التطورات الأخيرة في عالم الكرة المستديرة شهدت الغرائب في منطقتنا ، وهذه المرة عن التسمية المعتمدة لبطولة الخليج العربي بعد الاعتراض الايراني المتأخر على التسمية التي كان من المفروض تسمية البطولة بأسم الخليج الفارسي ، فأصبح الناس خصمان يختصمان حول اصل التسمية ، كل طرف احضر معه ما يستطيع من أدلة لإثبات صواب رأيه ، ثم فجأة يظهر طرف ثالث مهادن مسالم ليضع حلول وسطية كأن يسميه خليج اسلامي ، ، ، الوثيقة التأريخية الوحيدة التي يمكن قبولها للتحقق من اصل الخليج عربي او فارسي او هندي او صيني هو ما يقرره سكان المدن وليست الدول المطلة على الخليج ، وهذا شيء بسيط جداً ان تقوم الامم المتحدة بأجراء التصويت على اسم الخليج فقط من خلال ابناء الخليج الاصليين وينتهي الامر ، ولكن الامم المتحدة لا تستطيع فعل ذلك لأن اي شيء محط خلاف واختلاف في كوكبنا هو مصدر رزق للدول المهيمنة على الامم المتحدة ، حتى ولو ان ايران وافقت على تسمية الخليج بالعربي سيأتي الاعتراض من الامم المتحدة ومن جوجل والمحكمة الدولية ومن المنظمات الدولية الاخرى ، وكذلك لو اعلنت الدول الخليجية بقبول تسمية الخليج بالفارسي سيأتي الاعتراض عليها من الامم المتحدة والمنظمات التابعة لها . فلا تتعبوا أنفسكم ولا تصدعوا رؤوسنا بالتسمية فليحتفظ كل طرف بالتسمية التي تعجبه ولا تؤججوا الفتن ، فأصل المشكلة وحلولها ليست بأيديكم . التسميات التأريخية لا تعني ان هذا دليل قطعي على صحة وثبات التسمية ، لو قام اي شعب بالتصويت على تغيير اسم دولته او عاصمته او مدينته فالأسم الجديد سيكون هو الاسم المعمول به عالمياً لأنه جاء عن طريق الرأي العام والتصويت المحلي ويصبح الاسم الجديد هو الاسم الشرعي بلا خلاف ، اما التسميات التي جاءت عن طريق القوة او الاحتلالات او من خلال الامبراطوريات حتى وان كانت مصدقة ومثبتة تأريخياً فشرعيتها تسقط عندما يقرر سكانها واهلها اختيار اسم ثاني . فأنا اليوم على سبيل المثال قررت ان أغير اسم المحل التجاري الذي امتلكه لعشرات السنين ، هل ان القانون سيمنعني من اختيار اسم جديد لمحل هو ملك لي ، وكذلك إذا أردت تغيير اسمي انا في السجلات الرسمية ، هل القانون سيمنع ذلك ؟ يستطيع سكان الخليج الذين عاشوا على هذه الارض المحاذية لماء الخليج لألاف السنين اختيار وتغيير اسم الخليج بما يشاءون ويستطيعون تغيير الاسم بين فترة واخرى فهي مياههم وهم اصحاب الحق في التسمية وليست حكومات الدول من تقرر ذلك ، ولكن كما قلنا للأسف هذه المياه محل فتنة وصراع مستقبلي وعلى جميع الاطراف ان يكونوا ادوات تلك الفتنة ومحرقة لها …. انا اوجه حديثي الى الاطراف والشخصيات التي تدعي انها واثقة جداً من الوثائق التي بحوزتها وأقول لها هل ستنفعكم تلك الوثائق لو قررت الامم المتحدة اعلان التصويت على تسمية الخليج حصرياً لسكان المدن المطلة على الخليج ؟ للأسف انتم اصغر من ان تستوعبوا هذه الحقائق ، فمرة تسمونها حقائق تاريخية ومرة تسمونها حقائق جغرافية ومرة تسمونها حقائق سياسية ولا تعيرون اي اهتمام لسكان واهل الخليج . . كثير من الدول غيّرت اسماءها فمثلاً بلاد فارس اصبحت ايران ، بلاد نجد والحجاز أصبحت السعودية وغيرها في مختلف بقاع العالم ، فالسؤال إذا اراد اي شعب من شعوب هذه الدول بتغيير الاسم الجديد او القديم الى اسم أخر هل هناك من مانع ، المياه الدولية فقط اي التي سميّت بالبحار والمحيطات وليست المياه الاقليمية يحق للأمم المتحدة ان تختار لجان من الخبراء لاختيار التسمية لها ، اما في حالة الخليج واي خليج فهناك سكان اصليون يعيشون من منذ الاف السنين حوله ويعتاشون عليه ، وترى ثقافتهم وعاداتهم وتقاليدهم مستوحاة من تلك المياه الخليجية فهم وليست الامم المتحدة وليست البلدان التي هيمنت عليها ولا التي احتلتها فهم وحدهم لهم الحق في اختيار التسمية ، ، ، انظروا الى التسمية التي يتصارع عليه العرب والفرس انها ( تسمية قومية عنصرية ) ومصدر للفتنة ، الفرس يعترضون على اسم ( الخليج العربي ) وهم يؤمنون بالقرآن العربي والآذان العربي والأئمة العرب والقيادات الدينية العربية الاصل والعرب يعترضون على اسم الخليج الفارسي ومعظم شعوب الخليج ثقافتهم فارسية ، انها والله واحدة من الفتن وسنكون شاهدين نحن أو أبناءنا على صراعات دموية كبيرة من وراء هذه التسمية التي لا تزيد ولا تقلل من قيمة الماء والسماء . الضجة اليوم جاءت في وقت إقامة بطولة خليجي ٢٥ في البصرة ، فماذا لو تم توجيه الدعوة لإشراك المنتخب الايراني لكرة القدم بهذه البطولة الخليجية ؟ أكيد سيلبون الدعوة بكل سرور ولكن بشرط تغيير تسمية بطولة الخليج العربي الى بطولة الخليج الفارسي ، اي العودة الى المربع الاول الذي كان سبباً لتأسيس هذه البطولة التي جاءت كردة فعل من الدول الخليجية لاحتلال ايران للجزر العربية الاماراتية الثلاث في عام ١٩٧٠ م ( طنب الكبرى وطنب الصغرى وابو موسى ) . الخلاف سيستمر وهو في منحى تصاعدي والحقد العربي الفارسي في منحى تصاعدي خاصة بعد ان اصبح لكل قومية مذهبه الخاص وولاءاته الخاصة في هذا الصراع المصيري ، والصراع في منحى تصاعدي في كل الجوانب والمجالات ، وما اسم الخليج الا جانب من جوانب هذا الصراع الكبير الواسع ، ولكن تبقى كلمة اخيرة وهي الحقيقة المطلقة بلا أدنى شك لكل ما حدث ولكل ما يحدث وهي ان الخاسر الوحيد في كل هذه الصراعات هو الشعب العراقي وليس الفرس او العرب الخليجين ، العراق سيكون وكما تعود سابقاً ان يكون مضيافاً للمشاكل والهموم والحروب والتصفية والسبب هو رخص دم الإنسان العراقي من ناحية ومن ناحية ثانية قدرة كل من الفرس والعرب من خداع العراقيين كما خدعوهم مئات المرات من قبل ! ولا ننسى ان القوميين والطائفيين اسمان لفايروس واحد هو الفايروس القاتل لهذا الشعب .