الزجاجية والعاج والنحاس والحديد والمعادن الثمينة فيها. ومع حلول القرن (1300) الثالث عشر قبل الميلاد، قام الأشوريون الهمج بغزو المدينة مرتين ودمروها عن بكرة أبيها. ولاحقآ جرى بناء مستوطنات في السهل المنبسط إلى الشرق من التلة الرئيسية التي بنيت فوقها مدينة “گر براك” مع بعض البيوت على قمة التلة.
لقد إكتشاف في موقع المدينة الأثرية، قصر ومعبد يعودان إلى عصر مملكة “ميتان” في قمة التلة الكائنة في الجهة الشمالية الغربية في القطاع المرموز له بحرفي (ها – ها)، رغم أنه أجزاء كبيرة من جدران القصر مفقودة، لكن العلماء حددوا شكل مخططه، وهو قريب من شكل المربع وأبعاده (45×43) متر. وضم القصر باحة واسعة رصفت أرضيتها بالآجر، وإلى الشمال والجنوب منها وجدت مجموعة غرف أصغر مرتبطة ببعضها البعض. وإلى جانب ذلك كشف عن سلم في الجناح الشرقي، وآخر في الجناح الغربي، وهو ما يدل على وجود طابق ثانٍ يرجح أنه كان مخصصاً للإقامة.
ومن المواد المكتشفة الأخرى في بناية هذا القصر أوانٍ زجاجية، خرز، جرار من المرمر، هذا فضلاً عن أجزاء أثاث من العاج والخشب. وعثر أيضآ في المكان على تمثال صغير من حجر الكلس لرجل جالس على كرسي، وعلى الرغم من بساطة هذا التمثال وتهشم وجهه، فإنه يعد مثالاً نادراً للنحت المجسم في مملكة ميتان نفسها. ومدينة “گر براك” في هذا العصر، كانت تعتبر واحدة من المدن الخورية – الميتانية الأوائل التي قدمت أولى القطع الفخارية المزججة. ومن الرقم الطينية المكتشفة من مدينة “گر براك” في عهد الدولة الميتانية، هي تلك التي تحمل نصوصاً مسمارية تتضمن بعضها قضايا شرعية، عرضت على بعض ملوك ميتان مثل:”أرتاشومارا، توشراتا”، وقد حملت الرقم طبعات الختم الأسطواني الخاص بالسلالة الملكية الميتانية، ويظهر فيها إسم مؤسس السلالة “ساوستارا”. هذا القصر الميتاني في المدينة لقد للتخريب وذلك في القرن (1300) الثالث عشر قبل الميلاد.
المعبد الذي يعود إلى الفترة الميتانية وهو ثاني معابد المدينة، شيد قرب الركن الجنوبي الغربي للقصر، ومدخله موجود في الحائط الجنوبي. ويتألف هذا المعبد من باحة تؤدي إلى غرفة عبادة متقدمة، تؤدي بدورها إلى غرفة العبادة الموجودة في جانبها الغربي، وهذا المخطط مشابه لمخططات معابد العصور السابقة أي عصر الخوريين مؤسسي المدينة في “گر براك”، والنماذج الرافدية الشمالية والجنوبية معآ، ومأخوذة عن النموذج الخوري – اليزداني في غرب وشمال كردستان.
++++++++++++++++
نارام سن: (2209 – 2155)
يعتبر “نارام سن” من أبرز أفراد الأسر الأكادية، وكان مقره في مدينة “گر براك” بمنطقة الخابور غربي نهر الجقجق، شن “نارام سن” معارك عديدة بهدف السيطرة على الممالك والمدن الأخرى لأسباب سياسية وإقتصادية وحتى عسكرية. وكان تل براك قوي التحصين.
++++++++
نينوى أو نينڤا:
إن إسم مدينة “نينوى أو نينڤا”، مأخوذة من إسم الإلهة السومرية “إنانا أو أنينا”، وإسم “إنانا” ذاته مشتق من كلمة أو عبارة (نين-أن-أك)، والتي تعني سيدة السماء. وكانت مسؤولة وفق عقائد السومريين عن العديد من الشؤون: العدالة، الحب،
الجمال، الجنس، الخصوبة إضافة للحرب والسلم، أي أنها كانت إلهة ذات سلطات واسعة، ولهذا إحتلت مكانة مرموقة في المجتمع السومري. وهي شقيقة الإله “أوتو” التوأم، الذي عرف باسم (شمش). وعندما إحتل الأشوريين الدمويين بلاد “سومر”، عبدوها أيضآ هم والبابليين.
