العالم سينقسم الى قسمين :- كامل سلمان

هذه نظرة الى العالم في المستقبل ، وليس هنا المقصود بالمستقبل البعيد ، قد يكون في السنين القليلة القادمة … بنظرة موجزة لما يجري في بعض الدول ، وأعني بالدول التي فيها صراعات داخلية وفساد مستشري ومن تراجع للمعرفة وتخلف حضاري وصراعات دينية وإثنية وصراعات حول المياه ومجاعات وكثرة البطالة ، هذه الظروف العصيبة التي تمر بها هذه الدول ستؤدي الى خلق مجتمعات متخلفة حد النخاع ، وستشمل تلك المتغيرات مجتمعات متوزعة في دول عديدة قد تصل الى ان تكون هي الجزء الأكبر من عالمنا الذي نعيشه سوية ، هي البقعة الأكثر عددا وأكبر مساحة ، وفي المقابل هناك مجتمعات تتسابق مع الزمن والتطور العلمي وكل قوانين الحياة عندهم أصبحت خاضعة للعلم ، فأصبحت هذه المجتمعات المتطورة في وادي والمجتمعات المتخلفة في وادي ثاني ، فقد يصل الفارق بينهما الى الحد الذي يرفض فيه الطرف المتطور العلمي الصحي التعامل والاقتراب من الطرف المتخلف الجاهلي المريض ، خوفا من الامراض وخوفا من الإرهاب وخوفا من كل انواع العدوى فيصبح عندنا العالم مقسم الى قسمين مختلفين في كل شيء ، حتى الناس في القسم الاول سيختلفون في طبائعهم وتركيبتهم عن القسم الثاني ، عندها ستتوقف الهجرة واللجوء والتواصل بين هذين العالمين اللذين لن يلتقيا بعدها ابدا ، وحتى الحدود تغلق وسينقطع كل شيء الا شبكات المساعدات الإنسانية التي سيكون دورها التخفيف من وطأة الاحمال التي ابتلت بها هذه المجتمعات المتخلفة ، طبعا والنتيجة ان هذه الدول المتخلفة ستزداد تخلفا وتزداد دموية ولا يبدو لها اي بصيص ضوء في الافق لأن عوامل التخلف والدمار والامراض هي نفسها ستتعاظم في داخلها . سيصبح على كوكب الارض عالم الحياة البدائية وعالم المستقبل المتطور ، العالم البدائي سينتهي فيه التعليم وستنتهي عندهم الحضارة ، هذا الفارق سيزداد كلما مرت السنين الى ان تصل الامور ان تصبح مجتمعات القسم البدائي الذين سيتضاءل اعداد سكانها بسبب الحروب والمجاعات والاوبئة الى نسب مخيفة ، فعندها ستقوم الدول المتطورة ببناء محميات لكل مجتمع متضرر من مقومات الوجود والآيلة الى السقوط النهائي في مواقع مصغرة حفاظا على ما تبقى من هذه المجتمعات من الانقراض مثلما حدث لبعض سكان بعض جزر المحيط الهادىء ومثلما حدث للهنود الحمر ومثلما حدث لبعض قبائل حوض الامزون ومثلما حدث ايضا لبعض الكائنات من غير البشر التي لها محميات لأجل البقاء والحفاظ عليها من الانقراض .
هذا الكلام هو مجرد خيال ، ولكن هذا الخيال ينطلق من الواقع ، الواقع يقول انك اليوم تعيش صراعات دموية مع اخيك في الوطن وتنهش جسده وتمتص دمه وتصر على الاستمرار في هذا النهج ، فماذا تتأمل من نهايات هذه الصراعات ، فهل هناك سيناريو متوقع افضل من هذا السيناريو الذي يمتزج بالخيال ، وكم من مخيلة في التأريخ اصبحت واقع وثبتت مصداقيتها .
السيئوون في المجتمعات عندما تكون السلطة تحت ايديهم ويكون منهجهم العنف والسرقة والخداع والفساد في الارض ويرفضون اي اصلاح ، عليهم ان لا يظنون أنهم في الجانب الآمن وغيرهم في عذاب مقيم ، مهما جمعوا من اموال ومهما جيشوا من قطيع ومهما استوت لهم الامور سيكون مصيرهم وحالهم حال من تبقى سيعيشون في المحميات في حياة هي اقرب الى حياة حيوانات البراري . هذا ليس قانون مصطنع ، هذا قانون الحياة ، الحياة لا تسير بأهواء المنحرفين ، العمل السيء لا ينتج ثمر حسن ، وعليهم ايضا ان لا يظنون بأن الحياة ستضحك لهم بأن يهاجروا بأموالهم الى بلدان التطور ، هذا الشيء سيتوقف في المستقبل المنظور لأن السيناريو المطلوب هو ان يبقوا في بلدانهم يعيثون فسادا الى ان تكون عاقبة أمرهم خسرا ، ولكي تكتمل خيوط التخبط التي حيكت داخل الافكار والعقائد الميتة ، تلك الافكار التي ديمومتها قائم على سفك الدماء .
على الجميع ان يعلم بأن الحياة هي واحدة والموت هو واحد وطريق الحياة بإتجاه واحد أي لا رجعة فيها ، وأي تغاضي وسكوت على المناهج الخاطئة سوف تعود بضررها على الساكت أكثر من فاعل الخطأ حتى وان كان الساكت بعيدًا عنها بادىء ذي بدء .
الإنسان الذي لا يكيف نفسه لدخول معترك الحياة بقوة ولا يعود نفسه على المواجهة والتحدي والمطالبة بحقوقه سيموت تدريجيا وسيفقد قيمة وجوده كإنسان وعندها لا يندب حظه لأنه رضي بما آلت إليه امور حياته ، ورضي ان يكون مع الخوالف ، فالحياة علمتنا ان طعمها بالحرية والاصلاح والكرامة واسترجاع الحقوق لا بالسكوت والخنوع . . . ان تتخيل نفسك تعيش حياة المحميات فقط لتبقى بعيدا عن الانقراض صورة قاتمة مهينة تنفرها النفس البشرية ، فكيف يستسيغها بعض الناس ، ولا يبادرون الى تغيير الواقع بأيديهم غصبا على ما يقرره المنحرفون الغافلون الذين هم سائرين بالعباد الى المجهول او الى الهاوية ، ومازالت المبادرة بأيديهم إن أرادوا إصلاحا . اصلاحا لأنفسهم ولمجتمعاتهم .

2 Comments on “العالم سينقسم الى قسمين :- كامل سلمان”

  1. تنبؤ سليم ونظره سديده.. وبالدليل قبل عدت سنوات ولحد الان جوازات الكثير من الدول الشرق اوسطيه ومن ضمنها العراق غير معتبره وغير مرغوبه وبالمعنى الصحيح شعوب غير مرحبه بالدخول الى الاوطان الديمقراطيه المتقدمه حتى ولو بصفه سواح ودمتم على هذه المقالات الاكاديميه وشكرا

Comments are closed.