رابعآ، تاريخ مدينة گر براك:
Dîroka bajarê Gira Birakê
مدينة “گر براك” تنتمي إلى الجيل الأول من المدن الخورية التي شيدت بمنطقة الجزيره الفراتية بقسميها العلوي والسفلي، وهي مهد الإمة الخورية – الكردية مع جبال زاگروس وطوروس. ويعود تاريخ المدينة إلى (5000) الألف الخامس قبل الميلاد وبعض المؤرخين يعيدون تاريحها إلى (6000) الألف السادس قبل الميلاد، وأنا لا أستبعد ذلك. وعاصرت حضارة مدينة “گوزانه” منبت الإمة الخورية سلف الإمة الكردية الحالية.
للأسف الشديد المحتلين الأكديين والأشوريين الهمج أقاموا فوق المدينة الخورية مدنهم، ولهذا لم تصل عمليات التنقيب والحفريات في موقع المدينة، إلى الطبقة الأولى من المدينة بسبب عمقها. وبعد أقام الكرد دولة بإسم المملكة الميتانية في المنطقة والتي إمتدت حتى البحر المتوسط إستردوا مدينة أبائهم الخوريين، وبنوا طبقة أخرى فوق الطبقات التي بناها الأكديين والأشوريين، ولهذا تجد مدينة “گر براك”، تتألف من خمسة طبقات فوقها بعضها البعد، الأولى تعود للخوريين والثانية تعود للسومرين الكرد، وبذلك الطبقتين الأولى والثانية تاهتا تحت طبقات حضارات الألف (4000-3000) الرابع والثالث، أي طبقات الإحتلال الأكدي والأشوري، وتعذر على العلماء الوصول إلى هاتين الطبقتين، ولم ينقبوا فيهما إلا بشكل بسيط، وإن دل هذا على شيء، فإنما يدل على أهمية الموقع وقدمه وعراقته. والمطلوب من الطرف الكردي، تشكيل فريق بحثي من علماء الأثار إن وجدوا ويرافقهم خبراء في اللغات القديمة، لإتمام البحث والتنقيب وإعادة ترجمة النصوص، وعلى العلماء الكرد دراسات تلك الأثار المكتشفة دراسة جديدة مستقلة أو لنقل منفصلة عن دراسات الفرق السابقة التي نقبت في الموقع. ويمكننا تقسيم تاريخ مدينة “گر براك” إلى خمسة مراحل أساسية وهي:
1- المرحلة الخورية التأسيسية (5000 ق.م):
الخوريين أسلاف الشعب الكردي والسومريين والإيلاميين والكاشيين والهكسوس والميتانيين والهيتيين والميديين، هم أول شعب من قام ببناء أولى المدن في تاريخ البشرية على الإطلاق، وجرى بناء هذه المدن في غرب كردستان وتحديدآ في منطقة الجزيره الفراتية الكردية العريقة. ومدينة “گر براك” تنتمي الرعيل الأول من هذه المدن الخورية كمدينة مثل:
“مدينة گوزانه، هموكاران، أوركيش”. وبحسب الأثار المكتشفة في موقع مدينة “گر براك”، أن تاريخ بنائها يعود للألف الخامس قبل الميلاد، وفي هذه الحقبة الزمنية لم يكن يعيش في هذه المنطقة سوى الشعب الخوري. طبعآ الخوريين كانوا يعيشون في المنطقة منذ زمن أبعد بكثير، وذلك قبل بناء أولى المدن الحضرية بعشرات ألاف السنين لا بل مئات ألاف السنين. والمدن جاءت نتيجة تطور الوعي الإنساني وإكتشاف الزراعة مما دفع بالإنسان للإستقرار في الأرض والعمل فيها، وزيادة في عدد السكان بسبب توفر الطعام، ومن هنا ظهرت التجمعات البشرية الكبيرة التي أفضت إلى بناء المدن الأولى في التاريخ البشري، وتطويرها بإستمرار والدفاع عنها في حال تعرضها للغزو من قبل ممالك أخرى، وظهور الملكية الخاصة وفكرة الإنتاج والبيع والتبادل التجاري.
وظهور المدينة، جلب معها أنظمة إجتماعية وفرز المجتمع إلى طبقات متعددة، وظهور قيم معينة بين المجتمع والقوانين التي تضبط حياة المجتمع المدني وأفراده. أشكال المدن الخورية ونمط بنائها هو ذاته تقريبآ في كل مرحلة زمنية، وجميعها كانت تقام فوق تلال عالية، بهدف سهولة حمايتها من أي عدوان. وجميع هذه المدن بنيت على ضفاف نهري الفرات والخابور وتگريس وجقجق، حيث وجود الأراضي الزراعية الخصبة، وتوفر الغطاء النباتي لتربية المواشي والحيونات الأخرى. وإستمرت هذه المدينة قرابة (1000) الألف عام، حتى بسطت مملكة “أوروك” السومرية سيطرتها عليها، وبنى السومرين الطبقة الثانية من المدينة فوق الطبقة الأولى التي بناها أبائهم الخوريين، وكان ذلك في مطلع (4000) الألف الرابع قبل الميلاد.
وشهدت هذه المدينة ومدن “گوزانه، هموكاران، أوركيش” كتابات تصويرية أقدم بكثير من عصر مدينة “أور، أوروك” السومريتين، لأن الحضارة إنتقلت من الجزيره الفراتية إلى جنوب الرافدين وليس العكس كما كان يعتقد الكثيرين من العلماء في السابق، لكن إكتشاف مدينة “هموكاران” بغرب كردستان، دحض تلك الرواية، وأثبتت العكس تمامآ وغيرت الكثير من المفاهيم والقناعات السابقة. ولقد كتبنا سابقآ دراسة تاريخية حول هذه المدينة الخورية – الكردية العريقة، ونشرها، وبإمكان أي شخص العودة لها وقرأتها للمزيد من المعلومات عنها.
2- مرحلة أوروك (4000 ق.م):
شهدت مدينة “أوروك” السومرية نهضة حضارية قوية في جنوب بلاد الرافدين أي موطن السومريين الكرد، وتمكنت هذه المملكة من توسيع نفوذها حتى شملت مدن: “باخاز، گر براك، ميرا” وغيرها من المدن في غرب وشمال كردستان بحسب تسميات اليوم. قام السومريون ببناء طبقة جديدة فوق الطبقة الأولى التي بناها أسلافهم الخوريين ووسعوا من مساحة المدينة، حتى وصل مساحتها في منتصف الألف الرابع (400) قبل الميلاد إلى ما يزيد على (100) هكتار هذا في عصر أوروك الوسيط، ويشير مخطط المدينة وأبنيتها التي تعود لهذا العصر، إلى مدى ثرائها وإمتلاكها لكميات كبيرة من الذهب والعاج، هذا إضافة إلى نظامها المدني المتطور، والذي سبق نشوء الكتابة نفسها.
ومن الناحية المعمارية، شهدت مدينة “گر براك” تطورآ كبير في عصر سيطرة مملكة “أوروك” عليها، وهذا ما تم إكتشافه من خلال موجودات معبد الإلهة “ناگار” الخورية اليزدانية، أي المعبد الذي أطلق عليه السيد “ماكس مالوان” معبد (العيون) مجازيآ، بسبب كثرة التماثيل الصغيرة التي تميزت بعيون كبيرة وواسعة فيه، حيث عُثر داخل المعبد على مذبح متقن الزخارف، معروض اليوم في متحف مدينة
هلچ (حلب) الحالية، إلى جانب سلسلة من المعابد مشيدة فوق مصطبة عالية لايتعدى عتاريخ أحدثها (4000) سنة قبل الميلاد، إلا بوقت قصير، وتمثل أقدم معابد بلاد الخوريين مع ملحقاتها من المخازن.
كما عرفت مدينة “گر براك” في أواخر عصر حكم مملكة “أوروك” صناعة الأختام، إضافة إلى طبعات سدادات الجرار الفخارية، التي تختلف عن مثيلاتها في جنوب الرافدين، كما عُثر على شواهد صناعات معدنية وأدوات صوانية وأدوات من حجر السبج، وحين حلت حضارة “جمدة نصر (3100-2900) قبل الميلاد”، مكان حضارة “أوروك” في جنوب بلاد الرافدين، إستمرت حضارة “أوروك” في مدينة ” گر براك”، وتابعت تجارتها بالمعادن والمواد الأخرى، التي كانت تنُقل من أقصى شمال غرب كردستان أي (الأناضول)، وكان النحاس من أهم المواد المستوردة من مناجم تلك المنطقة، في حين كان صوف الغنم يعتبر السلعة المفضلة محلياً في (4000) الألف الرابع قبل الميلاد.
3- مرحلة الإحتلال الأكدي (3000 ق.م):
تقريبآ في منتصف (2400) الألف الثالث ظهرت أول إمبراطوية في منطقة الشرق الأوسط تحت مسمى الإمبراطورية الأكدية، وإتخذت من مدينة “أكد” منطلقآ لها، وسيطرت خلال فترة زمنية وجيزة على كافة المدن السومرية في جنوب بلاد الرافدين، ثم إمتد نفوذها إلى شمال – غرب كردستان أي منطقة الجزيره الفراتية، بعدما شنت عدة حملات عسكرية عليها، وبذلك تمكنت من إحتلال العديد من المدن الخورية، ومن ضمنها مدينة “گر براك ونينوى” وبنى الأكديين طبقة ثالثة على أنقاض الطبقة الأولى والثانية في المدينة.
دمر “سرگون الأكدي” في طريقه مملكة “إيبلا”، وإحتل كامل منطقة الجزيره وهكذا تمكن من تأسيس امبراطورية خاصة به، وجعل من حفيده “نارام سن”، مسؤولآ عن مدينة “گر براك” وجعل منها مركزآ لكل المنطقة، ومن هنا شاهدنا وجود الكثير من الأثار الأكدية في المدينة، وكيف أنهم بنوا الطبقة الثالثة للمدينة فوق الطبقة الثانية التي بناها السومريين. وأهم ما وجدناه في المدينة هو قصر الملك “نارام سن” الذي بناه على جزء كبير من معبد الإلهة الخورية (ناگار).
ومن خلال الرُقم المسمارية المكتشفة في مملكة (إيبلا، وتل بيدر)، عرفنا بأن مدينة “گر براك” وصلت إلى أوج إزدهارها السياسي في (3000) الألف الثالث قبل الميلاد، وتفيد رقُم مملكة “إيبلا” أنه نحو العام (2400) قبل الميلاد، كانت مدينة “گر براك” واحدة من بين أهم المدن الخورية في منطقة الجزيره الفراتية، وكانت تشتهر بتربية الخيول المهجنة، التي كان سكان (إيبلا) على إستعداد لدفع أثمان باهظة في سبيل الحصول عليها.
4- المرحلة الميتانية (2000 قبل الميلاد):
في عصر الدولة الميتانية نحو العام (1700) قبل الميلاد، شهدت مدينة “گر براك” توسعآ عمرانيآ كبيرآ وخاصة في جزئها الشمالي من قمة تلتها، وكان ذلك في أواخر العصر البرونزي (1200) قبل الميلاد.
وقام الميتانيين ببناء طبقة جديدة خاصة بهم وكانت الخامسة بالتريب والأخيرة، وعثر في بيوت العصر الميتاني على فخار يشبه ذاك المكتشف في مدينة “نوزي” في جنوب كردستان بالقرب من مدينة كركوك ومنطقة الخابور، كما وعثر على معبد وقصر من هذا العصر، وإحتويا عدداً من النصوص المسمارية، وقطعاً نادرة من الحديد، النحاس، الزجاج إضافة للعاج. وقد سُجل نصين على الألواح المسمارية قسمٌ قاطع تم بحضور الملكين الميتانيين: “تواشرتا، أرتاشومارا”، وكلا النصين مطبوعين بختم ملكي للملك
“ساوستتار.
قام الملكان الأشوريان ” أداد نيراري الأول – 1295/1263″ والملك “شلمنصر الأول – 1274/1245” قبل الميلاد، بمحاصرة مدينة “گر براك” مرتين بهدف السيطرة عليها وضمها إلى إمبراطوريتهم، ولكن
نتيجة الدفاع عن المدينة من قبل أهلها الخوريين – الميتانيين، قاموا بتدميرها وفي مقدمتهم القصر الملكي والمعبد بكل ما فيهما من بشر وحجر وأشياء وممتلكاتٍ وسجلات، حيث عُثر داخل القصر والمعبد أثناء عمليات التنقيب على بقايا من مخلفات: الحديد، النحاس، قوالب لصب المعادن، أدوات برونزية، إضافة إلى كميات من عاج الفيل، فرس النهر، كتل زجاجية، قطع من الخزف المزجج، هذا إلى جانب تمثال من الحجر الكلسي.
في عصر الدولة الميتانية تحولت مدينة “گر براك” إلى مركز تجاري مهم، وفي هذه الفترة تم بناء قصر من طابقين (1500) قبل الميلاد في القسم الشمالي من التلة التي بنيت عليها المدينة، بالإضافة إلى معبد مرتبط به، ولكن الطبقة الميتانية لم تشمل كامل المدينة القديمة، وإمتدت بلدة منخفضة إلى الشمال ولكنها دمرت في المئة السنة الأخيرة بسبب إستخدام أراضيها في الزراعة الحديثة. وفي هذا القصر وجود وثيقتان ميتانيتن قانونيتن كانتا تحملان أسماء الملوك “أرتاشومارا و توشراتا”، تم تدمير القصر بين الأعوام (1300-1275) قبل الميلاد وذلك على دفعتين، الأولى على يد الملك الأشوري “أداد نيراري الأول” ثم خلفه “شلمنصر الأول”.
5- مرحلة الإحتلال الأشوري المتأخر (1000 ق.م):
كما أوردنا أنفآ، بأن الغزاة الأشوريين الدمويين، غزوا المدينة الخورية، وبسبب مقاومة سكان مدينة “گر براك” من الخوريين، وفشلهم في السيطرة عليها قاموا بتدميرها، ولهذا لم يجد العلماء ما يشير إلى بقايا أثرية تعود إلى أواخر العصر الآشوري، فقط عثر على تمثال حجري من هذا العصر، قرب مدينة “گر براك” في السهول المتاخمة للمدينة في الثلاثينات من القرن العشرين. وإضافة إلى ذلك عثر على موقعان رومانيان يقعان أسفل مدينة “گر براك” أحدهما على شكل قلعة، والآخر عبارة عن قرية صغيرة، إضافة إلى مخاضة رومانية تعبر وادي جقجق بالقرب من المدينة.
خامسآ، معتقدات سكان مدينة گر- براك الأصليين:
Bîreweriyên xelkê Gir Birakê yên nijad
الإكتشافات الأثرية في مدينة “گر براك”، وفي مقدمتها المعابد والمذابح التابعة لها، أكدت بشكل لا لبس فيه، أن أهل المدينة الأصليين كانوا خوريين- أسلاف الكرد، ويدينون بالديانة اليزدانية التي تتمحور حول الإله “خور” أي إله الشمش (الشمس). هذا إلى جانب أن المدينة تقع وسط عشرات من المدن الخورية الأقدم والأحدث منها، والتي كانت تدين بالديانة اليزدانية الشمسانية نفسها. ولقد شاهدنا بالدلائل والوثائق الأثرية المكتشفة الكثيرة في تلك المدن، أثناء كتابة دراسات تاريخية حول هذه المدن الأثرية الخورية مثل مدينة: “هموكاران، هسكه، رقه، ميرا، باخوز، درزور”، وغيرها من المدن الخورية الكثيرة في المنطقة مثل مدينة: گوزانة، واشوكاني، أوركيش، تاباكان. وتبين لنا أن سكان جميع هذه الحواضر الخورية – السومرية – الميتانية – الهيتية، كانت تدين بنفس الديانة اليزدانية الخورية. ولقد تحدثنا عن جوهر هذه الديانة في دراساتنا السابقة بشكل مفصل، ومدينة “گر براك” وسكانها الخوريين الأصليين لم يكونوا إستثناءً من ذلك، حيثوا كانوا جزءً من الشعب الخوري وثقافته وتاريخه وعقيدته.
ونحن نعلم أن الشعب الخوري ومعه كل أبنائه (السومريين، الإيلاميين، الكاشيين، الهكسوس، الميتانيين، الهيتيين، الميديين) وأحفادهم الكرد الحاليين، لم يعتنقوا يومآ دينآ أخر، سوى هذا الدين لعشرات ألاف السنين، ولم يعبدوا الأصنام قط، وذلك بخلاف كل شعوب الأرض. وبقيوا على دينهم اليزداني رغم كل ما تعرضوا له من غزوات وإحتلالات، وحتى النبي الكردي “زاردشت” الذي جاء بدين جديد الذي أطلق عليه تسمية (الزاردشتية) نسبة إلى إسم زاردشت، لاقى رفضآ من قبل الأكثرية الساحقة من أبناء الشعب الكردي، ولهذا لم تلقى الزاردشتية إنتشارآ واسعآ بين أبناء هذا الشعب، إلا في حدود ضيقة للغاية، وذلك بسبب تعلق الشعب الخوري – الكردي بدينه اليزداني السمح والمسالم والذي لم يعرف نبيآ.
وكما هو معلوم فإن الديانة اليزدانية تتمحور حول عبادة الإله “خور” أساسآ، ولهذا سميوا (بالخوريين) كونهم كانوا يعبدون الإله “خور”، ونفس هذه التسمية كانت تطلق على الشمس باللغة الكوردية القديمة. ومفردة الشمس باللغة العربية، هي الأخرى مأخوذة عن اللغة السومرية – الكردية، حيث كان السومريين الكرد يطلقون تسمية “شمش” على الخور، وأخذ اليهود هذه التسمية عن السومريين الكرد أثناء وجودهم في كردستان بعد سبيهم من قبل البابليين والأشوريين كعبيد، والعرب بدورهم أخذوا التسمية عن العبرية، وبدلوا حرف (الشين) الثانية بحرف (السين).
ولألاف السنيين كان الشعب الخوري هو الشعب الوحيد، الذي يقيم في المنطقة، والتي كانت تضم البلدان الحالية التالية: (تركيا، سوريا، لبنان، العراق، الكويت، ايران، أذربيجان) وكلها كيانات مصطنعة. وفي كامل بلاد الخورييين، كان أبناء هذا الشعب يعبدون نفس الألهة، ويمارسون نفس الطقوس الدينية، وكلمة “دين” ذاتها مأخوذة عن اللفظة السومرية – الكردية (دينا)، كي لا يزاود أحدٌ علينا نحن الكرد.
إلا أن هذا الوضع أخذ يتغير مع إحتلال الرومان والبيزنطيين الأوباش، بفرض الديانة المسيحية على جزء كبير من أبناء الشعب الكردي بالقوة، أما الغزاة العرب الهمج عندما إحتلوا كردستان، فلم يكتفوا بفرض دينهم الشرير والإجرامي، بل فرضوا إلى جانب ذلك لغتهم على الإمة الكردية برمتها وذلك بحد السيف. هنا جرى التحول العميق والكبير في حياة وتاريخ الشعب الكردي وديانته اليزدانية ولكن للأسوأ مع الأسف، ومنذ ذلك الحين تحول الكرد إلى عبيد عند هؤلاء القتلة والبرابرة المتوحشين، ومازال الكرد يعانون من ذلك حتى يومنا هذا، وبفضل ذلك تغرب الأكثرية الساحقة منهم عن دينهم اليزداني، والقلة القليلة هي التي بقيت على دينها اليزداني، ولكنهم تعرضوا لمأسي ومذابح كثيرة على مدى (1500) عام.
أهالي وسكان مدينة “گر براك” الأثرية، كانوا يتمتعون بنفس الثقافة والدين مثل بقية الشعب الخوري، الذي ينتمون إليه، ويتحدثون ذات اللغة الخورية أم اللغة الكردية الحالية، وكانوا يعبدون نفس الألهة، مثل سكان بقية مدن منطقة الجزيره الفراتية وعموم كردستان، ولقد ذكرنا أسماء البعض منها أنفآ، وغيرها من المدن الخورية – الميتانية – الهيتية.
ومن ضمن الألهة التي كان يعبدها سكان مدينة “گر براك” إله العاصفة (تيشوب)، الذي كان يعتبر ملك الآلهة هذا إضافة إلى إلهة الأم (هيبات)، التي كانت إلهة الشمس عند الهيتيين (الحثيين)، وكانت زوجة لإله العاصفة (تيشوب). وإلى جواهما، كان يوجد الإله (شاروما)، وهو إبن كل من إله العاصفة وإلهة الأم، الإله (كوماربي) وهو بدوره سلف إله العاصفة، وكانت مدينة “أوركيش” التي يطلق البعض عليها تسمية (گريه موزان)، المركز الرئيس لعبادة هذا الإله. وكان هناك إلهآ أخر، هو إلهة الخصوبة والحرب والشفاء ويسمة بي (شاوشكا)، التي كان مركزها في نينوى. وإلى جانب كل هذه الألهة، كان هناك إله الشمس (شيميگي)، وإله القمر (كوشوه).
ولليوم الكرد اليزدانيين، يمارسون نفس العبادات ذات الطقوس الدينية اليزدانية التي كان أبناء الشعب الكردي يمارسونها قبل عشرات الألاف، وأي زائر للقرى والبلدات اليزدانية اليوم سيجد ذلك بإم عينه،
وخاصة إذا زار منطقة “شنكال”. ولليوم هناك العشرات من القرى الكردية في منطقة الجزيره الفراتية، التي يدين سكانها بالديانة الخورية – اليزدانية، والإيزيدية فقط فرقة منها وهناك فرق عديدة إنشقت عنها بسبب الإحتلالات المتعددة لكردستان كالإحتلال الداعشي الأخير.
المعبد اليزداني الذي كان يتعبد سكان المدينة فيه ويتوسلون لألهتهم، دفن تحت الأبنية الجديدة التي بنيت في موقع المدينة الأثرية، بعد هدمها كاملة وجرفها بالبلدوزرات والجرفات الكبيرة، على يد زمرة بعثية عنصرية إجرامية، بهدف محو الهوية القومية لهذه المدينة الخورية.
وفي تلك الحقبة الزمنية، كانت هناك معتقدات وليست أديان بالمعنى المعروف لنا حاليآ، ولم يكن هناك رسول أو ما أطلق عليهم لاحقآ تسمية الأنبياء. والألهة كانت كثيرة للغاية، بحيث كل شأن كان له إله خاص به ومسؤولآ عنه، ومن هنا جاء تعدد الألهة، والكرد الخوريين كانوا متسامحين للغاية مع معتدات الأخرين، ولم يمنعوا الأخرين من ممارسة عباداتهم وطقوسهم الدينية الخاصة بهم. ولم تعرف البشرية قط الحروب الدينية، إلا بعد ظهور اليهودية كديانة شمولية، ولحقت بها المسيحية والإسلام والثلاثة أسوأ من بعضهما البعض وأديان شمولية شريرة.
وأكثر إلهة عرفتها مدينة “گر براك” وقدمت لها القرابين وتم عبادتها كانت الإلهة “ناگار”، ونتائج البحث
الذي قامت به البعثة الأثرية التي نقبت في معبد الإلهة “ناگار” الذي عثر عليه في الطبقة الأولى والثانية، أشارت أنه كان واحد من بين أقدم المواقع الدينية المنظمة في منطقة الجزيره الفراتية ومنطقة شمال بلاد ما بين النهرين. ويعتقد العلماء أن تماثيل “العيون” التي وجدت في المعبد، كانت عبارة عن قرابين نذرية تقدم للإله “ناگار”. وهذا المعبد الخوري اليزداني، كان بمثابة محج للناس، ويحجون إليه من كل المنطقة المحيطة بالمدينة. وإلى جانب الإلهة “ناگار” كان هناك ألهة أخرى يعبدونها سكان المدينة مثل الإلهة “بيليت” و الإله “گورا”، و الإله السومري “شگان” المسؤول عن رعي الحيوانات والريف. وظلت مدينة “گر براك” مركزآ دينيآ مهمآ، وحرية العبادة فيها كانت مكفولة للجميع، وإحتفظ معبد المدينة الرئيسي بأهميته الدينية في كامل المنطقة، حتى أوائل الألفية الثانية قبل الميلاد.
سادسآ، معنى تسمية مدينة گر- براك وأصلها:
Wateya navêbajarê Gir Biraê û koka wî
جرت العادة أن يبحث الكتاب العرب المستعربة، عن أي قشة يتمسكون بها وينفخون فيها كثيرآ ويجعلون منها سندآ لهم في إدعائهم لملكية المدينة، والقشة هنا المقصود بها، أي كلمة تشبه إسم المدينة التاريخي، هذا ما فعلوه عند الكتابة عن أي مدينة أثرية من المدن الخورية – السومرية – الميتانية – الهيتية، ومن خلال ذلك النفخ أي الكذب والتزوير، كانوا يمهدون لإدعائهم أن المدينة عربية!!!!
لكن في حالة إسم مدينة “گر براك” الخورية، لم يستطيعوا العثور على أي قشة يستندون إليها، ويسوقون أكاذيبهم من خلالها، فلجؤوا إلى حيلة أخرى لكن أكثر قباحة ورخصآ، حيث كتبوا في كتاباتهم ما يلي: “إن إسم المدينة التاريخي غير معروف وصمتوا صمت القبور!!!!”
لكن الغريب إن هؤلاء المدلسين والكذابين، لم يتحدثوا بكلمة واحدة عن تسميتها الحالية أي (براك). ولم يتسألوا من أين أتت هذه التسمية؟ ومن الذي أطلقها عليها ومتى؟ وماذا تعني هذه التسمية، ولماذا سميت بهذا الإسم؟ السؤال الأخر: لماذا لم يقوموا بمقارنة إسم هذه المدينة بأسماء مدن أخرى مشابهة لتسميتها في المنطقة؟
إن سبب إمتناع هؤلاء الكذابين من الكتاب العرب المستعربة، الخوض في هذه الأسئلة والإجابة عنها، لهو دليل واضح على معرفة هؤلاء اللصوص بمعنى إسم المدينة، وأن إسمها كردي بحت، لهذا تجنبوا الخوض فيه. سوف نناقش معنى الإسم وأصله، ولكن بعد قليل وباللغتين الكردية والعربية على حدٍ سواء.
هناك مجموع صغيرة منهم حاولوا، إبتداع كذبة أخرى، ولكنهم لم ينجحوا في مسعاهم الخبيث أي تمييع هوية المدينة القومية الواضحة لهذه الحاضرة الخورية العريقة، حيث إدعوا قائلين: أنها كانت في السابق تسمى “ناگار”، وهي إلهة خورية في كل الأحوال (ولكن يدعون أنها أكدية)، وقالوا أن هذه التسمية تعني (نوار)، وهذا غير صحيح نهائيآ، وبدليل ولا عالم وباحث من اولئك الذين نقبوا وعملوا في موقع المدينة، تبني هذا الرأي، وأنا أعتبره مجرد ترهات لا تستحق الحديث عنها.
بعض العلماء والباحثين يعتدقون وجود مدينة إسمها “ناگار”، التي أشارت إليها النصوص التاريخية في الألفين الثالث والثاني قبل الميلاد، وهذه النصوص وجدت في مدينة “گر بيدر”، التي تبعد عن مدينة
“گر براك” حوالي (45) كم من الجهة الغربية، ولم يستطع العلماء العثور على هذه المدينة للأن، ولم يتبنى أي باحث ومختص هذه الإشارة الضعيفة. أنا شخصيآ أميل إلى الرأي القائل: أن هذه التسمية ربما تبلورت وظهرت على لسان الناس في المدن والقرى المجاورة لمدينة “گر براك”، حيث أطلقوا عليها هذه التسمية تحببآ بها لوجود معبد يحمل إسم الإلهة “ناگار” فيها، بدلآ من ذكر وإستخدام إسم المدينة، وهذا يتماشى مع فكرة حج الناس إلى معبدها الموجود في وسط المدينة. وفي يومنا تسمع الناس يقولون أنهم ذهبوا إلى “لالش”، وهم في ظنهم يقصدون مدينة “شنگال” التي تحتضن معبد “لالش” المقدس في جنوب كردستان. مثال أخر، عندما يسافر أحد المواطنيين المصرين إلى مدينة القاهرة يقول: أنا ذاهب إلى مصر!! مع العلم هو ذاهب إلى مدينة القاهرة. المصريين يقولون ذلك لأنهم يختصرون مصر في عاصمتهم القاهرة، وهناك أمثلة مشابهة كثيرة وفي بلدان عديدة.
إن إسم هذه المدينة الخورية قديمآ أي عند التأسيس ولا يزال هو نفس الإسم: “گر براك”، وهي تسمية كردية بحتة، ومؤلفة من لفظتين الأولى (گر)، ولها معنيين إلى يومنا هذا. المعنى الأول (تلة). والمعنى الثاني لها هو (ضخم، أكبر). أما المفردة الثانية فهي (براك)، وتعني الأخ أو الشقيق. وبالتالي المعنى الكامل للتسمية هي: المدينة الشقيقة أو الكبرى. قد يتسأل وعن حق شقيقة أي مدينة في هذه الحالة؟ هي مدينة “گر برى”، والتي غير إسمها المحتلين العرب إلى (تل بري) بشكل مقصود للتعتيم على هويتها القومية ضمن سياسة شوفينية ممنهجة. وتقع إلى الشمال من “گر براك” بحوالي 20 كيلومتر أو لربما أقل من ذلك، وعلى نفس الخط أي نهر جقجق القادم من شمال كردستان، ويتحد مع نهر الخابور قبل وصولهما إلى نهر الفرات ويصبان فيه.
Nivîskarên erebkirî ewên derwên û fêlbaz, vê carê nikanîbûn “qalekî an qirşekî” bibînin û pufêkin û mezin bikin û bi vî şêweyî çîrokek derewên avabikin û bajêr bi yê xwe kin. Qal yanê navekî nêzîkî navê bajarê “Gir Birakê” peydakin û pala xwe pêdên û li dawiyê bibêjin ev bajar yê erebaye, wek çawa pir caran berî wê wisa kirin û xwastin dîroka gelê Kurd û kal û babên wî ro nîvro bidizin û bi ya xwe kin.
Jiber kû van diz û sextekaran nikanî bûn çîrokê jiber xwe çêkin û hemû xelkê pê bixwapînin, me dît ew vê carê kok bêdeng man!!! Û ev jî neji xislet û toreya wan e. Û ji xwe pirsnekirin û negotin:
Gelo, ev navê bajêr (Gir birak) ji ku hatî û kê lêkirî û kengî?? Gelo, wateya navê vî bajarî çî ye?? Ev nav ji kîjan zimanî hatî??
Û gelek pirsên din ji xwe nekirin. Li gor min, sedema kû van sexetekaran ev pirs ji xwe nekirin û li ser ranewestîn, jiber kû baş dizanin kû navê bajêr kurdî ye û ji destpêka damezrandina bajêr de navê xwe ev bû ye.
Navê bajarê “Gir Birak”, navek kurdî resen û zor kevnar e û ji roja ev bajar hatî damezrandin ev nav lêkirin û navê xwe wisa ma. Nivîskarên erebkirî, jiber kû nikanîn navek erebî nêzîk navê bajêr bidîtina, gotin navê bajêr yê nijad nediyar e û ev jî nerast e û tevî derew e!!
Navê bajêr têgînek lêkdirev e û ew ji du peyvan pêktê. Peyva yekemîn (Gir) kû tê wateya (mezin, gewre). Peyva duyemîn (Bira) û wisa navê bajêr tê wateya
“Birayê gir an Birayê mezin”. Ev bajar wek birayê bajarê “Bira” kû doran (20 km) li bakûrî bajarê “Gir Birakê” dikeve û ew jî li rojavayê çema Çeqçeqê dimîne.
Bira: أخ
-k: لاحقة، إضافة
Bira + k ——-> Birak: الأخ
Gir: تلة
Gir + birak ——-> Gir Birak (Girbirak): الأخ الكبير، الشقيق الأكبر
يتبع …
نهاية الحلقة الثانية وإلى اللقاء في الحلقة القادمة.
نحن في إنتظار أرائكم وملاحظاتكم ومنكم نستفيد.